لبنان: التحذير من الانفجار الكهربائي في 2012

تاريخ النشر: 01 فبراير 2012 - 09:02 GMT
إن التقدم البطيء سيؤدي حتماً إلى مواجهة البلاد في عام 2012 كارثة في قطاع الكهرباء ستكون لها ارتدادات سلبية على المجتمع والسلم الاقتصادي
إن التقدم البطيء سيؤدي حتماً إلى مواجهة البلاد في عام 2012 كارثة في قطاع الكهرباء ستكون لها ارتدادات سلبية على المجتمع والسلم الاقتصادي

تتكرر تحذيرات وزير الطاقة جبران باسيل بشأن وضع الكهرباء، في كل مرة يضاف إلى التحذيرات تحذير جديد، وتتصاعد اللهجة، كل الكلمات موجهة إلى «المعرقلين». هؤلاء أصبحوا مثل «راجح» في مسرحية بياع الخواتم، لكن باسيل لا يكشف عن وجه راجح.... ان مشكلة الكهرباء في لبنان متشعّبة والأسباب المؤدية إلى التقنين القاسي متعددة.

المسؤولون عن هذه الأزمة يتوزعون انشطارياً على كل الجهات والمكونات الاجتماعية، كيف؟ وصلت نسبة الخسائر الناتجة من سرقة الكهرباء في المناطق إلى 22 في المئة، وهي موزعة كالآتي: 11 في المئة في بيروت وجبل لبنان، 50.2 في المئة في الجنوب، 60 في المئة في البقاع و61.2 في الشمال...

وإن كان فعل السرقة لدى المواطنين يمكن تبريره في عدد كبير من الحالات بالتقنين القسري غير المنطقي الذي يلف المناطق، في مقابل الارتفاع الكبير لتعرفة مولدات الكهرباء، إلا أن غير المبرر أو غير المفهوم عدم دفع عدد كبير من السياسيين فواتير الكهرباء، أو بالأحرى سرقة الكهرباء، إذ كانت قيمة مستحقات مؤسسة الكهرباء في ذمة السياسيين المتخلفين عن دفع فواتير الكهرباء 8 ملايين و400 ألف دولار، استطاعت المؤسسة تحصيل مليونين و667 ألف دولار فقط، ليتبقى 5 ملايين و334 ألف دولار لم تسدد حتى الآن. ويوجد في دوائر كهرباء بيروت والشياح وطرابلس فواتير «مفقودة» بقيمة مليون و232 ألف دولار، وهي قيمة 3 آلاف فاتورة مفقودة في كل من دائرتي بيروت والشياح، فيما العدد المفقود من دائرة طرابلس غير محدد، وتعمل الهيئات الرقابية في مؤسسة الكهرباء وديوان المحاسبة والتفتيش المالي على التحقيق في الموضوع.

المعطيات عديدة، والحلول يروّج لها وزير الطاقة جبران باسيل في خطته تحت عنوان «ورقة سياسة قطاع الكهرباء»، والتي وافقت عليها الحكومة في 21 حزيران 2010. أين أصبحت بنود الخطة بعد 7 أشهر من إقرارها؟ هذه المعطيات وردت في تقرير باسيل الرابع الذي رفعه أمس إلى مجلس الوزراء عن المراحل والخطوات التي قطعتها عملية وضع الخطة موضع التنفيذ، ويتضمن هذا التقرير سلسلة تحذيرات، إذ إن أي تأخير إضافي «طبيعي أو مفتعل، وأي نقص في المواكبة الحكومية والمؤسساتية اللازمة لتأمين حسن التنفيذ وسرعته وفق البرنامج الزمني المعدّ لكل بند، سيؤدي إلى ازدياد سوء الوضع الكهربائي، سواء لناحية الوضع المالي أو لناحية التغذية الكهربائية». لا بل إن التقدم البطيء سيؤدي حتماً إلى مواجهة البلاد في عام 2012 كارثة في قطاع الكهرباء ستكون لها ارتدادات سلبية على المجتمع والسلم الاقتصادي.

