الجامعة الأميركيّة في بيروت تستضيف حوارًا مع ضياء العزّاوي حول الفنّ في مواجهة المأساة السياسيّة

بيان صحفي
تاريخ النشر: 19 سبتمبر 2025 - 02:11 GMT

الجامعة الأميركيّة في بيروت تستضيف حوارًا مع ضياء العزّاوي حول الفنّ في مواجهة المأساة السياسيّة

استضاف قسم الفنون الجميلة وتاريخ الفنّ في الجامعة الأميركيّة في بيروت بدعم من كرسيّ الشيخ زايد للدراسات العربيّة والإسلاميّة في الجامعة فعاليّة خاصّة تمحورت حول الفنّان التشكيليّ العراقيّ ضياء العزّاوي (مواليد بغداد 1939). وقد انعقدت الندوة تحت عنوان "ممارسة الفنّ في مواجهة المأساة السياسيّة"، وشارك فيها نخبة من الأكاديميّين والنقّاد الذين ناقشوا مسيرة العزّاوي الفنّيّة ورسائله الإبداعيّة، وذلك بالتزامن مع افتتاح معرضه الجديد "شهود الزور" في غاليري صالح بركات في بيروت.

شارك في الندوة كلّ من الدكتورة زينة معاصري، أستاذة التصميم الغرافيكيّ في جامعة بريستول؛ والدكتورة ندى شبوط، أستاذة تاريخ الفنّ في جامعة شمال تكساس، وأستاذة زائرة في جامعة نيويورك – أبو ظبي، حيث تشغل أيضًا منصب باحثة رئيسيّة في مركز المورد للدراسات الفنّيّة العربيّة؛ والدكتور سليم البهلولي، الباحث في الأنثروبولوجيا وتاريخ الفنّ في الجامعة الأميركيّة في بيروت والذي أدار الحوار. وقد أسهمت مداخلاتهم في إبراز أبعاد متعدّدة من التجربة الفنّيّة والفكريّة لضياء العزّاوي.

وقد استُهل الحوار بتقديم لمحة تاريخيّة عن علاقة العزّاوي الوثيقة بمدينة بيروت، التي بدأت في عام 1965 عندما زار يوسف الخال، مالك غاليري "وان"، معرض العزّاوي الأوّل في بغداد، ودعاه لإقامة ما سيكون أوّل أربعة معارض له في العاصمة اللبنانيّة. في تلك الفترة، كما أوضح العزّاوي، كان قد أمضى ثلاثة أشهر في السجن إثر انقلاب حزب البعث عام 1963، وقرّر مغادرة العراق. وقد مثّلت فرصة العرض في بيروت نافذة للعزّاوي على العالم الأوسع، ما أدّى لاحقًا إلى إقامة معرض آخر في الكويت في غاليري "سلطان"، الذي أسّسه غازي سلطان، والذي، وفقًا للعزّاوي، ساهم من خلال عرض أعمال فنّانين من مختلف أنحاء المنطقة في ولادة ما يُعرف لأول مرة باسم "الفنّ العربيّ". كما أُشير إلى أنّ عودته الحاليّة إلى بيروت، بعد نحو ثلاثين عامًا على آخر معرضٍ له في المدينة، تعكس المكانة المميّزة التي تحتلّها بيروت في ذاكرته الفنّيّة ومسيرته الإبداعيّة.

