بعد فشل اللجنة التقنية المنبثقة عن لجنة مؤشر الغلاء في تقريب الأرقام بين أصحاب العمل والعمال حول ارتفاع الأسعار وتأثيرها في مستوى استهلاك الأسر، فإن الانظار تتجه الآن الى الحكومة المقبلة للبت في هذا الموضوع. وفيما تتوقع جميع الأطراف المعنية بهذا الملف أن تبحث الحكومة موضوع الأجور على خلفية سياسية لا سيما ايجاد صيغة ترضي الجميع، رفض ممثل جمعية الصناعيين في لجنة مؤشر الغلاء شارل عربيد أي زيادة على الأجور بما في ذلك الحد الأدنى، في حين أكد رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن ضرورة تصحيح الأجور بشكل يؤدي الى مضاعفة الحد الأدنى وزيادة شطور الأجر.
أما اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة فقد أبدى ليونة في بحث زيادة الحد الأدنى من جهة، وتشدداً تجاه تصحيح الأجور، بحسب رأي سابق لنائب رئيس الاتحاد روبير دباس لصحيفة "المستقبل"، كما أن ممثل الاتحاد في لجنة مؤشر الغلاء البير نصر أوضح "أن الاقتطاعات الضريبية من مداخيل الأسر هي التي تؤثر في الوضع المعيشي وليس أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية الأساسية".وكانت إدارة الاحصاء المركزي قد قدمت في اجتماع اللجنة التقنية الأخير دراسة أوضحت فيها أن تطور أسعار الاستهلاك للأسر ذات فئات الدخل أقل من مليون و200 ألف ليرة شهرياً بين كانون الأول 1998 وحزيران 2004 هو 7.7 في المئة.
وفي هذا الإطار أوضح غصن لـ"المستقبل" أن الدراسة التي قدمها الاحصاء المركزي غير كافية لبناء رؤية واضحة عن النسب الحقيقية التي يجب أن تعتمد لزيادة الأجور، في حين أن المطلوب دراسة عن واقع الأجور وقدرتها الشرائية انطلاقاً من الحد الأدنى الحالي ومقاربته للواقع، مشيراً الى أن ادارة الاحصاء "لا تمتلك معطيات حالياً عن هذه الأمور وأن إنجاز هذه الدراسة يتطلب حتى شباط المقبل". وقال غصن "على الرغم من الاجتماعات التي عقدتها اللجنة التقنية فإن الأرقام بين أصحاب العمل والعمل والاحصاء المركزي لا تزال متباعدة".وأضاف "لقد تم الاتفاق خلال الاجتماع الأخير على وضع محضر نهائي لرفعه الى لجنة المؤشر على أن يدعو وزير العمل هذه اللجنة للاجتماع لرفع التوصيات النهائية حول الأجور الى مجلس الوزراء، الذي سيتخذ قراره على أساس سياسي بعدما تعذر الوصول الى رؤية موحدة بين الأطراف المعنية". ورأى غصن ضرورة مضاعفة الحد الأدنى للأجور وزيادة الأجور بنسب متفاوتة لا سيما الأجور المتدنية".
من جهته قال عربيد: "لنا ثقة بالنتائج التي خرج فيها الاحصاء المركزي، وهذا يدل على أن الارقام التي جاءت في دراسة أصحاب العمل قريبة جداً من الواقع". وأشار الى أن جمعية الصناعيين اتخذت قراراً في اجتماعها الماضي بعدم القبول بأي زيادة على الأجور بما في ذلك الحد الأدنى للأجور".واعتبر أن الظروف الاقتصادية التي تمر فيها المؤسسات الصناعية لا سيما ارتفاع تكلفة الانتاج والتي تفاقمت أيضاً مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، يجعل القطاع الصناعي غير قادر على تحمل أي زيادة على الأعباء التي يتحملها".وأضاف "نحن كجمعية صناعيين نتفهم أوضاع العمال وحريصون على تعزيز أوضاعهم والحفاظ على ديمومة عملهم".ورأى عربيد ضرورة استمرار الحوار بين أصحاب العمل والعمال للضغط على الحكومة لمعالجة الأوضاع المعيشية والاجتماعية وتكلفة الانتاج.
