ما العلاقة بين تفاقم مديونية الأردن والغاز المصري؟

تاريخ النشر: 09 أكتوبر 2012 - 11:27 GMT
أقل ما يمكن أن يقدمه الجانب المصري الالتزام بضخ كميات الغاز المتعاقد عليها مع الأردن
أقل ما يمكن أن يقدمه الجانب المصري الالتزام بضخ كميات الغاز المتعاقد عليها مع الأردن

تجاوز الدين العام في نهاية الثلث الثاني من العام الحالي حاجز 15.7 مليار دينار ( 22 مليار دولار )، ويمكن القول ان العامل الحاسم برفع هذا الدين الى مستويات قياسية ارتفاع فاتورة الطاقة بخاصة توليد الطاقة الكهربائية التي ترتفع يوميا بحسب ارقام رسمية خمسة ملايين دولار بسبب توقف ضخ الغاز المصري تارة، وانخفاضه تارة اخرى الى 20% من الكمية المتعاقد عليها مع الحكومة المصرية، بدون تقديم اساب حقيقية لهذا الانقطاع او انخفاض الكميات الواردة الى الجانب الاردني.

عدم وفاء مصر مع الأردن لا يرتبط بتفجير انابيب الغاز إنما لأسباب اخرى اهمها تحول محطات توليد الطاقة الكهربائية في مصر من استخدام زيت الوقود الى الغاز في ضوء ارتفاع اسعار النفط عالميا، الأمر الذي زاد الطلب المصري على الغاز، وفي نفس الوقت واصلت مصر تزويد اسرائيل بالغاز لأسباب تعاقدية، اذ تجد مصر امام عقود مُحكمة مع اسرائيل التي أبرمت هذا التعاقد من خلال شركة امريكية مملوكة بالكامل لإسرائيل، وهنا ادخلت اسرائيل بعدا امريكيا في هذا التعاقد، ولا تستطيع مصر التملص منه، بخاصة ان مصر وامريكا وقعتا على اتفاقيات تجارية واستثمارية مهمة، في مقدمتها اتفاقية التجارة الامريكية المصرية، كما ان المنازعات التجارية بين طرفين دوليين احدهما امريكا يحال لهيئة التحكيم الأمريكية في نيويورك التي تفصل بالمنازعات بسرعة وغالبا ما تكون قاسية ومنحازة للطرف الأمريكي.

أما التعاقد بين الأردن ومصر هو محكوم باتفاقية بين حكومتين، ويحرص الأردن على سلامة علاقات التعاون مع مصر والدول العربية بشكل عام، لذلك يجد الأردن نفسه في موقف لا يحسد عليه، ولم يسلك طريق التقاضي لتحصيل حقوقه التعاقدية مع الجانب المصري، بالرغم من الأعباء المالية والتقنية الكبيرة الناجمة عن انقطاع الغاز المصري وعدم الوفاء بالتعاقد مع الأردن، وفي هذا السياق فإن المفاوضات بين الجانبين على كافة المستويات لم تحل هذه المعضلة، حيث سمع الأردن الكثير من الوعود إلا أنها ذهبت ادراج الرياح. فالأردن الذي يعاني أزمة طاقة طاحنة تؤثر على العجز التجاري وتخفض بقسوة الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية، يستضيف حاليا أكثر من نصف مليون عامل مصري وافد يعملون في قطاعات اقتصادية مختلفة ويتلقى دعما مباشرا وغير ومباشر ويعامل معاملة العامل الأردني، بما يزيد من الأعباء المالية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا يتطلب تعاملا اكثر انصافا من الحكومة المصرية للاردن بينما تنصاع للشروط التعاقدية الاسرائيلية بالنسبة للغاز، واقل ما يمكن ان يقدمه الجانب المصري الالتزام بضخ كميات الغاز المتعاقد عليها مع الاردن.

قد يجد الأردن نفسه امام اعادة النظر بأعداد العمال المصريين المتفاقمة المقيمين على ارضه جانب كبير منهم غير شرعي، اي بدون اقامات ويخالفون قوانين وانظمة العمل في البلاد، وان تخفيف هذه الأعداد سيقلل من الضغط على الاقتصاد الاردني من اموال الدعم والتحويلات وغير ذلك من الأعباء التي ترهق الاقتصاد الوطني.