تطرّق النقاش إلى المسيرة الفنّيّة الثريّة لضياء العزّاوي، الذي يُعتبر أحد روّاد الفنّ العربيّ الحديث ومن أبرز المساهمين في تطوّره من خلال أعماله المتنوّعة، وكذلك مبادراته الثقافيّة الداعمة للفنّانين الشباب وإبراز الفن العربي عالميًا، بحسب الدكتورة ندى شبوط. واستعرضت المداخلات بدايات العزّاوي في بغداد بدءًا من تخرّجه في قسم الآثار عام 1962 وعمله في المديريّة العامّة للآثار، وصولًا إلى انتقاله إلى لندن في منتصف السبعينيّات واستقراره هناك، حيث استمر في إنتاج الأعمال الفنّيّة التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة. كما تناول العزّاوي تجربته في الفنّ العربيّ خلال سبعينيّات القرن العشرين، بدءًا بإصدار بيان "الرؤية الجديدة" الذي أكّد الالتزام بالفنّ العربيّ وتضامنه مع النضال الفلسطينيّ، مرورًا بمشاركته في مهرجان الواسطيّ للفنون عام 1972 وبينالي الفنّ العربيّ في بغداد والرباط، وعمله الاستشاريّ في المركز الثقافيّ العراقيّ، لا سيّما في تنظيم معارض الملصقات. وأوضح أنّ موضوع أعماله السياسيّة خلال تلك الفترة كان فلسطين دومًا، حيث كان يسعى إلى توثيق الأحداث بطريقة غير مباشرة، بحيث تصبح بعد سنوات شهادة تُدين السلطات المسؤولة عنها.

كما تطرّق الحوار كذلك إلى تنوّع الوسائط الفنّيّة التي اعتمدها العزّاوي خلال مسيرته الطويلة. فإلى جانب أعماله الكبرى في الرسم الزيتيّ والمنحوتات والتركيبات الفنّيّة، ناقش المشاركون استخدام العزّاوي المميّز لـدفتر الفنّان بوصفه وسيطًا فنّيًّا للتفاعل مع الشعر العربيّ، مستوحيًا ذلك بشكل جزئيّ من كتاب الفنّان ماتيس"Jazz". وقد أوضحت المداخلات كيف طوّر العزّاوي منذ أواخر السبعينيّات مفهوم "دفاتر الرسم" أو الكتب الفنّيّة، حيث مزج في صفحاتها بين اللوحة والكلمة الشعريّة، وابتكر بذلك فضاءً بصريًّا وأدبيًّا فريدًا. وأشار المتحدّثون إلى أنّ هذه الدفاتر الفنّيّة جسّدت رؤية العزّاوي في تحويل الشعر إلى صور مرئيّة، وكانت بمثابة سجلّات شخصيّة وجماعيّة توثّق الذاكرة وترصد الواقع السياسيّ بأسلوب فنّيّ مبتكر.

واستعرضت الفعاليّة أيضًا معرض "شهود الزور" الذي افتُتح مؤخّرًا في غاليري صالح بركات. وجرى التنويه إلى أن هذا المعرض يُعدُّ أحد أضخم وأهم معارض ضياء العزاوي في السنوات الأخيرة، إذ يضم مجموعة من الجداريّات الضخمة والأعمال النحتيّة التي تعبّر في مجملها عن مآسي المدن العربيّة وتحمل شهادات بصريّة مؤثّرة على ما شهدته المنطقة من صراعات. يذكر أنّ معرض "شهود الزور" افتُتح رسميًّا في 11 أيلول 2025 بحضور الفنّان، ويستقبل الزوّار في بيروت حتّى 31 تشرين الأول 2025. ويُقدّم هذا المعرض أعمالًا جديدة للعزّاوي تستلهم أحداثًا أليمة مثل انتفاضة تشرين العراقيّة (2019) وما تلاها، والدمار الذي لحق بمدنٍ عربيّة كالموصل وحلب، وصولًا إلى معاناة غزّة وتداعيات القضيّة الفلسطينيّة. وبرز خلال النقاش كيف اختار العزّاوي أن يُطلق هذه الصرخة البصريّة من بيروت تحديدًا، لترتبط أعماله فيها بجراح المدينة وهموم المنطقة المشتركة.

وقد خُصِّص جزءٌ مهمّ من الحوار للحديث عن القضيّة الفلسطينيّة وحضورها المستمر في أعمال ضياء العزّاوي. فقد أشار الفنّان وضيوف الحوار إلى أنّ مأساة فلسطين شكّلت محورًا أساسيًّا لإبداعاته منذ بداياته، إذ كرّس العزّاوي عددًا من أشهر أعماله لتوثيق معاناة الشعب الفلسطينيّ والتضامن مع قضاياه. وفي هذا السياق، جرى التوقّف عند لوحته الشهيرة التي أنجزها إثر مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، حيث حوّل فاجعة المخيّم الفلسطينيّ في بيروت إلى عمل فنّيّ يُخلّد ذكرى الضحايا ويجسّد فظاعة المجزرة أمام العالم. كما تناول النقاش سلسلة من أعماله الأخرى التي تناولت محطّات مؤلمة من تاريخ فلسطين الحديث، مؤكّدين أنّ فنّ العزّاوي كان ولا يزال صوتًا داعمًا للحقّ الفلسطينيّ وراصدًا لتبعات الظلم والاحتلال على الإنسان والأرض.

