دراسة لوايل كورنيل للطب - قطر تكشف عن العمليات الاستقلابية المسبّبة للسكري من النوع الثاني واعتلال الشبكية والسمنة وعسر شحميات الدم

حدّد باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر بقيادة الدكتورة نهى يسري الأستاذ المساعد للبحوث في الطب الوراثي، المستقلبات المرتبطة بداء السكري من النوع الثاني ومضاعفاته، لا سيما السمنة واعتلال الشبكية وعسر شحميات الدم.
وقام الباحثون بتحليل 1300 مستقلب في عيّنات من 996 من القطريين البالغين (57% منهم مصابون بالسكري من النوع الثاني) و1159 مستقلباً من مجموعة مستقلة تتألف من 2618 فرداً مستمدة من قطر بيوبنك (11% منهم مصابون بالسكري من النوع الثاني). وقد حدّدت الدراسة 373 مستقلباً مرتبطاً بالسكري من النوع الثاني والسمنة واعتلال الشبكية وعسر شحميات الدم (وهو ما يقاس من خلال مستويات البروتينات الدهنية أو الشحمية). ومن بين الإنجازات اللافتة لهذه الدراسة أن 161 مستقلباً منها لم يسبق لفريق باحثين أن كشف الصلة بينها وبين تلك الأمراض. وتُبرز المستقلبات التي حدّدها فريق الباحثين اضطرابات في مسارات بيولوجية عدة، من تلك الاضطرابات الإجهاد التأكسدي والسّمية الدهنية والسّمية الجلوكوزية، وهي تسبب خللاً وظيفياً وتلفاً على مستوى الخلية.
وما يثير الاهتمام أكثر من ذلك، أن فريق الباحثين حدّد 15 نمطاً لما أطلقوا عليه اسم "البصمات الاستقلابية الإكلينيكية" بناء على مجموعات من مرضى السكري من النوع الثاني لديها مستويات مماثلة من المستقلبات وتتشارك أيضاً في سمتين إكلينيكيتين أو أكثر، مثل السمنة أو الدهون الثلاثية أو مستويات غير صحية من البروتينات الدهنية العالية الكثافة/البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة أو اعتلال الشبكية.
وتحدثت الدكتورة نهى يسري عن الدراسة قائلة: "دراسة الأمراض المعقدة، مثل السكري، تستفيد من توصيف المستقلبات من مختلف المسارات الاستقلابية، فمثل هذه المستقلبات، المتأثرة بالعوامل الوراثية والبيئة في آنٍ واحد، تفيد في توضيح مسارات المرض. وتعطينا هذه الدراسة نظرة متعمقة غير مسبوقة عن المسارات الاستقلابية المشتركة بين داء السكري ومضاعفاته. وبالإضافة إلى ذلك، قمنا بدراسة عيّنة واسعة ما أتاح لنا تحديد مجموعات الأمراض ذات المضاعفات المشابهة المرتبطة بتوصيفات استقلابية متشابهة إلى حد بعيد. ومن شأن تحديد مثل هذه الأنماط الاستقلابية-الإكلينيكية، والتكامل في المستقبل مع توصيفات علوم مثل الجينوميات والبروتيوميات والاستقلابيات وغيرها، أن يعزز نُهج الطب الشخصي في علاج السكري من النوع الثاني، المرض الواسع الانتشار الذي يعانيه كثيرون في منطقتنا وحول العالم".
يُعدّ السكري من النوع الثاني مرضاً معقداً لتعدّد أسبابه وللمجموعة الواسعة من مضاعفاته الإكلينيكية، ما يجعل فهم المرض وكيفية علاجه أو الوقاية منه مسألة في غاية الصعوبة. وللتغلب على مثل هذا التعقيد وما يمثله من تحدٍّ، تستخدم وايل كورنيل للطب - قطر منصة اختبارات دقيقة متقدمة وتقنية حوسبة فائقة، ما يمكّن الباحثين بالكلية من تحليل كميات هائلة من البيانات المعقدة المتأتية من عينات بيولوجية مستمدة من أعداد ضخمة من الأفراد. واستخدام هذه البيانات في إعداد ما يمكن أن نسمّيه "أطلس المرض" للسكري من النوع الثاني ومضاعفاته من شأنه أن يوفّر للباحثين أهدافاً لتطوير أدوية جديدة ووضع نُهج أكثر فعالية في مجال الطب الدقيق.
وعن الدراسة، قال الدكتور خالد فخرو، رئيس قسم الأبحاث ومدير برنامج الطب الدقيق في سدرة للطب وأحد المؤلفين الرئيسين للورقة البحثية: "تؤكد هذه الدراسة مجدداً أهمية التعاون الوثيق بين سدرة للطب ووايل كورنيل للطب - قطر في توصيف السكان القطريين على المستوى الجزيئي. فإنشاء قواعد بيانات مرجعية متعددة العلوم تستند إلى علوم الاستقلابيات والترنسكريبتوم والجينوميات وغيرها لآلاف المواطنين القطريين خطوة أساسية نحو رسم خريطة واسمات الصحة والمرض للسكان المحليين، وذات أهمية بالغة لعموم سكان البلدان العربية".
وقال الدكتور خالد مشاقة، العميد المشارك الأول للبحوث والابتكارات والتداول التجاري في وايل كورنيل للطب - قطر: "تغوص هذه الدراسة المهمة في أعماق استقلابيات السكري من النوع الثاني ومضاعفاته ذات الصلة، وهو داء موهِن ومقلق بشدة للمريض وأسرته على حد سواء. ونحن في وايل كورنيل للطب - قطر نكرّس قدراتنا العلمية الفائقة لتحسين فهمنا للأمراض التي تهمّ القطريين وأفراد المجتمع المحلي وتمهيد الطريق أمام إيجاد علاجات متطورة ".
نُشرت الدراسة بعنوان "البصمات الاستقلابية والاستقلابية الإكلينيكية للسكري من النوع الثاني والسمنة واعتلال الشبكية وعُسر شحميات الدم" في الدورية العلمية المرموقة Diabetes. ومن الباحثين الآخرين الذين أسهموا إسهاماً مهماً فيها، الدكتور رونالد كريستال من وايل كورنيل للطب - نيويورك، الدكتور ستيفن هانت والدكتور كارستن زوري من وايل كورنيل للطب - قطر.
وأُنجزت هذه الدراسة المهمة بدعم من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، عضو مؤسسة قطر (برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي NPRP11S-0114-180299 و NPRP09-740-3-19وNPRP09-741-3-793) وبدعم من قطر بيوبنك. كما تمّت بدعم من مختبر المعلوماتية الحيوية ومن برنامج بحوث الطب الحيوي في وايل كورنيل للطب - قطر، المموّل من مؤسسة قطر.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.