مناظرات الدوحة التابعة لمؤسسة قطر تتطرق الى المساواة الجندرية

تعيد مناظرات الدوحة التابعة لمؤسسة قطر موضوع المساواة بين الجنسين الى دائرة الضوء، حيث ناقش الخبراء ايجابيات وسلبيات الكوتا الجندرية في لقاء في المدينة التعليمية أثبت بأن الاحتراس من فيروس كورونا لا يشكل عائقاً أمام الحوار العالمي.
مع انتشار فيروس "كوفيد-19" في جميع أنحاء العالم والذي دفع إلى تقليص التجمعات الاجتماعية، استضافت جامعة نورثوسترن في قطر المناظرة - بالتزامن مع يوم المرأة العالمي - بدون جمهور. وقد استعاض الطلاب والمشاهدون الآخرون من البرازيل وتركيا إلى اليابان بوسائل التواصل الاجتماعي للمساهمة والتعليق وتوجيه الأسئلة الى المتحاورين.
افتتحت مديرة الحوار غيدا فخري المناظرة، مشيرة إلى أن الخبراء يقدّرون بأن إغلاق الفجوة بين الجنسين سيستغرق قرنًا آخر، وأن ذلك يبعث على التساؤل عما إذا كانت الكوتا الجندرية ستعجل بالتغيير، أو انها غير فعّالة أو حتى مهينة.
وقد طالبت رندة عبد الفتاح، الروائية والمحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان من أستراليا، بالكوتا الجندرية التي تعتبر أيضًا تقاطع أشكال التمييز – مشددة على ضرورة وقف أشكال عدم المساواة الجندرية والعرقية، لافتة الى انه لا يمكن حل قضية معقدة مثل عدم المساواة الجندرية بمحدودية.
وقالت عبد الفتاح، التي أشارت الى الحاجة لتقاطع أشكال التمييز، أنه من أصل 19 ألف أستاذ جامعي في المملكة المتحدة، هناك حوالي أربعة آلاف امرأة من العرق الأبيض - وفقط 25 امرأة من العرق الأسود. وقالت "إن عدم المساواة الجندرية يؤثر بشكل واضح على النساء، ولكن بعضهن أكثر من البعض الآخر؛" وحثت المستمعين على العمل لابتكار أشكال جديدة وثورية للقيادة والتعليم.
وأضافت "تتمتع النساء من العرق الأبيض بامتياز عنصري حتى عندما يحاربن التحيز الجنساني، وتعريف النساء من خلال محور قمعي موحد، يدفعنا الى التخندق أكثر في العنصرية. نحن بحاجة إلى الكوتا الجندرية للوصول الى إعادة توزيع جذري لديناميكية القوة هذه."
بدورها، قالت عائشة أكانبي، المعلقة الثقافية والفنانة والمصممة، إن نظام الكوتا يمكن أن يكون حلاً مهمًا على المدى القصير، لكن الهدف الحقيقي يجب أن يكون في خلق مجتمع لا يحتاج إلى نظام الكوتا. وأشارت إلى انه "إذا كنا لا نحبذ الكوتا الجندرية، كما هو حال الكثيرين منا، فعلينا أن ننشط في بناء عالم لا يكون هذا النظام فيه ضروريًا"، مضيفة أنه من المحتمل أن تسبب الكوتا توترًا إذا اعتقد الناس أن زملاءهم هم فقط عملية تسجيل موقف على قائمة تحقيق التنوع."
وقالت أكانبي ان موضوع المساواة الجندرية يجب ألا يبقى أسير غرف الاجتماعات والأوساط الأكاديمية فحسب، "وإلا فإننا نهتم بالسلطة أكثر من اهتمامنا بالمساواة". وأكدت أنه في حين أن نظام الكوتا قد ينجح في بعض الأحيان، إلا أن هناك حاجة إلى نهج أكثر شمولية يتضمن إعادة تنظيم جذرية للمجتمع وإعادة التفكير الجاد في الأدوار التقليدية للجنسين.
من جانبها، عارضت الكاتبة والباحثة الأمريكية كريستينا هوف سومرز بشدة الكوتا الجندرية، مدعية أنها تهين المرأة وأن المساواة الجندرية يجب أن تحدث بشكل طبيعي، وقالت إنه لا يوجد دليل على أن الكوتا هي الحل.