وفي سياق متّصل، تطرّق الدكتور سليم البهلولي إلى دور ضياء العزّاوي في إثراء المشهد الثقافيّ في العراق والوطن العربيّ من خلال مبادرات رائدة خارج إطار أعماله الفرديّة. وقد توقّف البهلولي عند مساهمة العزّاوي في تأسيس مهرجان الواسطيّ للفنون في بغداد مطلع السبعينيّات (عام 1972) تخليدًا لذكرى الفنّان العربيّ يحيى الواسطيّ. وقد مثّل ذلك المهرجان حدثًا مفصليًّا في حينه، إذ جمع الفنّانين والمثقّفين العراقيّين ووفّر منصة للاحتفاء بالتراث الفنّيّ العربيّ والإسلاميّ إلى جانب الفنون الحديثة. وأكّد المتحدّثون أنّ إطلاق مهرجان الواسطيّ وغيره من النشاطات الفنّيّة آنذاك يدلّ على رؤية العزّاوي الرياديّة في استخدام الفنّ كوسيلة للحوار الحضاريّ وبناء الجسور الثقافيّة، وهو النهج الذي ظلّ يتبعه خلال حياته المهنيّة.

في ختام الحوار، شدّد ضياء العزّاوي على الرسائل السياسيّة والإنسانيّة التي يحملها فنّه. فتحت شعار: الفنّ في مواجهة المأساة السياسيّة، أوضح العزّاوي أنّ مهمّة الفنّان ليست منفصلة عن واقع مجتمعه، بل إنّ الفنّ عنده شكلٌ من أشكال المقاومة الثقافيّة والشهادة الصادقة على الأحداث. وأجمع الحاضرون على أنّ تجربة العزّاوي تجسّد مثالًا حيًّا على دور الفنّان كمؤرّخ بصريّ للأزمات وكصوت للضمير الإنسانيّ. فقد نجح على مدار أكثر من خمسين عامًا في تسخير الألوان والأشكال لتوثيق الألم والأمل معًا، وإيصال رسائل تتخطّى حدود المكان والزمان. واختُتمت الفعاليّة بتوجيه الشكر للفنّان ضياء العزّاوي وضيوف الحوار على مساهمتهم القيّمة، وللجامعة الأميركيّة في بيروت وكرسي الشيخ زايد على رعايتهم لهذا اللقاء الذي قدّم للجمهور رؤية معمّقة لتجربة فنّيّة استثنائيّة تمزج بين الإبداع والجوانب النضاليّة والإنسانيّة للفنّ.

سيتمّ نشر التسجيل الكامل للحوار على منصّة يوتيوب في وقت قريب.

خلفية عامة

الجامعة الأمريكية في بيروت

الجامعة الأمريكية في بيروت هي جامعة لبنانية خاصة تأسست في 18 نوفمبر 1866، وتقع في منطقة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية، وبدأت الكلية العمل بموجب ميثاق منحها إعترافا حصل عليه الدكتور دانيال بليس من ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. افتتحت الجامعة أبوابها في 3 ديسمبر عام 1866 لتمارس نشاطها في منزل مستأجر في أحد مناطق بيروت.

تعتمد الجامعة معايير أكاديمية عالية وتلتزم مبادىء التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع. وهي مؤسسة تعليمية مفتوحة لجميع الطلاب دون تمييز في الأعراق أو المعتقد الديني أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء السياسي، وهذا ما أرساه مؤسسها الداعية الليبيرالي دانيال بليس.

 

اشتراكات البيانات الصحفية


Signal PressWire is the world’s largest independent Middle East PR distribution service.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن