”الموج، مسقط” يسخّر كل طاقاته لبناء مجتمع ’أخضر‘

تاريخ النشر: 10 سبتمبر 2008 - 07:33 GMT

أضحى التغير المناخي والاحتباس الحراري في عالمنا اليوم واقعاً ملموساً يجب علينا جميعاً أن نتعامل معه بوعي كبير. وكلما أسرعنا في الإقرار بهذا الواقع وباشرنا التعامل معه، كلما تمكنا من الوصول إلى الحلول الأنسب والأسلم. وقد لفت تشارلز داروين أنظار العالم إلى هذه المسألة قبل سنوات عديدة، حين قال: "إن من يبقى على قيد الحياة من الكائنات ليس أقواها ولا أذكاها، وإنما أقدرها على الاستجابة للمتغيرات".

وفي حين يتنامى الوعي بتغير المناخ في جميع أنحاء العالم، يعمل المطورون في عموم المنطقة على تعزيز اهتمام المستهلكين بهذه القضية. ويعتبر "الموج، مسقط"، المشروع المتكامل متعدد الاستخدامات في سلطنة عُمان والممتد على شاطئ طبيعي بطول 6 كيلومترات، أحد مشاريع التطوير العقاري التي تركز بشكل كبير على المبادرات ’الخضراء‘ في أعمال التصميم والتطوير، بما في ذلك تطبيق أعلى معايير الكفاءة في استهلاك الطاقة أثناء تركيب الهياكل الإنشائية، وتبني أفضل الممارسات في إنشاء المساحات الخضراء، واتباع أحدث الأساليب والتقنيات المبتكرة في هندسة وتخطيط المناظر الطبيعية، وتطبيق التقنيات المستدامة في إعادة تدوير المياه.

وبهذه المناسبة، قال نيكولاس سميث، الرئيس التنفيذي لـ"الموج، مسقط": "لم تكن المبادرات التي قمنا بها إلزامية في عمليات الإنشاء، ولكننا أخذنا في عين الاعتبار أن اتباع الأساليب المستدامة يعتبر في الحقيقة واجباً وجزءاً لا يتجزأ من سياسة ’الموج، مسقط‘ الذي يعد مطوراً مشهوداً له في مجال المسؤولية الاجتماعية واتباع أرقى أساليب التنمية المستدامة. ونخطط للتقدم بطلب الحصول على اعتماد نظام ’الريادة في الطاقة والتصميم البيئي‘ (LEED) عندما تكون الظروف مواتية لذلك. ويتسم هذا الاعتماد بأهمية خاصة بالنسبة لنا، حيث أن أهم المحفزات التي تدفع المطورين إلى إنشاء مباني مستدامة معتمدة، هو تمييز مشاريعهم عن المنافسين".

من جهته، قال إيان ليفرسيج، مدير أول المشاريع في "الموج، مسقط"، مسلطاً الضوء على مبادرات التنمية المستدامة: "تستخدم المباني المستدامة أساليب ومواد وتقنيات تصميم تسهم في تقليل أثر المباني على البيئة من خلال تصاميمها وطرق إنشائها وأنظمتها التشغيلية، مع توفير الخدمات ودعم الأعمال الداخلية بالشكل الكافي. ويمتلك ’الموج، مسقط‘ مجموعة كبيرة من مزايا التصميم المستدامة، ابتداء من إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، إلى أنظمة التكييف عالية الكفاءة في استهلاك الطاقة".

وتتميز البنى الخاصة بالوحدات السكنية في مشروع "الموج، مسقط"، بأنها مجهزة بغلاف حراري معزز، فالجدران مزودة بتجويف عازل مع نوافذ زجاجية عازلة تساعد على تقليل امتصاص الحرارة وأشعة الشمس وبالتالي زيادة البرودة في داخل المبنى. ولم يكن الهدف وراء إنشاء المساحات الخضراء في جميع أرجاء المشروع، هو مجرد إثراء تجربة القاطنين فحسب، بل أيضاً إيجاد بيئة عيش مثالية للطيور المحلية.

