ما يزال الجيش يفرض سيطرته على مدينة بانياس (غرب سوريا) بينما تستمر حملة الاعتقالات الواسعة الثلاثاء في عدة مدن سورية فيما دعا ناشطون الى مواصلة الاحتجاجات في يوم "ثلاثاء النصرة" للمطالبة بالافراج عن الاف المعتقلين في السجون السورية.
ياتي ذلك فيما تبنى لاتحاد الاوروبي رسميا عقوبات ضد سوريا تشمل 13 شخصية في مقدمها ماهر الاسد شقيق الرئيس السوري.
وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان "الجيش يسيطر بالكامل على كامل انحاء بانياس حيث تستمر حملة اعتقالات واسعة في هذه المدينة والقرى المجاورة لها كالبيضا والمرقب".
واكد "ان قوات الجيش تتابع حملتها من اجل القبض على قادة الاحتجاجات ومنهم انس الشغري".
واوقف 450 شخصا خلال الايام الثلاثة الماضية في بانياس منذ ان بدا الجيش بدخول المدينة السبت لقمع حركة الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
كما ذكر المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له في بيان الثلاثاء ان "السلطات الامنية السورية شنت يوم الاثنين حملة اعتقالات في منطقة السلمية وسط سوريا طالت خمسين ناشطا سياسيا".
واضاف المرصد ان من ابرز المعتقلين "القيادي في حزب العمل الشيوعي والسجين السياسي السابق حسن زهرة ونجله والمعارض والسجين السياسي السابق علي صبر درويش".
وقال المرصد ان "الاجهزة الامنية السورية اعتقلت خلال الاسابيع الماضية آلاف الناشطين في اطار حملته لقمع وانهاء التظاهرات التي انطلقت في سوريا منذ 15 اذار/مارس وما زالت مستمرة حتى الان".
ودان المرصد "بشدة" استمرار السلطات الامنية السورية في "ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي على الرغم من رفع حالة الطوارئ".
وتحدث ناشط حقوقي اخر طلب عدم الكشف عن اسمه عن "انباء عن اعتقالات جرت فجر الثلاثاء في اللاذقية، مرفأ البلاد الاساسي، وفي ريف دمشق وفي ادلب"، بدون اعطاء المزيد من التفاصيل.
ولفت الى "دخول الجيش الى القرى المجاورة لدرعا، انخل وجاسم والصنمين، اثناء قيام الاهالي باعتصامات ليلية"، موضحا انه "سمع اطلاق نار كثيف في انخل وجاسم على الرغم من ان هذه البلدات اصدرت بيانات تفيد انها لم تطلب دخول الجيش".
وفي المعضمية (ريف دمشق)، افاد ناشط حقوقي ان "البلدة غائبة عن العالم الخارجي".
واضاف ان "سيارات الامن شوهدت وهي تنقل معتقلين من اهالي المدينة"، مشيرا الى ان السلطات "عززت من سيطرتها وما زالت قبضتها الامنية مستمرة في كل انحاء سوريا".
وفي السياق نفسه، ذكر المحامي ميشيل شماس لوكالة فرانس برس ان القضاء السوري افرج بكفالة الثلاثاء عن ستة ناشطين ومثقفين بينهم الكاتب فايز سارة والقيادي جورج صبرا والناشط كمال شيخو.
كما افرجت "السلطات الامنية مساء الاثنين عن المحامي حسن اسماعيل عبد العظيم الامين العام لحزب التجمع الديموقراطي والباحث حازم نهار دون احالتهما الى القضاء" بحسب المحامي.
كما اشار الى ان "السلطات السورية اطلقت سراح الكاتب حبيب صالح بعد أن أتم مدة الحكم عليه".
وعلى الرغم من ذلك، دعت صفحة "الثورة السورية" على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الى التظاهر في "ثلاثاء النصرة" تضامنا مع "معتقلي الراي والضمير في السجون السورية".
من جانب آخر، اعلن مفتي درعا معقل حركة الاحتجاج التي تشهدها سوريا منذ 15 اذار/مارس، انه تراجع عن استقالته من منصبه مؤكدا انها حدثت تحت الضغوط في اطار "مؤامرة" تهدف الى "التقسيم وبث الفتنة والطائفية".
ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) الثلاثاء عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أن عدد الذين سلموا أنفسهم من "المتورطين" (في الاحتجاجات) ارتفع ليصل حتى اليوم الثلاثاء "إلى 2684 شخصا في مختلف المحافظات".
