قمّة "ترانسفورم إد" 2025 في الجامعة الأميركية في بيروت تستكشف سبلاً جديدة للتعليم العالي

استضاف مركز عبد الله الغرير للتعليم والتعلّم الرقمي في الجامعة الأميركية في بيروت قمّة "ترانسفورم إد"، وهي لقاء إقليمي جمع على مدى يومين أكثر من 500 مشارك ومشاركة، من بينهم قيادات جامعية وصنّاع سياسات وخبراء تكنولوجيا ومربّين ومبتكرين، لتكوين صورة جديدة عن التعليم العالي في العصر الرقمي تحت شعار "تمكين تجربة المتعلّم".
قدّمت القمّة التي عُقدت في حرم الجامعة في بيروت برنامجًا حيويًا تألّف من خطابات رئيسية وندوات حوارية وورشات تفاعلية ومعرض لابتكارات التكنولوجيا التعليمية. تطرّقت القمّة إلى الأسئلة الحرجة التي تواجه قطاع التعليم العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل: توسيع نطاق الوصول والقدرة على تحمّل التكاليف، ورفع المستويات التعليمية، ومواءمة البرامج الأكاديمية مع احتياجات سوق العمل المتطوّرة.
أصوات مؤثرة في الحوار
شدّد رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري في كلمته الافتتاحية على أهمية رسالة القمّة: "يقف التعليم العالي عند مفترق طرق. علينا أن نكوّن صورة جديدة عن الوصول والقدرة على تحمّل التكاليف والجدوى – مع الحرص على عدم استبدال التكنولوجيا للتواصل الإنساني الذي يكمن في صميم التعلّم." ومهّدت ملاحظات خوري لحوارات مستفيضة استمرت يومين حول كيفية تأقلم المؤسسات مع المعطيات المتغيّرة مع الحفاظ على قيم التعليم الذي يركّز على الإنسان.
وأكّدت دانا دجاني، نائب الرئيس الأول للبرامج والشراكات في مؤسسة عبد الله الغرير، على دور الرسالة الاجتماعية التي تستند إليها القمّة: "كيف نبني أنظمة تعليمية ذات جدوى وقويّة وشاملة لكل متعلّم ولكل سياق؟ ألهم هذا السؤال جُلّ عملنا في مؤسسة عبد الله الغرير. لقد عملنا على مدار العقد الماضي مع الشباب واللاجئين والمؤسسات المحرومة في مختلف أنحاء العالم العربي."
وأبرزت سيندي بونفيني هوتلوز، الرئيسة التنفيذية لشركة سنتريتي، أهمية التصميم الذي يركّز على المتعلّم وأطر الجودة الشاملة في التعليم. وتحدّثت عن الحاجة إلى بناء تجارب تعليم عالمية وسياقية وإنسانية إلى حدٍ كبير – أي تجارب تجتاز الحدود وتتكيّف مع التغيير وتُعدّ المتعلّمين لمستقبل غير مستقرّ. وأشارت، "لم يعد الأمر متعلّقًا بالمنتج بعد الآن، بل بالعملية. وبما أننا هيئة تعليمية، علينا أن نفكّر: ما هي العملية التعلّمية؟"
وركّزت هدى سليلاتي يونان، المديرة التشغيلية والمديرة التسويقية لمايكروسوفت الشرق الأوسط وأفريقيا، على تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي: "تظهر سرعة انتقالنا في هذه التكنولوجيا على وجه الخصوص أنّ علينا أن نتغيّر حقًا، وأن نكون أكثر مرونة، وأن نتطلّع إلى المستقبل. نحن الآن نمكّن الثورة الصناعية القادمة في العالم."
تبادل إقليمي وعالمي
نُظِّمت الندوات الحوارية حول ثلاثة مسارات محورية تناولت الوصول المفتوح إلى التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتعزيز المعايير التعليمية والمهن ومستقبل العمل.
وركّزت ندوة "التعليم الرقمي في أوقات الأزمات" على الحفاظ على استمرارية التعليم خلال النزاعات والتهجير والضائقة الاقتصادية. أدارت الندوة البروفيسورة لينا شويري، نائب وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الأميركية في بيروت، وشارك فيها: دانا دجاني، نائب الرئيس الأول للبرامج والشراكات في مؤسسة عبد الله الغرير؛ وهيام إسحق، رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء؛ وربيع شبلي، المدير التنفيذي لمركز المشاركة المدنية وخدمة المجتمع في الجامعة الأميركية في بيروت؛ والبروفيسور آلان شحادة، عميد كلية مارون سمعان للهندسة والعمارة في الجامعة الأميركية في بيروت.