التقرير يشير إلى عوائق تؤدي إلى تأخير عدد من الأعمال التحضيرية والتنفيذية، وهي عوائق متأتية من «جهات سياسية، حكومية، نيابية، قضائية، إدارية ومؤسساتية». في التفاصيل، يشرح باسيل مشروع استئجار بواخر توليد الطاقة: اتصلت الوزارة بـ11 استشارياً دولياً، وقد تقدمت 6 شركات بعروض مكتملة. وقد أوصت الوزارة في كتابها بتاريخ 20/12/2011 باعتماد شركة POYRY (ثالث شركة في العالم) وذلك لكونها تستوفي كامل الشروط الفنية ولقدرتها على إنجاز المهمات المطلوبة، وبسرعة، ولملاءمة سعرها وتوفيرها الخبراء اللازمين. حصلت الوزارة على الموافقة من اللجنة، واستدعت الاستشاري للبدء بالإعداد، والشركات للتباحث والتفاوض.

وجرى، بعد انتظار، تعيين مندوبين من اللجنة الوزارية للبدء بالمباحثات مع الشركات وإنهاء الأعمال والتفاوض ورفع التقرير النهائي إلى اللجنة في 24/1/2012، ومنها إلى مجلس الوزراء. لا بد للحكومة من أخذ القرار المناسب وبالسرعة اللازمة بغية البدء بالإعداد وتوقيع العقد وإبرامه في آخر شهر كانون الثاني 2012، وذلك لتأمين الجهوزية اللازمة لوصول البواخر قبل فصل الصيف، لما للأمر من إلحاح وضرورة.

استجرار الطاقة

لم يحصل أي جديد في هذا الملف رغم متابعات الوزارة والمؤسسة الحثيثة، خاصة بسبب الأوضاع المحيطة بلبنان وسوريا والمنطقة. ولم نتلقّ أيّ رد من الجانب السوري بشأن توقيع عقد تبادل الطاقة الكهربائية على شبكة الـ400 ك.ف. كما لم يحدث أي جديد بخصوص استجرار الطاقة من تركيا. وعلاوة على ذلك، لقد توقف استجرار الطاقة من سوريا ومصر (في الحد أقصى 280 ميغاوات) ما يؤثر على التغذية الكهربائية بحدود ساعتين نهاراً.

خطة الطوارئ 700 ميغاوات

لقد أصبح ممكناً إطلاق عملية المناقصة، مع العلم بأن الفترة الزمنية المطلوبة لتقديم العروض والقيام بالمفاوضات وتوقيع العقود هي 4 أشهر حداً أقصى. إن المدة المفترضة لإنشاء معمل دير عمار هي 18 شهراً حداً أقصى للدارة المفتوحة و29 شهراً حداً أقصى للدارة المركبة. وتبلغ الكلفة المقدرة لإنشاء المعمل 475 مليون دولار حداً أقصى (مع وجوب الحصول على عروض تنافسية كبيرة في السعر والوقت)، وإن المدة المفترضة لإنشاء معمل الزوق بقدرة 180 ميغاوات هي 18 شهراً حداً أقصى وبكلفة 260 مليون دولار، كذلك فإن المدة المفترضة لإنشاء معمل الجية بقدرة 80 ميغاوات هي 15 شهراً حداً أقصى، وتبلغ الكلفة المقدرة 115 مليون دولار حداً أقصى (مع وجوب الحصول على عروض تنافسية كبيرة في السعر والوقت). وقد واجه هذا المشروع الكثير من العوائق والتأخير، ولا يزال، على الرغم من حيازته موافقة مجلس الوزراء وصدور القانون 181، مما استوجب إعادة صياغة الملف الإداري لدفاتر الشروط، وبالتالي تأجيل إطلاق المناقصة لأكثر من ستة أشهر.

وما زال الحديث المشكّك في التمويل جار حالياً، على الرغم من صدور قانون برنامج واضح عن المجلس النيابي والتزام الحكومة كاملة بتأمين التمويل، إلا محاولة جديدة لتأخير المشروع وعرقلته.