توقع نهاد زيبكجي وزير الاقتصاد التركي أمس أن يبلغ عجز ميزان المعاملات الجارية لتركيا نحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام.
وأشار زيبكجي في مقابلة مع قناة "سي. إن. بي. سي -إي" إلى أنه لا يتوقع خفض هدف الحكومة لمعدل النمو في 2015 والبالغ 4 في المائة.
فيما ذكر إردم باشجي محافظ البنك المركزي التركي في عرض توضيحي أمس أن السياسة النقدية الحذرة التي ينتهجها البنك تؤثر إلى جانب السياسات المالية والاقتصادية الحصيفة تأثيرا إيجابيا في التضخم.
وذكر بيان في موقع البنك المركزي على الإنترنت نقلا عن عرض توضيحي قدمه باشجي لاتحاد البنوك التركي إلى أن عدم التيقن في الأسواق العالمية وارتفاع أسعار الأغذية يحتمان الاستمرار في توخي الحذر.
في سياق آخر، من المنتظر أن يؤدي وضع نهاية للتمرد الكردي في جنوب شرق تركيا حيث ينتشر الفقر إلى فتح أبواب التجارة مع إيران والعراق بل كذلك سورية مستقبلا وتنشيط الاقتصاد المحلي الذي تخلف عن ركب التنمية في باقي أنحاء تركيا.
وفي الشهر الماضي قال عبدالله أوجلان الزعيم الكردي المسجون إن الوقت قد حان لإنهاء صراع استمر ثلاثة عقود وعطل التنمية في المنطقة.
وبحسب "رويترز"، فقد أثار ذلك التصريح الآمال في بث الروح من جديد في منطقة يبلغ دخل الأسر فيها نصف المتوسط العام على مستوى البلاد رغم ثرائها المتمثل في الأرض الزراعية ومحاجر الرخام واحتمالات وجود الغاز الصخري في باطنها وكذلك قربها من أسواق التصدير في الشرق الأوسط.
وقال صاحب مكتبة يدعى أحمد (45 عاما) في الجامع الكبير الذي يرجع تاريخه إلى القرن الحادي عشر في مدينة ديار بكر الرئيسية في الإقليم، إن الجنوب الشرقي أرض في غاية الخصوبة للزراعة وفيها إمكانات كبيرة، ويأتي رجال الأعمال إلى هنا للاستثمار لكنهم يرفضون الالتزام بذلك حتى يترسخ السلام.
وما زالت المحادثات التي بدأت قبل أكثر من عامين بين حزب العمال الكردستاني الذي ينتمي إليه أوجلان والدولة في مرحلة حساسة ومن المرجح أن يكون أي عائد للسلام بطيئا.
ويرتاب كل من الطرفين في الآخر بشدة ويتشكك كثير من السكان المحليين في قدرة الحكومة على دعم النمو في منطقة تختلف وتيرة اقتصادها اختلافا كبيرا عن بقية أنحاء البلاد.
ويوحي ظهور مراكز تجارية جديدة بشيء من الرخاء في بعض أحياء مدينة ديار بكر التي تتكون من صفوف من مباني الشقق السكنية التي لا تميزها هوية واضحة خارج أسواق المدينة القديمة التي ترجع إلى العصر البيزنطي. وقال مقاول يدعى أتيلا (48 عاما) وهو يجلس في ساحة المطاعم في أحد المراكز التجارية إن المصارف والمقرضين أجهزوا علي، فلا يوجد اقتصاد ولا مصانع، أما الآن فأنا أحاول قتل الوقت هنا مثل الجميع.
ويبلغ معدل البطالة الرسمي في المنطقة نحو 16 في المائة لكن رجال الأعمال المحليين يقولون إن هذا الرقم لا يأخذ في الاعتبار أن عشرات الألوف من العاملين يعملون في وظائف موسمية وليسوا مسجلين كباحثين عن عمل، ويضيفون أن معدل البطالة الحقيقي أقرب إلى 40 في المائة.
وتعرضت تربية الماشية التي كانت تعد نشاطا اقتصاديا رئيسيا للدمار بفعل الصراع الذي بدأ عام 1984 عندما أطلق حزب العمال الكردستاني شرارة التمرد المسلح، وكان الشعور بعدم الأمن على أشده في المناطق الريفية وأدى ذلك إلى عرقلة الزارعة وتطوير قطاع التعدين.
وذكر بنك "جيه. بي. مورجان" الاستثماري بعد زيارة لتركيا الشهر الماضي أن عملاءه يشعرون أن البلاد بحاجة إلى قصص جديدة لجذب رؤوس أموال جديدة مشيراً إلى إمكانية حدوث نهضة اقتصادية في المنطقة الكردية كأحد الأمثلة على ذلك.
وقال في تقرير إن استكمال عملية السلام الكردية وما قد يتبعها في شرق تركيا من سد الفوارق في الدخل وكذلك إمكانات فتح الأسواق الإيرانية والسورية يعتبر من القصص المحتملة الرئيسية.
وقد مر وقت كانت فيه المنطقة مصدر ثلث الصادرات التركية من الرخام للصين، وانخفض هذا المستوى إلى نحو الخمس الآن، وتشير الحكومة إلى استثماراتها في المنطقة، ففي الشهر الماضي كشف أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء النقاب عن مجموعة تدابير تبلغ استثماراتها الإجمالية عشرة مليارات دولار لإحياء خطة ترجع إلى عشرات السنين تهدف إلى زيادة طاقة توليد الكهرباء من المصادر المائية والري والزراعة تعرف باسم مشروع جنوب شرق الأناضول.
وأضاف في خطاب ألقاه في مدينة ماردين الجنوبية الشرقية أن هذا المستوى العظيم من التنمية نتيجة للمشروع سيمثل مصدر إلهام ومصدر قوة لسورية والعراق في يوم من الأيام عندما يختفي العنف في هذين البلدين.
ويقول حزب العدالة والتنمية الحاكم إنه ضخ 13.9 مليار ليرة (5.4 مليار دولار) في مشروعات بالبنية التحتية والإسكان والزراعة والتعليم والصحة في محافظة ديار بكر وحدها خلال 12 عاما قضاها في السلطة.
ويضيف أن صادرات الجنوب الشرقي ارتفعت أكثر من عشرة أمثال لتصل إلى نحو عشرة مليارات دولار رغم أن منتقدي الحكومة يقولون إن ثلثي تلك التجارة يأتي من محافظة غازي عنتاب الواقعة إلى الغرب ولم يمسها الصراع مع حزب العمال، أما محافظة ديار بكر التي يسكنها 1.6 مليون نسمة فبلغت صادراتها 313 مليون دولار في العام الماضي.
وأشار فرات آنلي رئيس البلدية المشارك في ديار بكر إلى أنه يجب تطبيق التمييز الإيجابي باستثمارات عامة جادة مثلما يحدث في المناطق الأخرى، فهذا سيقلل البطالة والفقر والتخلف الإقليمي والتفاوت في الدخل.
اقرأ أيضاً:
الاقتصاد التركي في خطر بسبب أحداث العراق.. مالعلاقة؟
أزمة العراق تضع تركيا امام تحدي الائتمان
تركيا تتوقع ارتفاع فاتورة وارداتها من الطاقة الى 61 مليار دولار في 2014