خريجة مؤسسة قطر:" تخرجي هو خطوة نحو تحقيق حلمي ببناء وطن أفضل في سوريا"

ليست السياسة وحدها هي من يحدث تغييرًا في حياة الشعوب، حيث يعدّ الاقتصاد قوة ذات تأثير حاسم في تحديد مصير شعب ما، فالاقتصاد القوي والذي يستند على أسس متينة مثل الاكتفاء الذاتي، والتنمية والتطوير، هو ما يضع الدولة في موقع الريادة والقيادة اقليميًا وعالميًا.
هكذا تلخص ماسة بركات، خريجة جامعة جورج تاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، الدافع وراء اختيارها تخصص الاقتصاد الدولي، والذي ترى بأنه الداعم الأكبر للنقاشات السياسية والدبلوماسية التي تحصل حول العالم والتي تناقش قضايا الشعوب، وأهمها النزاعات والحروب وآثارها على المجتمعات.
تقول ماسة بركات: "ولدتُ في الدوحة، وكانت زيارتي الأخيرة إلى سوريا بلدي الأم حين كان عمري 11 عامًا، خلال فترة مخاض الثورة السورية، ففي الوقت الذي كنت أقطف فيه ثمار الصنوبر مع والدي من البستان، كانت تتردد على مسامعي دعوات إلى التغيير والمطالبة بتحسين الظروف الاقتصادية لأبناء المجتمع، وتساءلت وقتها: "هل يمكن حقًا أن تصبح سوريا بلدًا أفضل"؟
وتضيف: "حين عدتُ إلى الدوحة، كانت الثورة قد انطلقت، لكنها ترافقت مع أحداث مؤلمة، كنت أشاهد عبر الأخبار مئات القتلى والجرحى يوميًا، تأثرتُ كثيرًا، وقررتُ أنني سأسهم مستقبلًا في حماية وطني من الحروب والمآسي والفقر، من خلال دراسة الاقتصاد، لأنها بالنسبة لي مفتاح التغيير".
انضمت ماسة بركات إلى جامعة جورج تاون في قطر، لتبدأ مسارًا جديدًا في رحلة استكشافها لشخصيتها، والنظر إلى معتقداتها من منظور أكثر موضوعية، ما دفعها إلى نقد بعض هذه الأفكار، والتمسك ببعضها.
تقول ماسة: "أذهلتني البيئة الأكاديمية في الجامعة لجهة الانفتاح والقدرة على مناقشة أي قضية مهما كانت حساسة، لقد تعمقت في المعتقدات الراسخة لدي كي أتمكن من إثباتها والدفاع عنها أو التخلي عنها، إن الأمر أشبه بإعادة تقييم كل ما تعلمته من قبل، وبالتالي، إعادة تشكيل شخيصتي من جديد".
وتشرح: "تواجدي وسط بيئة تعليمية فريدة، تضم طلابًا وأساتذة من خلفيات ثقافية متعددة، جعلني أتعرف عن كثب على طرق تفكير مختلفة، كما عزز لدي قيم التقبل والتعاطف مع الآخرين. كما أن منحنا نحن الطلاب فرصة التعبير عن آرائنا بصوت عالٍ، يزيد من ثقتنا بأنفسنا ويحفزنا على المزيد من التعلم، هذا بالإضافة إلى الرحلات التعليمية إلى دول الخارج والتي تعزز خبراتنا ووعينا حول قضايا العالم".
وفقًا لخريجة جامعة جورج تاون في قطر، ساهمت البيئة في مؤسسة قطر في تعزيز إيمانها بأهمية أن ترفع الشعوب صوتها، سواء في سوريا أو لبنان أو فلسطين وكافة الدول التي ترزح تحت وطأة الظروف المعيشية الصعبة، عبر المطالبة بإجراء إصلاحات اقتصادية، ووضع خطط تنموية.
وتردف: "لقد أثبتت دولة قطر كيف أن الاقتصاد قوة، حين عززت الاكتفاء الذاتي، في فترة الحصار وما بعده، وأصبحت بذلك دولة أقوى حيث قدمت تجربة رائدة في هذا المجال".
كفتاة سورية، تشعر بالانتماء الشديد إلى بلدها رغم أنها نشأت بعيدًا عنه، تتوق ماسة بركات إلى العودة لسوريا قائلة: "أذكر بيت جدتي الصغير، والشرفة التي كانت تغطيها ورود الياسمين وأنواع أخرى من النباتات، والمودة التي كانت تجمع بين كل أبناء الحي".
الحديث عن موطنها، يبعث في ماسة مشاعر مؤلمة، وهي التي شهدت على رحيل العديد من الشباب الذين ربما كانت يومًا ما تتسابق معهم في حقول القرية.
منذ بدء الحرب في سوريا، فقد الكثير من الأطفال حياتهم، أو منازلهم أو حرموا من التعليم، وتقول: "كان من الصعب علي أن أدرك أن بعض رفاقي في الطفولة هربوا من بيوتهم، أو فقدوا أهاليهم أو هُدمت مدارسهم وجامعاتهم، أو هاجروا في قوارب إلى أوروبا".
وتضيف: "اليوم، أتسلم شهادة تخرجي من جامعة جورج تاون في قطر، ومن خلال شهادتي وخبرتي، سأسعى إلى إحداث تغيير في واقعنا، وتحقيق حلمي في بناء أسرة يحظى أطفالها بطفولة تتنقل ما بين منزل جدّتي القديم وبساتين الصنوبر واللعب مع أولاد الحارة، وكل تلك اللحظات التي لم أحظ منها إلا بالقليل، هي أكثر ما أتوق إليه وأرغب في أن أستعيده لي ولأطفالي فيما بعد".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.