هل يمكن لنماذج محاكاة الأمم المتحدة أن تجعل المناهج الدراسية أكثر فعالية؟

في كلّ عام، وفي ختام كل نسخة من مؤتمرات ثيمون قطر – نموذج محاكاة الأمم المتحدة-، تُخصِّص فاطمة المهدي بعضًا من الوقت لتفقُّد وجوه طلابها المشرقة، وتتأمل ملامح الفخر والبهجة التي تكلل جهدهم بعد عام كامل من الإعداد والتعلُّم وتنمية المهارات.
بصفتها مدير مؤتمر ثيمون قطر منذ عام 2018، تعاونت فاطمة المهدي عن كثب مع كل مجموعة من اليافعين الشغوفين منذ لحظة تسجيلهم للمشاركة في مؤتمرت ثيمون. كما هو الحال مع أي مُعلِّم أو تربوي فخور بعمله، يملأ فاطمة شغف كبير بتحقيق كل طالب أقصى استفادة ممكنة من التجربة، مما يعزز ثقته بنفسه وتحقيقه لذاته. يرجع حماس فاطمة المهدي إلى تعاونها مع الطلاب عن كثب، في إطار العمل بمبادئ ثيمون المتمثلة بالحوار والتنمية المهنية وفق المناهج المطبقة في المدارس داخل دولة قطر.
وفي إشارة منها إلى المؤتمر الذي يُقام كل عامين حول التعليم، بما فيه المدرسة التقدمية التي أسستها مؤسسة قطر حديثًا، والتي تهدف إلى تغيير النموذج التقليدي للتعليم في الفصول الدراسية وإعادة صياغة مفهوم التعليم من خلال البحث والاكتشاف، تقول المهدي: "لقد جرت مناقشات عديدة حول التعليم في مؤسسة قطر والعراقيل التي تواجه نموذج التعليم. إنه لأمر مشجع أن تصل هذه النقاشات إلى منصات عالمية مثل مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم (وايز)، وأن تُطبقها مؤسسة قطر بشكل عملي من خلال إنشاء مدرسة أكاديميتي على سبيل المثال".
تضيف: "غير أن الخطوة التالية تكمن في إعادة صياغة المناهج الحالية بالمدارس القطرية على نحو يحاكي النماذج المطبقة في مؤتمرات ثيمون، والتي تهدف في جوهرها إلى توفير بيئة آمنة للطلاب، للمشاركة في مناقشات يومية مفتوحة حول القضايا العالمية، وتنمية المهارات الحياتية الأساسية بشكل عملي".
لقد تأسس المكتب الإقليمي لمؤتمر ثيمون قطر وفق مشروع مشترك بين مؤسسة قطر والنموذج الدولي لمحاكاة الأمم المتحدة في عام 2011. ويدعم المكتب الجهود المبذولة في أنحاء المنطقة لتطوير البرامج والفعاليات المنصبّة على النشء والشباب، سعيًا لإيجاد حلول للعديد من المشكلات العالمية، وذلك من خلال المناقشة، التباحث والحوار، الحِراك الفردي.
يُعد المؤتمر الأبرز لـثيمون قطر هو فعالية نموذج محاكاة الأمم المتحدة التي تُقام في شهر فبراير من كل عام بهدف تأهيل الطلاب وتمكينهم من أداء دورهم كممثلين في نموذج الأمم المتحدة، وذلك خلال المؤتمر الذي ينعقد في شهر فبراير، وقد نظّمت مؤسسة ثيمون قطر أيضًا، مؤتمر قطر للقيادة (QLC).
يُعد مؤتمر قطر للقيادة هو الأكبر من نوعه في مجال التنمية المهنية في منطقة الشرق الأوسط، حيث يشارك فيه أكثر من 900 طالب من ثماني دول مختلفة. وتتمحور فعالياته حول تنمية المهارات السلوكية، مثل التحاور، القيادة، التواصل، والخطاب العام، الريادة في الأعمال، وكذلك فهم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بشكل أعمق.
تسلط فاطمة المهدي خلال عملها في ثيمون قطر الضوء على مراحل التطور التي يمرّ بها الطلاب المشاركين في برنامج الأنشطة غير الدراسية ونضوجهم كطلاب واثقين من أنفسهم ومفكرين ذوي عقلية ناقدة. غير أنها تشير في الوقت ذاته إلى أنه ليس كل طالب يتمتع بالقدرة على المشاركة في هذه النوعية من البرامج غير الدراسية لعددٍ من الأسباب. فقد ترتبط قدرة الطلاب على المشاركة بالقدرة على اغتنام فرص المشاركة في المناقشات المُحفِّزة للفِكر والهادفة إلى تطوير مهاراتهم.
تستطرد فاطمة المهدي قائلةً: "في إطار ثيمون قطر، ينخرط هؤلاء الطلاب في حوار حول قضايا عالمية، وهي القضايا التي سيواجهونها بأنفسهم في واقع حياتهم بالمستقبل القريب. فإذا وضعنا ما يتعلمونه كل يوم في إطار يعكس القضايا العالمية المطروحة في ثيمون قطر، ستُتاح لمزيد من الطلاب فرصة المشاركة في عملية التبادل الفكري الهادف إلى نقاش القضايا العالمية المعاصرة بأسلوب آمن ومثمر".
أضافت: "ينظر الطلاب حاليًا إلى مجتمعهم بنظرة مختلفة، متأثرين في ذلك بالعصر الرقمي الذي يعيشون فيه، حيث يتاح لهم الوصول إلى أي معلومة يريدونها بسهولة. وذلك يفرض علينا كتربويين ومعلمين أن نطرح القضايا العالمية للنقاش في الفصل الدراسي بصفة يومية عن طريق جعل ذلك جزءًا من المنهج التعليمي حتى تتم هذه الحوارات في كنف التوجيه والدراسة، بما يتماشى مع حياتنا الشخصية، قيمنا، ومنظومات معتقداتنا. لن يتوقف الأمر عند حد المشاركة فحسب، بل إننا من خلال طرح القضايا ومناقشة الإيجابيات والسلبيات نعمل على تمكين الطلاب وإكسابهم الثقة عند مواجهة أي تحدٍ أو أي مشكلة تصادفهم في حياتهم المستقبلية".
من ناحية أخرى، تؤكد السيدة فاطمة المهدي أن الأنشطة غير الدراسية مثل ثيمون قطر كفيلة بتحقيق الكثير، بل إنها قادرة على الوصول إلى العديد والعديد من الطلاب. تختتم بالتأكيد على ذلك قائلةً: "حتى بين جموع المشارِكين في مؤتمر ثيمون قطر، نتطلع إلى استمرار المحادثات وألاّ تتوقف عند انتهاء الفعاليات. فإذا وظفنا نقاط القوّة في نموذج ثيمون قطر بالمناهج الدراسية، يصبح بمقدورنا أن نُفسح المجال لمشاركة مزيد من الطلاب في حوار منفتح، ومن ثم تنمية شخصياتهم على نحو هادف يتجاوز حدود الفصل الدراسي. وحينها فقط نكون قد بدأنا في تأسيس
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.