أما نصر فقد أوضح أن المحاولات التي قامت بها اللجنة التقنية للتوفيق بين أرقام العمال وأصحاب العمل لم تؤدِ الى نتيجة تذكر، لأن الاحصاء المركزي ليس لديه المعطيات الكافية لتزويد اللجنة بالدراسات المطلوبة. مشيراً الى أن أرقام دراسة اتحاد الغرف حول مؤشر الغلاء هي قريبة من الواقع، وقال نصر:" لا يوجد تضخم في الاقتصاد اللبناني، وكنا نتمنى أن يكون في هذه المرحلة بالذات بعض التضخم، لأن من شأن ذلك دفع الاقتصاد نحو النمو الحقيقي". مؤكداً "ان حركة الأسعار هي دون النسب التي تعتبر تضخمية"، وأضاف "نعيش في فترة هدوء الأسعار نتيجة تراجع الطلب الكلي، وهذا واضح من الشكوى اليومية لمؤسسات الأعمال". وتابع "الوضع الاقتصادي كله هو حجة لنقول إننا لا نعيش في فترة تضخم تتطلب رفع الأجور".
ورأى نصر "ان موضوع الأجور هو موضوع سياسي أكثر مما هو مرتبط بحركة الأسعار، ومرات يقر بغض النظر عن ارتفاع الأسعار، مؤكداً ضرورة الأخذ بمعيار حركة الأسعار كشرط أساسي لتصحيح الأجور. وأشار الى أن أسباب الضائقة الاجتماعية والمعيشية تعود الى الاقتطاعات الضريبية من مداخيل الأسر.
على صعيد ثان، وكما ذكرت صحيفة السفير اللبنانية، أطلق تجمع رجال الاعمال اللبنانيين صرخة الى جميع المسؤولين كي يعوا دقة المرحلة والواقع الاليم الذي يعيشه الوطن والمواطن، داعياً إياهم الى الخروج من المأزق الحكومي على أساس إعطاء الاولوية لمعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والادارية المتعثرة. وعقدت الإسبوع الفائت الهيئة الادارية لتجمع رجال الاعمال اللبنانيين اجتماعها الدوري برئاسة ارمان فارس وحضور أعضاء الهيئة الادارية، بحثت في خلاله في الاوضاع التي تمر بها لبنان . وأصدرت بيانا أعلنت فيه :" انه في ظل الظروف السياسية الحالية التي أوصلت الوطن الى مستوى من الجمود والركود لم يشهد له مثيل، يطلق التجمع صرخة الى جميع المسؤولين كي يعوا دقة المرحلة والواقع الاليم الذي يعيشه الوطن والمواطن والذي يتجه نحو الخط الاحمر حيث تصعب بعدها المعالجة".
ولفت التجمع في بيانه :" الى وجود استحقاقات كبيرة تنتظر لبنان على المستوى الداخلي والخارجي، ولكن ثمة أمورا تحتاج الى معالجات فورية، أهمها قطاع الكهرباء الذي أوصل البلاد الى الظلمة التي ما زالت تهدد بالعودة مجددا، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يعاني من تأخير خطير في دفع مستحقاته، إضافة الى ضرورة تطمين المجتمع الدولي حول نيات الحكومة اللبنانية في مجال القيام بالتزاماتها لجهة السياسة المالية الرشيدة ومعالجة الدين العام والخصخصة والاصلاح الاداري ومكافحة الفساد". ودعا جميع المسؤولين الى الخروج من المأزق الحكومي على أساس إعطاء الاولوية لمعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والادارية المتعثرة، والتعهد في شكل واضح بإيفاء التزامات الدولة الداخلية والخارجية.(البوابة)