استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاج الغذائي في قطر

يُمكن لمجال الذكاء الاصطناعي مساعدة البلدان على تحسين أمنها الغذائي، لا سيما البلدان التي تستورد أغلبية منتجاتها الغذائية من الخارج مثل قطر، وذلك حسبما أوضحه الدكتور طارق الأنصاري، الأستاذ المساعد في كلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر.
وقال الدكتور الأنصاري، الذي يدرس العلاقة بين المياه والطاقة والغذاء والتنمية المستدامة: "نجحت قطر في تعزيز إنتاجها الزراعي والحيواني ومنتجات الألبان إلى حد كبير، لكن ما تزال هناك نسبة كبيرة من الأغذية تُستورد من الخارج، وما يزال استقرار المخزون الغذائي ووفرته مصدر قلق، فمن المهم وضع استراتيجيات مستندة إلى البيانات؛ لتأمين مصادر غذاء متعددة، بحيث يتم الحصول على المنتجات الغذائية عبر سلسلة توريد قوية ومتنوعة".
وتابع: "نحتاج إلى تبني عمليات مدروسة ومتعمقة ووقائية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بقطاع الأمن الغذائي، ونحن مؤمنون بشدة أن الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يمكّن تلك العمليات وأن يلعب دورًا هامًا في جعل مستقبل الأمن الغذائي في قطر أكثر استدامة ومرونة".
ويعمل الأنصاري عن كثب مع مركز قطر للذكاء الاصطناعي، التابع لمعهد قطر
ويضيف الدكتور الأنصاري: "يتيح النظام الغذائي المبني على الذكاء الاصطناعي فرصًا جديدة في قطر، بما في ذلك اعتماد الزراعة الدقيقة لإدارة المزارع الكبيرة بكفاءة، وتربية المحاصيل ذات الجودة العالية واستخدام المواد المغذية،والإنذار المبكر بأمراض المحاصيل وهجمات الآفات، وزيادة الشفافية في سلسلة الإمدادات الغذائية وتقليل النفايات ولوجستيات الإعادة.
يعمل مركز قطر للذكاء الاصطناعي مع كلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، على عدة مشاريع مشتركة، من بينها مشروع يستخدم الذكاء الاصطناعي لدراسة إمكانيات المزارع والتحديات التي تواجهها وحساب إنتاجية المحاصيل.
وفقًا للدكتور سانجاي تشاولا، مدير الأبحاث في مركز قطر للذكاء الاصطناعي، فإن البيانات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي حول الأنظمة الغذائية من شأنها أن تساعد الحكومات في جميع أنحاء العالم على اتخاذ القرارات، وتبني سياسات حكيمة.
وقال الدكتور تشاولا: "نرسل تقاريرنا حول تقديرات المحاصيل إلى مختلف المسؤولين الحكوميين بشكل روتيني، ويتم تجميعها ورفعها إلى القيادة السياسية للمساعدة في اتخاذ القرارات حول ما يجب استيراده، وكمية الاستيراد، والكمية التي يُسمح بتصديرها".
ويرى الدكتور تشاولا أن دقة توقعات الذكاء الاصطناعي حول إنتاج الأغذية وتوزيعها تتناسب طردياً مع كمية البيانات الآنية المتوفرة. حيث يعمل فريق الدكتور وزملاؤه في جامعة حمد بن خليفة على تعزيز التعاون لتجميع المزيد من البيانات في قطر وتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي. وأوضّح الدكتور: "إن نظم الذكاء الاصطناعي لدينا متعطشة للغاية للبيانات، فكلما زادت كمية البيانات التي تستخدمها، كلما أصبح أداؤها أفضل".
ومن الجدير بالذكر أن جامعة حمد بن خليفة عقدت شراكة بحثية مع شركة "يارا انترناشونال ايه اس ايه") وهي شركة نرويجية رائدة عالميًا في تغذية المحاصيل وتوفير حلول للتحديات البيئية.
وقال الدكتور الأنصاري: "نعمل على تطوير النظم الآلية والذكاء الاصطناعي بدعم من شركة يارا العالمية من خلال إنشاء ما يسمى "البيوت المحمية لتوفير المياه"، ونجمع البيانات المتعلقة بالمناخ داخل هذه البيوت، وصحة النباتات، والأمراض، والبيانات المتعلقة بالمياه، مما سيضمن زيادة في إنتاج المحاصيل المغذية بطريقة مستقرة وعلى مدار السنة.
أشار الدكتور الأنصاري إلى إنه في الوقت الذي تتقدم فيه قطر في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي، لا يزال هناك حاجة لسد ثغرة الاستثمارات في هذا المجال المتغير ومواجهة التحديات المختلفة، وبالأخص التغلب على مشكلة ضآلة البيانات وصعوبة الوصول إليها في المنطقة.
وقال الدكتور الأنصاري: "الصعوبة الأخرى التي نواجهها تكمن في تصور نظم الذكاء الاصطناعي وتصميمها وتطبيقها لخدمة البشر وحماية رفاهيتهم والبيئة التي نعيش فيها. ولذلك تركز جامعة حمد بن خليفة على زيادة الشفافية، من أجل جعل نظم الذكاء الاصطناعي والقرارات المتخذة بشأنها قابلة للتفسير، بما في ذلك مخاطر الرقمنة، والتقدم الشامل وغير المتحيز، ودعم التفاوت في التركيبة السكانية، والثقافات الغذائية المتنوعة في المنطقة العربية".
ومن المتوقع أن تساعد جهود الذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي لدى جامعة حمد بن خليفة على تطوير نظامًا متعددًا لمراقبة البيانات عبر منصة لقرارات الأمن الغذائي، والتي سوف تعمل بدورها على توحيد وعرض المعلومات المتعلقة بالإنتاج المحلي والأسواق المحلية والاحتياطيات الاستراتيجية والتجارات الدولية. وستستخدم الحكومة القطرية هذه المنصة للحصول على المعلومات والرؤى والتوصيات اللازمة لتطوير خطط الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في المستقبل.
واختتم الدكتور الأنصاري بقوله: "من المهم أن تواصل قطر دراسة وتبني التقنيات الرائجة مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والعمل جنبًا إلى جنب مع المزارعين المحليين وبقية الجهات المعنية لإنتاج الأغذية داخل حدود البلاد من خلال اتخاذ القرارت المناسبة وزيادة المخزون الغذائي المحلي".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.