مقتل العشرات في حماة والولايات المتحدة تكثف اتصالاتها بالمعارضة

تاريخ النشر: 04 أغسطس 2011 - 03:34 GMT
متظاهرون يحملون جثة متظاهر قتل في حمص
متظاهرون يحملون جثة متظاهر قتل في حمص

قتلت قوات سورية 45 مدنيا في هجوم بالدبابات على مدينة حماة المحاصرة، فيما كثفت الولايات المتحدة اتصالات مع المعارضة السورية مع تزايد مخاوف من أن القمع المستمر الذي يمارسه الرئيس بشار الاسد قد يدفع البلاد الى ان ينتهي الأمر بحالة من الفوضى.
وفر الاف المدنيين من المدينة وهي معقل للاحتجاجات تحاصرها قوات بالدبابات والاسلحة الثقيلة.
وقال نشطون انه تم قطع الكهرباء والاتصالات عن المدينة وقتل ما يصل الى 130 شخصا في هجوم بدأه الجيش قبل أربعة أيام عندما أرسل الاسد قوات الى حماة يوم الاحد.
وردا على الهجمات المكثفة في حماة ومناطق سورية أخرى أدان مجلس الامن الدولي استخدام القوة ضد المدنيين في أول رد ملموس على التوترات في سوريا والتي بدأت قبل خمسة شهور.
وقال سكان في حماة ان الدبابات تقدمت تجاه ساحة العاصي الرئيسية بالمدينة والتي شهدت بعضا من أكبر الاحتجاجات على الاسد. واعتلى القناصة أسطح المنازل وقلعة قريبة.
وقال نشط تمكن من مغادرة المدينة لرويترز ان 40 شخصا قتلوا بنيران البنادق وقصف الدبابات في منطقة الحاضر يوم الاربعاء وفي وقت مبكر من يوم الخميس.
وأضاف النشط الذي قال ان اسمه ثائر أن خمسة اشخاص اخرين من عائلتي فخري والاسعد -من بينهم طفلان- قتلوا بينما كانوا يحاولون مغادرة حماة بالسيارة على طريق الظاهرية.
وحماة من مراكز الاحتجاج الرئيسية على حكم الاسد مما يعيد الى الاذهان ذكريات عام 1982 عندما أرسل الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد والد بشار قوات لقمع احتجاجت للاسلاميين في المدينة مما أدى الى مقتل الالاف وتسوية مناطق كثيرة في حي الحاضر بالارض.
وتحركت الدبابات الاسبوع الماضي أيضا داخل مدينة دير الزور الشرقية وبلدة البوكمال على الحدود مع العراق. وشهدت البلدتان احتجاجات كبيرة تطالب بالديمقراطية في سوريا.
وقال دبلوماسي في العاصمة السورية "تعتقد الاجهزة الامنية أن بامكانها انهاء هذه الانتفاضة بالاعتماد على الخيار الامني وقتل سوريين وفقا لما يرون أن الامر يتطلبه."
وأضاف "تطلق الدبابات نيرانها على المبان السكنية في حماة ودير الزور بعدما سمح لاسابيع بالاحتجاجات السلمية في المدينتين. وهذه هي المرة الاولى التي يستخدم فيها النظام الدبابات بهذه الوحشية الموجهة."
وتقول السلطات السورية ان الجيش دخل حماة لمواجهة جماعات مسلحة تحاول السيطرة على المدينة وأن مسلحين قتلوا ثمانية جنود على الاقل.
ومن الصعب التحقق من الروايات المتناقضة للنشطاء ووسائل الاعلام الرسمية لان سوريا تمنع معظم وسائل الاعلام المستقلة من العمل فيها منذ بدء الاحتجاجات.
وتقول جماعات معنية بالحقوق ان قطع الاتصالات مع المدينة المحاصرة يثير القلق. وهناك بعض التقارير التي تشير الى قطع امدادات المياة عن حماة.
وقال نديم خوري وهو كبير باحثي شؤون سوريا ولبنان في منظمة هيومان رايتس ووتش ومقره بيروت ان حماة أصبحت مقطوعة عن العالم وأعرب عن قلقه.
وقال رامي عبد الرحمن من المرصد السوري لحقوق الانسان ان 1500 أسرة تمكنت من الفرار من حماة خلال اليومين الماضيين وان معظمها توجه الى الشرق أو الغرب من المدينة المحاصرة. وقال نشطاء اخرون ان السلطات أغلقت الطريق الشمالي المؤدي الى حلب وتركيا.
وقال نشط على صلة بأسر فرت من حماة "نتحدث عن مئات الاسر التي تركت حماة منذ أمس على متن سيارات وشاحنات.
"طريق حلب هو الاخطر ومعظم الشبيحة متمركزين هناك لمنع الحركة المؤدية الى تركيا." وقال ساكن في حلب ان الشرطة ترد الاسر من حماة عند حواجز الطرق.
وقال عبد الرحمن ان سبعة أشخاص اخرين قتلوا في أنحاء سوريا خلال احتجاجات يمو الاربعاء بينهم ثلاثة في محافظة درعا الجنوبية واثنان في حي الميدان بدمشق.
الولايات المتحدة والمعارضة
الى ذلك، تجري الولايات المتحدة اتصالات مع المعارضة السورية مع تزايد مخاوف من أن القمع المستمر الذي يمارسه الرئيس بشار الاسد قد يدفع البلاد الى ان ينتهي الأمر بحالة من الفوضى.
