رغم مرور اكثر من ثلث قرن على رحيله، لا يزال الشاعر العراقي بدر شاكر السياب مثيرا للجدل، لكن الجدل هذه المرة ، لا يمت بصلة الى ريادته للشعر، وانما يتعلق بمسلسل تلفزيوني يروي سيرة حياته، وينتجه المطرب سعدون جابر.
فقد تقدمت ابنة السياب آلاء للمحاكم العراقية بدعوى قضائية تطالب فيها بوقف انتاج وعرض المسلسل بسبب "عدم حصول منتجه على موافقة العائلة لغناء قصائد والدها"، بينما يدافع المطرب العراقي سعدون جابر، عن مشروعه بأنه يهدف، حسب تعبيره، الى توثيق مسيرة احد رموز حركة التجديد في الشعر العربي.
وكان العمل في المسلسل قد بدأ قبل عامين بمشاركة 250 فنانا ، حيث تنقلت الكاميرا خلاله بين بغداد والبصرة، المحافظة الجنوبية التي امضى فيها السياب شبابه، وسوريا ولبنان اللتين زارهما السياب مرارا. غير ان المخرج فارس طعمة التميمي توقف عن العمل بعد 52 يوما من البدء به، اثر الدعوى القضائية التي طالبت فيها ابنة الشاعر آلاء بمبلغ قدره 200 مليون دينار عراقي حوالي (مئة ألف دولار) ، كتعويض عن الأضرار التي سببها سعدون جابر لقيامه بغناء القصائد دون موافقة العائلة، وتقول آلاء في تصريحات نشرتها الصحف العراقية " ان المسلسل جاء من منطلق تجاري بحت ، ونحن لا نسمح بذلك مطلقا" وأضافت" ان التراث الشعري للسياب حسب القانون هو إرث لعائلته وعلينا أن ندافع عن حقوقنا" و اتهمت ابنة السياب سعدون جابر "بعدم الإيفاء" بما تعهد به من حيث" جلب الشريط الذي سجل عليه قصائد والدها "للاستماع إليه" .
يتحدث المسلسل عن حياة السياب من خلال شخصية وهمية (يقوم بدورها سعدون جابر) عن مطرب يدعى" أحمد منذر" يعشق شعر السياب و يقدم أحد عشرة قصيدة له . بينما يقوم الفنان العراقي حكيم جاسم بدور السياب.
وتشير التقارير التي نشرتها الصحف العراقية الى ان محكمة البصرة اصدرت امرا بالقبض على سعدون جابر للمثول امامها في هذه القضية، الا ان وجوده خارج العراق حال دون تنفيذ القرار حتى الان.
وكان سعدون جابر قد قدم قبل اعوام قصيدة السياب "سفر ايوب" بصوته ، ودفعه نجاحها الى الاتجاه نحو انتاج مسلسل عن حياة الشاعر.
وقد سبق لسعدون جابر ان انتج وقام بدور مطربين عراقيين هما مسعود العمارتلي وناظم الغزالي.
و كان السياب الذي ولد في قرية جيكور بقضاء ابي الخصيب في محافظة البصرة عام 1926 و توفي عام 1964 ، و يعتبر صاحب مدرسة شعرية، و احد رواد الشعر العربي الحر، الذي قال عن نفسه" أنا الغريب على الخليج "، قد تعرض لمتاعب سياسية عديدة ما بين الفصل والسجن والمرض بسبب انتمائه الى الحزب الشيوعي اواسط الاربعينات ثم انتمائه الى حزب البعث العربي الاشتراكي اواسط الخمسينات.
من الدواوين الشعرية للسياب، ازهار ذابلة (عام 1947)، واساطير (1950)، وانشودة المطر (عام 1960)، والمعبد الغريق(1962)، ومنزل الاقنان (1963)، وبعد وفاته طبعت له شناشيل ابنة الجلبي (1964)، واقبال (1965)، وقيثارة الريح (1971)، واعاصير (1972).
يذكر أن تمثالا بالحجم الطبيعي للسياب في البصرة ، مطلا على شط العرب، قد تحول الى قبلة لزوار المدينة لاسيما الشعراء والادباء العرب المشاركين في مهرجان المربد الذي يقام في العراق كل سنتين.—(أ.ف.ب).