تقرير رياضي : اللاعبون العرب في إسرائيل.. غرباء في وطن بلا هوية
المصدر : صحيفة الجزيرة السعودية
بعد انتهاء عيد رأس السنة العبرية أخيراً وأثناء حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون للحفل الضخم الذي نظمته الهيئة الأولمبية الإسرائيلية على المسرح القومي اليهودي في تل أبيب صعد عدد من اللاعبين العرب من مصر ولبنان والمغرب والسودان إلى منصة المسرح ليتم تكريمهم على يد شارون وهو التكريم الذي وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بتكريم الأبطال العرب الذي يجب أن يكون كافة العرب على شاكلتهم حتى تعيش المنطقة في سلام.
معذرة ليست هذه نكتة سخيفة يرددها الإسرائيليون ليسلوا بها أوقات فراغهم في ظل تصاعد نسبة البطالة بينهم بسبب اشتعال حدة الانتفاضة، أو جزءاً من فيلم خرافي أخرجته هوليود أخيراً ولكنه واقع يعيشه 66 رياضياً عربياً من مختلف الجنسيات يعيشون في إسرائيل ويلعبون في أنديتها ويدربون أيضاً بل ويلعبون باسمها في عدد من المحافل الدولية!!.
مجلة هاميسحاك الإسرائيلية الرياضية تطرقت إلى هذه القضية المثيرة للجدل بهدف كشف الحقيقة والقاء الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تمثل بالفعل أزمة خاصة في ظل الإغراءات المتواصلة التي تضعها إسرائيل لهؤلاء اللاعبين والرياضيين لكي يأتوا إليها.
في البداية يتحدث (حسام الدريني) المصري الذي فاز ببطولة إسرائيل في كمال الأجسام لهذا العام والذي يستعد لخوض بطولة العالم لكمال الأجسام تحت اسم إسرائيل مؤكداً انه لا يحب الخوض في السياسة وبحورها الصعبة ويصف نفسه بالإنسان العادي الذي عجز عن تحقيق احلامه في وطنه حيث تزوج من امرأة عربية إسرائيلية وحضر معها إلى إسرائيل.
والغريب أنه يقول ان لا فرق عنده بين إسرائيل أو أي دولة أخرى فهنا مصدر رزقه ومكان عمله الخاص وهو محبوب بشدة في إسرائيل ووقفت بجانبه الحكومة ودعمته لانشاء صالة لكمال الاجسام وهي الصالة التي تدر عليه مبلغاً جيداً يساعده في مواجهة ظروف الحياة الصعبة، بجانب ضمه إلى المنتخب الإسرائيلي حيث يمتلك الدريني تصريح اقامة لأن زوجته إسرائيلية الجنسية وهذا التصريح يؤهل أي شخص المشاركة في البطولة واللعب بصورة مؤقتة للمنتخب الإسرائيلي تمهيداً لنيل الجنسية حيث يسمح لإسرائيل بصورة استثنائية بذلك، موضحاً ان المسؤولين الاسرائيليين أبدوا تفهماً لموقفه ووافقوا على الفور عندما تقدم بطلب للاشتراك في بطولة كمال الاجسام واشار إلى وجود عدد من العرب والأفارقة الذين يمتلكون بدورهم تصاريح اقامة وخاضوا معه غمار البطولة هذا العام.
وعن قصة سفر الدريني إلى إسرائيل يشير إلى انه سافر إلى تل أبيب عن طريق الأردن التي اقام فيها منذ عام 1989م، حيث عمل هناك ومارس رياضة كمال الاجسام ايضاً ونجح في الفوز ببطولة الأردن عام 1998م حيث يسمح للأجانب الاشتراك بها وبعدها تعرف على زوجته وهي من عرب 48 وارتبط بها وسافرت زوجته إلى إسرائيل وهناك تقدمت بطلب رسمي إلى السلطات من أجل سفره إليها في اطار ما يعرف باسم قانون (لم الشمل) وتمت الموافقة على الطلب وسافر على الفور واستقر في حيفا حيث تقيم زوجته.
