الأمن والاقتصاد والسياحة عناصر هامة في الشكل الهندسي، وتعتبر أعمدة هامة للرقي والازدهار في الدولة، فلا يمكن للاقتصاد أن ينمو ويزدهر بدون توافر عوامل الاستقرار والأمن وهي أدوات هامة لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الخارجية من اجل قيام المشاريع الإنمائية والصناعية والخدمية التي تستوعب كثيرا من الأيدي العاملة الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حجم الرفاهية والدخل الفردي، وتعتبر السياحة الشريان الأهم في صناعة الاقتصاد على استمرار الانتعاش والقوة التي تتمثل في زيادة المدخرات من العملات الصعبة بالإضافة إلى زيادة الطلب على السلع المنتجة محليا نتيجة زيادة الاستهلاك اليومي للسلع لكثرة الطلب عليها من قبل الفنادق والمطاعم السياحية نتيجة الإشغال المتزايد من قبل السياح.
إن الأمن السياحي الذي يعرف على أنة تلك المجموعات من الإجراءات التي تتخذ والتشريعات التي تشكل وتتوفر لناحية هامة من النواحي التي تعتبر احدى ركائز اقتصاد الدولة ،فجميع التشريعات والأنظمة التي تتعلق بضبط عملية الأمن السياحي سواء من ناحية مخالفة قوانين وأنظمة السياحة او عدم الامتثال لأخلاقيات المهن السياحية تعتبر السياج الذي يحيط بهذه العملية من ان تبقى مهنة خالية من أية خدوش او عيوب قد تشوه لون ثوبها، في حين إن الإجراءات التي تتخذ من قبل الأجهزة الأمنية عامة والشرطة السياحية خاصة تعتبر الجانب الأهم في جسم الأمن السياحي سواء من ناحية الإجراءات او التخطيط، فالإجراءات هو ما يتعلق بأمن السائح من جميع الجوانب سواء من ناحية مرافقة الأفواج السياحية وتقديم التسهيلات او استقبال الشكاوى او مراقبة الفعاليات السياحية على كافة إشكالها وانى كانت مواقعها من اجل إن لا يكون هناك أية مساحات للأنفس الإمارة بالسوء وتفويت الفرصة على أصحاب القلوب المريضة من استغلال فسحة الأمن والاستقرار التي ينعم بها الوطن للقيام بإعمال تنافي المعايير الأمنية ومقايسيه والتخطيط لة الحيز الأكبر في مفهوم الأمن السياحي وذلك من خلال إعداد وتأهيل الأفراد العاملين في هذا المجال بحجم معين من التدريب العلمي والعملي من اجل ان يكونوا قادرين على مواجهة ما قد يمكن ان يعكر صفو الأمن السياحي وكيفية مجابهته بالطرق التي تكفل عدم الإضرار بسمعة السياحة او المساس بأمن السياح الذين يؤمون الوطن من كل بقاع الدنيا بالإضافة الى إعداد الخطط اللازمة لمواجهة اية اعتداءات او أية أعمال إرهابية على الأماكن السياحة او المواقع الأثرية او المنتجعات السياحية وكيفية تطويقها بالطرق الأمنية وإنهائها والسيطرة عليها بأقل الخسائر من منطلق ان أي شي يمكن تقويضه وتعويضه الا الأمن لأنة كالثوب الأبيض لا يقبل الثقوب السوداء.
لذا إن الأمن السياحي هو ذلك الحجم من الأمن الذي يمكن أن يوفر السكينة والطمأنينة والاستقرار لتمكين السائح من الحركة والعبور والتجوال للتمتع بحسن الطبيعة وجمال المكان في أي وقت وزمان بدون ان يكون هناك أية منغصات او تذمرات تجعل من سياحة السائح او الزائر عذابا تتجاذبه كالموج هنا وهناك، ومن هذا المنطلق فان الأمن السياحي له أهمية بالغة الأثر على الاقتصاد والتنمية فان لم يتوفر ذلك الحجم من الأمن فان التأثير سيظهر واضحا وجليا على الدولة وذلك من خلال استهلاك السياح للخدمات والبضائع السياحية التي ستعود باضطراد مادي واقتصادي كبير ويمكن التعرف علية من خلال ما يلي : الاستهلاك السياحي للبضائع والخدمات السياحية يتم في مكان إنتاجها وحتى تستهلك هذه البضائع والخدمات لابد من الذهاب إلى هذه الأمكنة من اجل استهلاكها والتمتع بخدمات ذلك المكان وهذا لا يتم الا أذا توفرت مساحات من الأمن الذي يجعل السائح على قناعة تامة بأنه في مأمن يساعده على التنقل والحركة أينما يريد وفي أي وقت.
