خبراء يناقشون عالم "الميتافيرس" عن كثب خلال فعالية لمناظرات قطر مع "نيويورك تايمز" في دافوس
هل يؤدي الميتافيرس إلى تسريع الفرص أم أنه يرّسخ العادات السلبية لدى الأفراد ويخاطب غرائزهم بحيث يسبب الإدمان؟ هذا السؤال كان محور النقاش في فعالية نظمتها "نيويورك تايمز" بالتعاون مع مناظرات قطر التابعة لمؤسسة قطر، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المُنعقد في دافوس في سويسرا.
شهدت المناقشة مشاركة فريقين يضمان ستة خبراء، وشاركوا مواقفهم من اقتراح "الميتافيرس.. إدمان طور التكوين"، حيث أيّد ثلاثة منهم هذا الاقتراح، بينما اعترض الآخرون عليه. وقد وصف المتحدثون عالم الميتافيرس بأنه "امتداد للإنترنت يتيح للمستخدمين الحصول على تجربة أكثر شمولاً.
قال شيب أوغدن، الرئيس التنفيذي لمجموعة أوف بيت الإعلامية، وأحد المعارضين للاقتراح: "نحن نرفض هذا الاقتراح لأننا نعتبر أن الميتافيرس هو وسيط محايد، فنحن من يحدد كيفية استخدامه، ومتى، وما الذي نريده منه بالضبط".
وأوضح أوغدن: "علينا أن نفكر في الميتافيرس بالطريقة نفسها التي نتصوّر بها الإنترنت، فالإنترنت يعدّ أداة قوية تساعدنا في الوصول إلى المعلومات بهدف التواصل بشكل أفضل مع أصدقائنا وعائلتنا، كما أنه يساعدنا في إعادة التفكير بأدوارنا في هذا العالم".
وفقًا لأوغدن، فإن أي آثار سلبية قد تنتج عن استخدام الإنترنت تعود إلى كونه وسيطًا محايدًا، تمامًا كالميتافيرس، والذي سيكون له إيجابيات وسلبيات. ويمكن لإيجابياته أن تؤدي إلى تمكين وتحقيق تكافؤ الفرص لمليارات الأفراد في جميع أنحاء العالم.
وخلص أوغدن إلى أن الميتافيرس لا يُشكل نوعًا من الإدمان، قائلًا: "كيف يمكن اعتبار الوسيط المحايد قمعيًا أو تعريفه بأنه قاسي أو غير عادل؟"
وردًا على موقف أوغدن، تساءلت دانييلا براغا، المؤسس والرئيس التنفيذي لديفايند إيه آي عن معنى "محايد"، قائلة: "ما أود إيضاحه هنا، هو أن البشر ليسوا سعداء أبدًا بواقعهم، فنحن دائمًا نبحث عن شيء آخر، فهل يكون ثمن حيادية الميتافيرس هو هروبنا من الواقع؟".
بدورها، أشارت نيكول بوتنر، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة مختبرات ميرانتكس، التي أيدت الاقتراح، إلى فيلم "ذا ماتريكس" حيث سألت الجمهور: "هل تذكرون الحبة الحمراء والحبة الزرقاء، وكيف يؤدي تناولك للحبة الزرقاء أن تستيقظ في سريرك وأنت تؤمن بكل ما تريد أن تؤمن به، بينما حين تتناول الحبة الحمراء، فأنت تضمن بقائك في أرض العجائب".
وأشارت بوتنر إلى أن تناول الحبة باللون الأزرق يمكن أن يؤدي إلى تخلي الأفراد عن السعي وراء الحقيقة، قائلة: "ما يثير قلقي بشكل أكبر، هو أنه لمجرد دخولنا في عالم الميتافيرس، لن نمتلك حتى إمكانية الاختيار بين الحبة الحمراء أو الزرقاء".
وفي ختام مداخلتها، دعت بوتنر أعضاء الجمهور إلى أن يسألوا أنفسهم: "إذن عند قيامك بالتصويت، هل تتطلع إلى عالم ترتبط فيه ببطاقتك الإئتمانية، حيث تشتري العملات الافتراضية غير القابلة للاستبدال في الميتافيرس؟"
ومن ناحيته، شرح فيليب روسيدال، المؤسس الشريك والرئيس التنفيذي لهاي فيدالتي، كيف تُظهر بعض العوالم الافتراضية "إمكانات هائلة للقيام بأفعال الخير"، مثل إيجاد حلول لذوي الاحتياجات الخاصة، والتصدي لعدم المساواة وتوفير فرص لزيادة الدخل، متساءلًا: "لقد رأينا بالفعل هذه الأشياء تحدث، فكيف إذن يمكنني القول أن الميتافيرس هو إدمان طور التكوين؟".
وأضاف: "لكن معظم الأفراد لا يريدون تجربة هذه العوالم الافتراضية، فهم يفضلون الترفيه على التحدي، والاسترخاء والهروب على التعلّم والتقدم. ستقع كل من المنصات والأفراد فريسة لإغراء الحبة ذات اللون الأزرق لا الأحمر، مما يغرقنا في بحر من الفرص السلبية باعتباره الميتافيرس الحقيقي".
وأردف قائلًا: "يمكننا طرح السؤال التالي، ما هي الحبة الحمراء في عالم الميتافيرس؟ وماذا يعني تناولها إن لم يكن الإصغاء إلى بعضنا البعض؟ ما علينا القيام به هو أن نجعل التكنولوجيا وسيلة تقربنا من بعضنا البعض، وعلى الرغم من أن هذا الاحتمال واردٌ جدًا، إلا أن الجدال الأهم هو أن أول ما سيحدث لنا هو الوقوع فريسة للحبة الزرقاء، ما سيبني الحواجز بيننا".
قدم الخبراء ملاحظاتهم النهائية إلى لجنة الحكام، والتي ضمت كل من بيجي جونسون، الرئيس التنفيذي لشركة ماجيك ليب، وكاي فو لي، خبير في الذكاء الاصطناعي، وقد اختتمت المناقشة بإدلاء الجمهور بأصواتهم.
من جهته، قال عبد الرحمن السبيعي، مدير البرامج والتواصل في مناظرات قطر: "أوّد التأكيد على مدى تقديرنا للتعاون مع نيويورك تايمز، فهذه هي الفعالية الثالثة التي تجمعنا معًا، ونتعهّد بمواصلة إثراء النقاشات، وتمكين العقول، إذ تعدّ مناظرات قطر كيانًا شريكًا موثوقًا به من قبل الحكومات والأوساط الأكاديمية ومؤسسات القطاع الخاص لتوحيد جهود كافة الأطراف المعنية معًا".
ستكون الفعالية مُتاحة للمشاهدة على قناة مناظرات قطر و"نيويورك تايمز" على اليوتيوب في الأسابيع المقبلة.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.