السؤال: شيخنا المبارك: لدينا مشكلة تؤرقنا في كل عام وتتعلق هذه المشكلة بزكاة الفطر، وذلك أننا نقيم هنا في دولة قطر، وعند إخراج الزكاة تنتابنا الحيرة بسبب تضارب الفتوى في قيمة إخراج الزكاة، هل نخرج الزكاة عن أنفسنا وأولادنا المقيمين في أوطاننا (مصر - فلسطين - الأردن...) بقيمة واحدة، أم أننا نخرجها عن أنفسنا بالقيمة التي حددتموها هنا وهي تقريبا (15) ريالاً قطريًا، وعن أبنائنا بقيمتها في مصر (5) جنيهات تقريبًا؟ نرجو من فضيلتكم الإيضاح. ونسأل الله لكم العون والسداد والتوفيق والرشاد. مجموعة من السائلين الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه.
(وبعد) فقد شرع الله سبحانه وتعالى زكاة الفطر في شهر رمضان من كل عام، وجعل الحكمة من إيجابها: «أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين» كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما. فالحكمة منها حكمة مركبة من أمرين: الأول: يتعلق بالصائمين في شهر رمضان، وما عسى أن يكون قد شاب صيامهم من لغو القول ورفث الكلام. الثاني: يتعلق بالمجتمع وإشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحائه، وخصوصا وخاصة المساكين وأهل الحاجة فيه. وأحاديث وجوب زكاة الفطر تدل على أنها فريضة عامة على الرؤوس والأشخاص، إذ لا فرق فيها بين حر وعبد ولا بين ذكر وأنثى، ولا صغير وكبير، ولا غني فقير، وقد أوجبها الشرع على المرء ومن يمون ويعول.
والواجب على المسلم زكاة فطره عن نفسه ومن يمون ويعول من أوسط ما يطعمه المرء كما في حديث ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير». والأصل في زكاة الفطر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قدَّرها بالطعام من القمح والشعير والتمر والزبيب، ولم يقدِّرها بالنقود، لتغيُّر قدرتها الشرائية. واستنبط جمهور الفقهاء من سنة النبي عليه الصلاة والسلام: الواجب هو إخراج الصاع من غالب قوت البلد، فإذا كان غالب قوتهم الأرز أو الذرة، أخرجوا الزكاة منه.
وأجاز أبو حنيفة وأصحابه، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم: إخراج القيمة نقدا، ولا سيما إذا كان الفقير في في حاجة إليها كما في عصرنا، لأن المقصود إغناؤهم، ويتحقَّق بالنقود أكثر من الطعام. وقد قدَّرناها في السنين الماضية بخمسة عشر ريالا، وأعتقد أنها الآن لا تكفي لزيادة الأسعار، وهذا ما لا بد منه إذا نقلنا الزكاة من بلد إلى آخر. أما إذا كان السائل يقيم في مكان، ويقطن أهله مكانًا آخرًا، فلا فرق بين زكاة فطره وزكاة فطرهم، إذ أن هذه الزكاة واجبة عليه هو لا على أولاده، وحسب قدرته المالية لا حسب قدرتهم، فمن كان مقيمًا في قطر مثلاً، وأولاده في مصر أو فلسطين فالأرجح عندي أن يدفعها بقيمة البلد الذي يعيش فيه عن نفسه وعمن يعول باعتبار أن أولاده جزء منه. والله أعلم.