كما بحثت ندوةٌ حول تعزيز المعايير التعليمية في إعادة تصميم المناهج الدراسية والتعليم المصغّر والمصادر التعليمية المفتوحة وأساليب التقييم المبتكرة. وقد أدار الجلسة البروفيسور زاهر ضاوي، وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الأميركية في بيروت، وشارك فيها: البروفيسور إسماعيل الحنطي، رئيس جامعة الحسين التقنية في الأردن؛ والدكتور بسام بدران، رئيس الجامعة اللبنانية؛ والدكتور فضلو خوري، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت.
وركّزت جلسة "التقريب بين التعليم والتوظيف" على التعلّم مدى الحياة والشراكات مع أرباب الأعمال وإعداد الخرّيجين بالمهارات الفنية والقابلة للتحويل. وقد أدار الجلسة البروفيسور عماد الحاج، العميد المشارك للتحوّل الأكاديمي في كلية مارون سمعان للهندسة والعمارة في الجامعة الأميركية في بيروت، وقد جمعت كلّ من كلارا الصايغ، مهندسة البرامج والمستشارة في شركة سينرجي للمهندسين الاستشاريين؛ وغيا عسيران، مستشارة التوظيف في مؤسسة التمويل الدولية؛ وفرانكي راندل، الاختصاصي في مجال التعليم العالي في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ ورنا غندور سلهب، الشريكة الإدارية في مؤسسة "بيبول آند بربوس" والمديرة التنفيذية في ديلويت الشرق الأوسط والمديرة التنفيذية في مؤسسة "بيبول آند بربوس" ديلويت شمال وجنوب أوروبا؛ والبروفيسور عصام سرور، مدير مركز عبد الله الغرير للتعليم والتعلم الرقمي في الجامعة الأميركية في بيروت.
وإلى جانب الجلسات العامة، أتاحت الورشات والعروض التي أقيمت بالتوازي للمشاركين فرصة التعمّق في موضوعات محدّدة كتصميم المساقات الإلكترونية التفاعلية وتسخير البيانات لنجاح الطلاب، ودعم المتعلّمين في سياقات الأزمات، والنهوض بالتعاون الإقليمي في التعليم الرقمي.
وكان أبرز فعاليات القمّة المعرض المتخصّص في قطاع تكنولوجيا التعليم، حيث قدّمت الجهات العارضة في مجال التكنولوجيا التعليمية أدوات ومنصات حديثة مصمّمة لجعل التعلّم أكثر تكيّفًا وإتاحةً وإمتاعًا. وقد حظي المشاركون بفرصة تجربة العروض والتواصل مع مقدّمي الحلول الذين يشكّلون مستقبل التكنولوجيا التعليمية في المنطقة.
النتائج والأهمية
اختُتمت قمة "ترانسفورم إد" بدعوة لترسيخ التعاون مع الجامعات والمعنيين بالمجال والحكومات والمنظّمات غير الحكومية للحفاظ على زخم الابتكار. وقد شدّد المحاورون والمشاركون على حدِّ سواء على أهمية التعلّم مدى الحياة والمرونة في تصميم المناهج الدراسية والوصول العادل إلى فرص التعليم الرقمي.
كما جدّدت القمة التأكيد على دور الجامعة الأميركية في بيروت الريادي في المنطقة في تشكيل التعليم التحوّلي. وقد أبرزت الجامعة من خلال اجتماعها بالجهات المعنية من مختلف أنحاء العالم العربي وخارجه أهمية بيروت كمركز للحوار النقدي والابتكار في التعليم العالي.
خلفية عامة
الجامعة الأمريكية في بيروت
الجامعة الأمريكية في بيروت هي جامعة لبنانية خاصة تأسست في 18 نوفمبر 1866، وتقع في منطقة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية، وبدأت الكلية العمل بموجب ميثاق منحها إعترافا حصل عليه الدكتور دانيال بليس من ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. افتتحت الجامعة أبوابها في 3 ديسمبر عام 1866 لتمارس نشاطها في منزل مستأجر في أحد مناطق بيروت.
تعتمد الجامعة معايير أكاديمية عالية وتلتزم مبادىء التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع. وهي مؤسسة تعليمية مفتوحة لجميع الطلاب دون تمييز في الأعراق أو المعتقد الديني أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء السياسي، وهذا ما أرساه مؤسسها الداعية الليبيرالي دانيال بليس.