وقالت إن الكوتا الجندرية، في مجتمعات غير ديمقراطية وأقل ازدهارًا، "تلحق ضررًا فعليًا" لأنها تأخذ النساء الموهوبات "من المجتمع الى الدولة حيث هناك حاجة ماسة إليهن؛" وأشارت الى ان ذلك يؤدي الى إجبارهن على الصمت، وإلى خلق طبقة خادعة من المساواة. واستشهدت بمثال رواندا، معتبرة أنه في الحقيقة أكثر من 60 في المائة من البرلمان يتكون من نساء يعملن ضد أنفسهن.
وقالت إنه "علينا ان نتعامل مع الأفراد، في كل ما نقوم به، كأفراد وليس كرموز". "الكوتا غير فعّالة وضارة وترسل رسالة خاطئة للنساء. وعلى الرغم من عدم وجود حل ثابت لعدم المساواة الجندرية، فإن الحل لهذه المسألة سيأتي من حرية التعبير والنقاش."
بدوره، شجع الدكتور غوفيندا كلايتون، مقرِّب وجهات النظر في المناظرة، المتحدثين على إيجاد بعض التوافق فيما بينهن، لافتًا إلى وجود إجماع حول نقطة واحدة وهي أن الكوتا الجندرية ليست "الترياق الذي سيزيل اللامساواة المترسخة التي نعيشها."
هذا التصريح دفع بأكانبي الى القول إن الكوتا قد تكون مفيدة في دوائر مثل الحكومات، لكن هناك حاجة للتفكير في أسباب الاختلالات الاجتماعية التي قد لا تكون بسبب التمييز. في حين وافقت هوف سومرز على أنه ليس كل الاختلافات في المجتمع بسبب التمييز، إلا أنها قالت إن هناك طرقًا أفضل من الكوتا لتحقيق التنوع والمساواة، مشيرة الى ان هذا التغيير يجب ان يحدث بشكل طبيعي كي يكون فعالًا
لكن عبد الفتاح قالت إنه قد يُنظر إلى بدايات نظام الكوتا على أنه رمزي، إلا ان العبء العملي يجب ان يركز على إيجاد حل لمعضلة التمثيل الزائد مقابل التمثيل الناقص، مشددة على ان "هذا لا يتعلق بالرجال الأشرار مقابل النساء الصالحات؛ إنما يتعلق بتحدي التركيبة الحالية وتغييرها."
بعد المداخلات الافتتاحية، حصد موقف أكانبي الوسط أكبر عدد من الأصوات، مع ما يقرب من 41 بالمائة من المجموع. ومع نهاية المناظرة، تغيرت المواقف، وحصلت هوف سومرز مع موقفها المناهض للكوتا على 41 في المائة من الأصوات، فيما حصلت عبد الفتاح على 32 في المائة من مجموع الأصوات، وأكانبي على 27 في المائة منها.
وفي جزء ما بعد العرض، تحدثت مراسلة مناظرات الدوحة نيلوفر هدايات مع البروفيسور زرقا بارفيز، الأستاذة المحاضرة في دراسات الشرق الأوسط في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة العضو في مؤسسة قطر، للحصول على وجهة نظرها بشأن النقاش. ولم توافق البروفيسور بارفيز، التي تشمل أبحاثها المرأة، الهوية والقومية في منطقة الخليج، الرأي بأن "التغيير سيحدث طبيعيًا،" قائلة "لا نملك ميزة الانتظار 100 عام أو أكثر".
وانتهت المناظرة بحوار عالمي بين هدايات والطلاب والمشاهدين الآخرين الذين تم الاتصال المباشر بهم أو أرسلوا فيديو عبر موقع انستغرام. من بينهم الطالبة من جامعة نورث وسترن في قطر إيدن كيبيدي التي كانت الى جانب الكوتا، وقد قالت "إن الأمر لا يتعلق بالحصول على هذه الوظيفة – إنما هو بمثابة تعويض للقمع الذي تعرضت له امهاتنا والذي مر به كل الأجيال."
وقالت "في كل مكان، هناك نساء من خلفيات ثقافية مختلفة، ونحتاج فقط إلى أخذ ذلك في الاعتبار حتى نتمكن من إيجاد أرضية مشتركة ومحاربة النظام الأبوي بدلاً من محاربة بعضنا البعض."
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.