واشار المصدر الى ان السلطات "افرجت عنهم فورا بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطن".
يذكر أن وزارة الداخلية كانت اصدرت بيانا بداية ايار/مايو دعت فيه "كل من غرر بهم وشاركوا أو قاموا بأعمال يعاقب عليها القانون من حمل للسلاح أو إخلال بالأمن أو الإدلاء ببيانات مضللة إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات المختصة والإعلام عن المخربين والإرهابيين وأماكن وجود الأسلحة".
وحددت لذلك مهلة لغاية 15 ايار/مايو "لإعفائهم من العقاب والتبعات القانونية وعدم ملاحقتهم" في حال بادروا الى ذلك.
واعتبرت مستشارة للرئيس السوري بشار الاسد الاثنين في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" ان الاخطر في الثورة التي عصفت بسوريا منذ حوالى الشهرين قد مر "واصبح وراءنا".
واضافت بثينة شعبان ايضا في هذه المقابلة "لا يمكن ان نكون متسامحين مع اناس يقومون بتمرد مسلح".
من جهته، قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان سوريا يمكن ان "تحل مشاكلها بنفسها" بدون تدخل خارجي، على ما ذكرت وسائل الاعلام الايرانية الثلاثاء.
وفي نيويورك، قامت دول غربية بمحاولة جديدة لحمل مجلس الامن الدولي على ادانة سوريا بسبب قمعها للمتظاهرين المعارضين كما افاد دبلوماسيون.
واثارت بريطانيا خلال اجتماع لمجلس الامن الاثنين رفض سوريا السماح لبعثة تقييم انسانية بالدخول الى مدينة درعا جنوب سوريا التي انطلقت منها تظاهرات الاحتجاج.
وتقوم دول غربية في موازاة ذلك بتسريع حملة لمنع سوريا من الحصول على مقعد في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة خلال تصويت يجري الاسبوع المقبل.
من ناحيتها نددت فرنسا الثلاثاء بالعراقيل التي تتعرض لها في سوريا المهام الانسانية للامم المتحدة وحثت السلطات السورية على "احترام مبدا الوصول الانساني الفوري" خصوصا الى الجرحى والمعتقلين.
وقال برنار فاليرو المتحدث باسم الخارجية الفرنسية "رفضت السلطات السورية، بعكس تعهداتها، ان تزور بعثة انسانية نهاية الاسبوع الماضي درعا في جنوب سوريا".
واضاف "ان هذا التحول مثير للقلق وغير مقبول (..) وهو لا يتيح للامم المتحدة تقويم حاجات السكان وتقديم المساعدة المطلوبة لهم في الوقت الذي خضع فيه هؤلاء لحصار عسكري لعدة ايام حرم خلاله السكان من التمتع بالخدمات الاساسية". واوقع القمع مئات القتلى والجرحى.
واشار المتحدث الى انه "رغم الموافقة المبدئية للسلطات فان اللجنة الدولية للصليب الاحمر لم تتمكن من زيارة درعا الا لساعات قليلة وكانت موضع مواكبة لصيقة" من السلطات.
وقال فاليرو "ان القمع الشديد الذي تمارسه السلطات السورية على المتظاهرين والسكان المدنيين، غير مقبول" وعلى السلطات السورية "احترام مبدا الوصول الانساني الفوري وبلا عراقيل الى اي مكان فيه اشخاص يحتاجون مساعدة بمن فيهم الجرحى والمعتقلون".
وقال المتحدث ان الشركات الفرنسية في سوريا جمعت بدعوة من السفارة الفرنسية في دمشق، عشرة آلاف دولار استخدمت بالخصوص لتقديم 1,7 طن من حليب الرضع للهلال الاحمر لتوزيعها في درعا وحمص وبانياس.
وذكرت وكالة سانا انه "تظاهر العشرات من نساء الحزب الشيوعي السوري اليوم )الثلاثاء) أمام مقر بعثة المفوضية الاوروبية والمئات من المواطنين امام السفارة الفرنسية بدمشق احتجاجا على مواقف الاتحاد الاوروبى وفرنسا تجاه الاحداث التي شهدتها بعض المناطق في سوريا".
وتقول منظمات للدفاع عن حقوق الانسان ان ما بين 600 و700 شخص قتلوا في سوريا منذ اندلاع حركة الاحتجاج في 15 اذار/مارس فيما اعتقل ثمانية الاف اخرين على الاقل.