الاستهلاك السياحي يعتبر ثانويا عدا السياحة العلاجية التي لا يمكن ان تتم إلا بالتواصل والحضور إلى ذلك المكان وهذا يتطلب الأماكن الآمنة حتى يتمكن السائح من تحقيق مراده في أجواء تساعده على الشفاء لا الشقاء، وتعتبر السياحة سواء كانت داخلية او خارجية لها تأثير بالغ في ميزان المدفوعات ودخول السكان المحليين من خلال ما يلي :
رواتي الموظفين والعمال المهنيين العاملين في القطاعات السياحية والخدمية والصناعية والإنتاجية.
رواتب المتقاعدين والمساعدات المالية.
الدخول التي تتأتى من الاستثمار في المشاريع العامة.
دخول القطاع الزراعي عن طريق بيع المنتجات الزراعية للمطاعم والفنادق السياحية.
ان توافر حجم هائل ودقيق من الامن السياحي وتوافر عوامل الاستقرار سيؤدي إلى مضاعفة المواسم السياحية، الأمر الذي يؤدي الى زيادة الأرصدة من العملات وزيادة التعاملات اليومية في أسهم الخدمات على كافة أشكالها. لقد أظهرت كثير من الإحصائيات ان العملية السياحية تعد العنصر والعامل الأهم في زيادة قوة ومنعة الدولة الاقتصادية نظرا لما لها من دور بارز في تحقيق النمو الاقتصادي المتزايد حيث تلعب المردودات السياحية ما قيمته 30% من الحجم الكلي لواردات بعض الدول فالمردود المتحقق من السياحة تزيد من الدخل القومي للدولة الأمر الذي ينعكس على عجز المدفوعات، وان كثيرا من الدول تعتمد اعتمادا كليا على إيرادات الخزينة المحصلة من قطاع السياحة.
ان توافر مساحات شاسعة من الأمن السياحي من خلال الإجراءات التي تتخذ من قبل القائمين على توفير هذا الأمن فان السياحة ستساعد على تعزيز خطوط المواصلات الدولية وذلك بسبب الترابط الذي يجري ما بين السياحة والنقل مما يودي إلى ظهور علاقات اقتصادية دولية ،وعندما يتشكل الأمن بحجمه الطبيعي فمن الصعب تقويضه من قبل المتطرفين الذين يحاولون النيل من ذلك التشكيل الأمني ، وتقوم بعض الدول باستخدام السياحة كأداة ضغط اقتصادي معين على بعض الدول والذي من خلاله يتم توجيه مواطنيها إلى التحول إلى دول أخرى وذلك من خلال منعهم من التوجه إلى مناطق سياحية معينة نتيجة عدم توافر عوامل الأمن والاستقرار بسبب تصاعد أعمال العنف او الإعمال إرهابية او الاضطرابات الداخلية، او أعمال تقترف ضد الأجانب نتيجة احتقانات سياسية، ناهيك عن بعض الدول التي تبتعد عن التوقيع عل اتفاقيات التعاون السياحي الأمر الذي يشكل انخفاضا حادا في المردود الاقتصادي الأمر الذي ينعكس على جوانب حياتية متعددة.
وللأمن السياحي دور هام يلعبه في تعزيز العلاقات الاقتصادية ما بين الدول حيث يتم أقامة علاقات سياحية وطيدة من خلال :
الاشتراك في المنظمات الدولية السياحية الرسمية وغير الرسمية.
استخدام رؤؤس الأموال لبناء بنية تحيتيه مناسبة لتلبية الاحتياجات سواء كانت خدمات او فنادق او مطاعم او متنزهات سياحية.
عقد الاتفاقيات السياحية بين الدول والشركات السياحية لتبادل السياح.
توسيع التعاون من خلال العلاقات السياحية لتمتد الى إقامة علاقات أخرى تصب في صالح الدول.
من خلال الحديث السابق عن الأمن السياحي والأهمية الاقتصادية يتضح ان الساحة لعبت وتلعب دورا هاما اذا تكللت بالاستقرار والطمأنينة ، وتشكل مصدرا هاما لمدخولات الاقتصاد والتنمية، وتعد المدماك الأقوى في جدار الاقتصاد الصلب الي يتصف بالمتانة ويقوى على الصعاب التي تهب عليه من كل حدب وصوب نتيجة التقلبات الاقتصادية العالمية، وان أي شلل سياسي او اقتصادي سيؤدي الى تعطيل الحركة السياحية وحركة النقل الجوي والبري، فالسياحة ترتبط ارتباطا وثيقا بجوانب الأمن والاستقرار والأمن هو الوسادة الناعمة التي يغفو عليها السياح بكل رقة ورومانسية.
*باحث في الدراسات الأمنية والاجتماعية