وتعتبر عملية تحويل النفايات إلى كنوز هي الفلسفة الكامنة وراء الشعاب المرجانية الاصطناعية التي سنقوم بإنشائها في قاع البحر بجوار فندق "كمبنسكي". وقد أظهرت الدراسات أن الشعاب المرجانية الاصطناعية لديها القدرة على جذب مجموعة مذهلة من أشكال الحياة البحرية وبالتالي إغناء طبيعة هذه المنطقة، التي من الممكن أن تكون أيضاً موقعاً للغوص في المستقبل.

وكلما كان ممكناً، يتم إحضار مواد البناء والإسمنت والصخور من على بعد 45 كيلومتراً عن موقع البناء. كما يتم أيضاً توريد الغالبية العظمى من مواد البناء محلياً من داخل السلطنة، مما يساعد في الحد من الانبعاثات الكربونية من خلال تقليص عمليات النقل.

وستتيح لنا محطة التبريد المركزية توفير التكييف الهوائي في الأبنية السكنية بأسلوب أكثر ملائمة للبيئة من خلال استخدام تقنيات التكييف الشامل بنظام الطرد المركزي بدلاً من وحدات التكييف الفردية التي تعمل بنظام التمدد المباشر والمخصصة لكل شقة على حدة. وتسهم هذه الطريقة في تقليل آثار استنفاد طبقة الأوزون والاحتباس الحراري، عن طريق الحد من متطلبات الطاقة والمياه.

وفي هذا الإطار، تحدث مات رينولدز، كبير المشرفين على هندسة المناظر الطبيعية في شركة "أتكينز" في مشروع "الموج، مسقط"، حول قدرة مثل هذه المبادرات، ولو كانت قليلة، على جعل هندسة المناظر الطبيعية بمختلف أشكالها مستدامة وصديقة بالبيئة، قائلاً: "ركزت شركة تصميم المناظر الطبيعية ’لاندسكيب ديزاينز، عُمان‘ على إيجاد حلول طبيعية يمكنها أن تقلل من استخدام المياه، وذلك بالاعتماد على الحصى وعمليات التمهيد ومجموعة من الأنواع النباتية المعتادة على مناخ السلطنة وظروف التربة. وسيضمن اختيار الأنواع النباتية المناسبة احتفاظ المناطق الخضراء الممتدة على طول جميع المتنزهات والحدائق بجاذبيتها وسلامتها واخضرارها مع تحقيق المستويات المتوقعة من الإقبال عليها. بالإضافة إلى ذلك، قام المصممون بإدخال الأشجار الظليلة إلى النظام البيئي للمشروع، بحيث تتوفر للناس مناخات باردة على مدار السنة ومساحات مظللة ليجتمعوا ويتآلفوا في أجواء مريحة ضمن هذه الأماكن العامة".

ويسهم الانتشار الواسع لأشجار النخيل على طول شبكة المتنزهات، في تعزيز طابع هذه الأماكن العامة. وتعتبر زراعة النخيل أحد الرموز الاجتماعية والتراثية لهذا البلد المزدهر، كما أنها ترسم إطاراً للمناظر الطبيعية العُمانية التقليدية في مشروع "الموج، مسقط".

وقد جرى توريد كافة أنواع الحصى والتربة والمواد الأولية التي تم استخدامها في الموقع، محلياً وتمت إعادة تدويرها بمختلف الأشكال الممكنة.

وأضاف رينولدز: "تعتبر عملية إعادة تدوير مياه الصرف الصحي إحدى التقنيات الهامة في ما يخص إنشاء المناظر الطبيعية المستدامة. وإننا نعكف على دراسة إمكانية استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في أنابيب الري بالتنقيط التي تزود المزروعات بحاجتها من المياه بكفاءة عالية دون أن تشكل خطراً على العامة. وسنحرص دوماً على اعتماد أحدث التقنيات والأجهزة لترشيد استهلاك المياه ضمن المساحات الخضراء، مع الحرص على توفير مناظر طبيعية جميلة يتذكرها الجميع ويستمتعون بها".

ولا تعتبر العقارات المستدامة توجهاً عابراً، ولكنها الأسلوب الجديد لمزاولة الأعمال في قطاع العقارات، حيث أن المباني والمشروعات المستدامة تساعد في توفير الكثير من المال. ويمكن للأفراد، من خلال تطوير وصيانة وامتلاك وشغل المشاريع العقارية المستدامة، أن يلعبوا دوراً إيجابياً في صيانة البيئة وحمايتها.

© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)