والاحد التقت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون للمرة الاولى بالنشطاء السوريين المقيمين خارج البلاد. كما اتصل السفير الامريكي في دمشق روبرت فورد بأنصار للمعارضة.
وتجمع ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما بين الاهتمام المتزايد بالمعارضة السورية الناشئة وبين خطوة أخرى تتخذها واشنطن نحو قطع العلاقات مع الاسد مما يشير الى انها خلصت الى انه لم يعد بامكانه القيام بدور بناء في مستقبل سوريا.
وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض يوم الثلاثاء في أقوى تصريحات لادارة أوباما حتى الان عن الزعيم السوري "ستكون سوريا مكانا أفضل بدون الرئيس الاسد."
والتقت كلينتون بالنشطاء السوريين رغم أن مسؤولين أمريكيين أقروا بأن المعارضة المتفتتة ليست مستعدة لشغل فراع السلطة في دمشق في أي وقت قريب.
لكن ليس امام واشنطن الكثير من الخيارات الاخرى الجيدة. واستبعد اوباما فعليا استخدام القوة العسكرية للاطاحة بالاسد ومن غير المرجح ان تؤتي العقوبات الاقتصادية التي سيفرض المزيد منها قريبا ثمارها سريعا.
وقالت دانييل بليتكا خبيرة الامن في معهد امريكان انتربرايز المحافظ "ليس السؤال هو ما اذا كانت المعارضة جيدة بشكل كاف بل ما اذا كان الاسد سيئا بشكل كاف.. ومن الواضح ان الاجابة على هذا هي نعم."
وقالت بليتكا "في أي نظام دكتاتوري فان التوصل الى المعارضة المشروعة مهمة شبه مستحيلة... تتحدد المعارضة الان من خلال رغبتها في التخلص من الاسد. اذا تمكنت من التخلص من الاسد فانني أعتقد أنها ستزداد قوة."
وشجعت كلينتون النشطاء على العمل نحو "رؤية موحدة" لسوريا تكون ممثلة لقطاعات مختلفة من الشعب وشاملة ومتعددة والبدء في رسم خطة للمرحلة الانتقالية وكيف الوصول الى هذه المرحلة.
وقالت كلينتون في بيان "ستواصل الولايات المتحدة دعم الشعب السوري في سعيه الى بدء مرحلة انتقالية سلمية ومنظمة."
وأضافت أن الولايات المتحدة تعكف على عقوبات أوسع نطاقا لعزل الاسد سياسيا واقتصاديا في خطوة يقول مسؤولون أمريكيون انها وشيكة وربما تستهدف قطاع النفط والغاز في سوريا.
وفي حين ان المجتمع الدولي لم يتفق بعد على الخطوات التالية التي يجب اتخاذها تجاه سوريا فان الضغط الدولي على دمشق زاد يوم الاربعاء عندما أصدر مجلس الامن التابع للامم المتحدة بيانا يدين عنف الحكومة وانتهاكات حقوق الانسان.
وعلى الرغم من شدة اللهجة الامريكية فانه لا كلينتون ولا أوباما أعلنا صراحة أن الاسد لابد أن يتنازل عن السلطة وهي خطوة تقول شخصيات معارضة انها حيوية لخدمة قضيتهم.
وقال رضوان زيادة وهو ناشط مقيم في الولايات المتحدة "نحتاج أن يخاطب الرئيس أوباما الشعب السوري ويطلب من بشار الاسد التنحي على الفور." وكان زيادة عضوا في مجموعة شكلت مجلس معارضة ذا قاعدة عريضة خلال اجتماع في اسطنبول الشهر الماضي.
ويقول مسؤولون أمريكيون ومحللون سياسيون ان عزوف أوباما عن اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة يرجع الى قلقه من أن المعارضة السورية ربما لا تكون مستعدة بعد لقيادة مرحلة انتقالية هادئة.
وقال مسؤول كبير في الادارة الامريكية ان هذه العبارة "لا تقال الا مرة واحدة."
وقال ستيفن هيدمان وهو خبير بشؤون الشرق الاوسط في المعهد الامريكي للسلام الذي تعاون مع جماعات سورية معارضة "أعتقد أننا نقترب من النقطة التي سيقول فيها اوباما تلك الكلمات السحرية."
ومع استبعاد التدخل العسكري الامريكي يتعين على الدبلوماسيين الامريكيين رسم صورة أفضل للمعارضة السورية ومعرفة المساعدة التي تحتاجها لاحداث التغيير.
وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية "سنواصل الالتقاء بالمعارضة للتوصل الى فهم أفضل لاتجاههم."
وقال هذا الاسبوع السفير الامريكي في دمشق الذي أغضب حكومة الاسد الشهر الماضي حين زار حماة لدعم المظاهرات السلمية ان اتهامات الحكومة السورية بأنها تواجه تمردا منظما ومسلحا كاذبة.
وقال فورد عن احدى رحلاته الى المدينة المضطربة "أخطر سلاح رأيته كان المقلاع" وأضاف أن جماعات المعارضة بعيدة عن أن تمثل تحديا موحدا لحكومة الاسد.
وقال فورد أمام لجنة في مجلس الشيوخ "انهم ليسوا منظمين جيدا... هذا ليس مفاجئا... أمامهم مشوار طويل."