ويتقاضى الدريني 4000 شيكل في الشهر أي ما يوازي 800 دولار وهو رقم يصفه بالكبير يعمل على اعاشته هو وعائلته بالاضافة إلى اقربائه في مصر الذي لم يستطع الحصول على عُشْر هذا المبلغ فيها. وبسؤاله كيف يلعب الرياضة ويتعاون مع دولة يقتل ابناؤها العرب كل يوم والتأكيد على ان ما يقوم به هو شكل من اشكال التطبيع القبيح المرفوضة؟ غضب الدريني وانهى الحوار عبر الهاتف واكد ان حب مصر ما زال في دمه حتى وهو في اسرائيل؟
ومن الدريني إلى محمد المصري اللاعب السوري الذي فاز بالميدالية الفضية في بطولة إسرائيل للكاراتيه هذا العام ويلعب المصري مع نادي هبوعيل أحمد مجد الكروم ويدرب أيضاً عدداً من الفرق العربية مثل فرق (شفا عمرو) و(عقرون).
ويشير المصري إلى أنه حضر إلى إسرائيل من اليونان حيث حاول البحث عن فرصة عمل في اوروبا وهناك عجز عن تحقيق طموحاته، وفي اليونان تعرف على أحد أصدقائه السوريين الذي كان متزوجاً من إحدى الفتيات اليهوديات من ذوي الأصول اليونانية!!، وهو أمر يزعم المصري انه منتشر في أوروبا التي لا يبحث فيها الفرد عن أصل أي شخص آخر أو تاريخ ميلاده أو ديانته، ولكن المادة هي الأساس الذي يحكم العلاقات هناك.
وكانت هذه الفتاة تحمل أيضاً الجنسية الإسرائيلية وبعد ان شاهدت المصري يعاني من قسوة الحياة اقترحت عليه السفر إلى إسرائيل خاصة وانه يمتلك مهارة رياضية فائقة في لعبة الكاراتيه التي ترغب إسرائيل في اجتذاب أكبر عدد من النجوم بها من أجل خوض المباريات واللعب في إسرائيل ومن الممكن أن يجني الكثير من المكاسب حالة سفره إلى إسرائيل.
ورفض المصري رفضاً قاطعاً هذا الطلب في البداية الا انه فوجئ بعد ذلك بوالدته تخبره- عند اتصاله بها- انها مريضة للغاية فقرر المصري الموافقة على عرض زوجة صديقه وسافر إلى إسرائيل التي يزعم انها دولة جميلة وليس كما كان المسؤولون السوريون يقولون عنها ويفتخر المصري انه قام بتدريب عدد من الأبطال الناشئين بها وحققت معهم نتائج متميزة مثل الأبطال (محمود محمود) و(مروان صليبة) و (أيمن قداح) ولقد وقف بجانبه عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين على رأسهم محمود الأسعد نائب رئيس الاتحاد يهودا جاؤون الذين ساعدوه حتى خاص غمار بطولة إسرائيل للكاراتيه للعام الجاري ويتمنى في العام القادم ان يحرز البطولة والمركز الأول.
ويرسل المصري الأموال إلى والدته عن طريق اليونان شهريا، وينوي دعوة عدد من أصدقائه للحضور إلى إسرائيل ومشاهدتها على الطبيعة، ويكسب المصري نحو 3500 شيكل أي ما يوازي 700 دولار إلا انه يؤكد ان هذا المبلغ لا يكفي على الإطلاق نظراً لأن الحياة صعبة للغاية في إسرائيل والأسعار مرتفعة جدا ويجب ان يعمل ويتدرب حتى يحصل على المقابل المادي الجيد الذي يكفيه هو وعائلته، وعند سؤاله كيف يمارس الرياضة في دولة معادية لبلاده قال المصري انه للأسف الشديد لم يجد نفسه في بلاده ووجدها عند الأعداء مشيراً إلى أنني لا أعرف الجوع أو الفقر الذي تعرض له، من اجل توجيه هذا السؤال إليه وأنهى المكالمة بعد ذلك.