كيف تُساهم مدارس مؤسسة قطر في تعزيز الوعي بأهمية الحد من التنمر الالكتروني؟

باتت ظاهرة التنمر في المدارس حول العالم وكيفية مواجهتها، محط اهتمام من قبل الاخصائيين لا سيما في الفترة الأخيرة مع إغلاق المدارس الناجم عن انتشار جائحة (كوفيد- 19).
على الرغم من وجود أنواع مختلفة من التنمر قد يتعرض لها الطالب، مثل التنمر البدني أو اللفظي أو العاطفي، فإن التنمر الالكتروني يعدّ التحدي الأكثر خطورة كونه يحصل في بيئات الكترونية يصعب التعرف عليها من قبل البالغين.
هذا ما تؤكده هيذر لي، خبيرة نفسية في مركز التعلم، وهو مركز متخصص للطلاب ممن لديهم احتياجات تعليمية معينة، وجزء من التعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر، وتقول:" قد يحدث التنمر- وهو عبارة عن سلوك متعمد يهدف إلى أذية أو إهانة الطالب جسديًا أو معنويًا- في المدرسة، أو المجتمع، أو عبر الانترنت، وهو ينتج عن اختلال في توازن القوى بين الطرفين، حيث ينظر الطلاب المتنمرون إلى هدفهم على أنه ضعيف وغالبًا ما يشعرون بالرضا عن إلحاق الأذى بهم. ويعدّ التنمر الالكتروني أكثر الأنواع تأثيرًا على صحة الطالب النفسية".
تتابع:" التنمر الإلكتروني، هو استخدام التكنولوجيا لإيذاء الآخرين عن قصد وبشكل متكرر من خلال منصات الكترونية، على سبيل المثال، قد ينشر فرد ما تعليقات غير لائقة أو شائعات حول فرد آخر على موقع مثل انستغرام، أو فيسبوك، أو إرسال رسائل الكترونية مسيئة أو تهديدية. من أهم التحديات التي تواجه التنمر عبر الإنترنت هو أنه يمكن أن يحدث على مدار اليوم، أيضًا، إمكانية إخفاء المتنمر لهويته، والأسوأ من ذلك كله، إمكانية الوصول إلى جمهور أكبر".
تضيف:" قد يواجه الأطفال الذين يتعرضون للتنمر مشاكل جسدية ونفسية، كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق، ولديهم شعور متزايد بالحزن والوحدة، ويعانون من تغيرات في أنماط النوم وتناول الطعام، قد يعانون أيضًا من انخفاض مستوى التحصيل الدراسي".
عوامل حماية
مع اعتماد المؤسسات التعليمية وسائل التعليم عن بعد للوقاية من وباء (كوفيد-19)، فقد ازدادت المخاوف حول ارتفاع خطر ومعدل التنمر عبر الإنترنت. ولكن جودي ر. روبرسون. خبير نفسي في مركز التعلم في أكاديمية العوسج، لديه نظرة مختلفة، حيث يقول:" في الواقع، مراقبة الأهل لاستخدام أبنائهم للتكنولوجيا عن كثب، وقضاء الأطفال المزيد من الوقت مع أسرهم يساهم في الحدّ من مخاطر التنمر الالكتروني".
يضيف:" بسبب الإجهاد النفسي الذي يسببه الوباء العالمي، من المرجح أن يركز الناس على تلبية احتياجاتهم الأساسية؛ بدلًا من استثمار طاقتهم في أشياء أخرى أقل أهمية، مثل التنمر. ما نراه أيضًا أن الطلاب الأكبر سنًا يميلون الآن إلى تقديم الدعم لأقرانهم، والحفاظ على علاقات صحية عبر الإنترنت مع الأصدقاء".
إجراءات وقائية
يؤكد لي وروبرسون، أن حالات التنمر في دولة قطر لا تعتبر مرتفعة مقارنة بالإحصائيات العالمية، وفي حال حصلت في مدارس مؤسسة قطر، فإن هناك إجراءات وقائية عدة للحد منها.
تقول الخبيرة النفسية هيذر لي": "تتعلق العديد من الحالات التي لدينا، في مدارس مؤسسة قطر، بتجربة التنمر بسبب الاختلافات الثقافية. كما يلعب عامل المظهر دورًا في ذلك". تضيف:" لقد كان لدي طلابًا يعانون من صعوبات في التعلم كونهم أهدافًا للمتنمرين، وهم غالبًا ما لا يدركون أنهم أهداف، ولا يفهمون التنمر، ولا يمتلكون حتى القدرة للدفاع عن أنفسه".
تركز مدارس مؤسسة قطر على الاستراتيجيات الاستباقية لحماية الطلاب من التنمر، حيث تضم جميعها مستشارين وعلماء نفس، وخلال فترة التعلم عن بعد، يتم تقديم الدعم للطلاب عبر الإنترنت.
يقول روبرسون:" يتم التعامل مع حالات التنمر في مدارس مؤسسة قطر بناء على سياسات مكافحة التنمر الخاصة بكل مدرسة، وغالبًا يتم إبلاغنا من قبل أولياء الأمور عن تعرض أطفالهم للتنمر، فيتم التحقيق بذلك على الفور. بينما يشارك الطلاب الأكبر سنًا تجاربهم مع المستشار في مدرستهم أو صديق مقرب".
يتابع:" كخبراء في الصحة النفسية، نقوم بتعليم الطلاب استراتيجيات معينة مثل كيفية الرد على التنمر، وكيفية حظر التنمر الإلكتروني والإبلاغ عنه أو تجاهله، وكيفية دعم الأصدقاء الذين كانوا ضحايا للتنمر، والكثير من أشكال الدعم الأخرى. كما نقوم بتعزيز ثقة طلابنا بأنفسهم حتى يتمكنوا من التغلب على التنمر بطريقة صحية".
وتشير لي إلى أن بعض مدارس مؤسسة قطر تضم سفراء الصحة النفسية، وهم طلاب مدربون خصيصًا لنشر الوعي بين أقرانهم من خلال المنصات الالكترونية، والتجمعات المدرسية، والحملات.
تضيف:" تخصص العديد من مدارسنا أيامًا للتوعية ضد التنمر، كما تركز المناهج الدراسية على قيم التنوع الثقافي، هذا بالإضافة إلى وجود طلاب مدربين على كيفية مراقبة التنمر والإبلاغ عنه".
دور أولياء الأمور
كذلك يقدم الخبيران النفسيان في مؤسسة قطر، عدة مؤشرات تمكن أولياء الأمور من معرفة ما إذا كان طفلهم ضحية للتنمر الالكتروني، ومن بينها استخدام الهواتف بشكل أقل من السابق، العزلة، انخفاض مستوى التحصيل الدراسي، تراجع الثقة بالنفس، تغيير الأصدقاء، والسرية بشأن الوسائل الالكترونية.
وهما ينصحان أولياء الأمور في حال وجود هذه المؤشرات، بالتحدث إلى أطفالهم حول التنمر الالكتروني، وقضاء المزيد من الوقت معهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتنمية مواهبهم وقدراتهم. هذا بالإضافة إلى مراقبة استخدام الأبناء للإنترنت ووفقًا لأوقات معينة، وضرورة معرفة كلمات المرور الخاصة بهم.
في حال اكتشف أولياء الأمور أن طفلهم تعرض للتنمر الالكتروني، يوصي الخبيران النفسيان لي وروبرسون بالخطوات التالية: طمأنة الطفل بأنه قام بالتصرف السليم من خلال إخبارك بما يجري، والتأكيد على ضرورة عدم الاستجابة للتنمر، فقد يزيد ذلك الأمور سوءًا، وتعليم الأبناء حظر الرسائل وتجاهلها والإبلاغ عنها على منصات التواصل الاجتماعي، وإعداد سجل للتنمر وجمع الأدلة، وإزالة المتنمر من قوائم "الأصدقاء" وتعيين الملفات الشخصية للشبكة الاجتماعية لطفلك على "خاص".
إذا كان التنمر شديدًا، والجاني إما غير معروف، أو ليس طالبًا في مدرسة طفلهم، فقد يحتاجون إلى إبلاغ الشرطة عن التنمر الالكتروني.
وتختتم لي بالقول:" إذا كان الوالدان غير متأكدين مما يجب القيام به، أو كيفية التحدث إلى أطفالهم، فإن المرشدين في المدارس أو خبراء الصحة النفسية هم دائمًا موجودون للمساعدة في دعم وتوجيه أولياء الأمور وكذلك الطلاب".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.