يتطلع ريال مدريد الإسباني إلى نقل صحوته المحلية إلى مسيرته الأوروبية مع استئناف رحلة الدفاع عن لقبه في دوري أبطال أوروبا حين يحل ضيفاً على أياكس أمستردام الهولندي اليوم في ذهاب دور الستة عشر الذي يشهد أيضاً مواجهة ساخنة بين توتنهام الإنجليزي وبوروسيا دورتموند الألماني.
في أمستردام لن تكون مواجهة ريال مع مستضيفه أياكس بين كتيبة من النجوم وتشكيلة واعدة، نظراً للتغييرات الجذرية التي طرأت على الفريق الملكي في الأسابيع القليلة الماضية.
وتعج صفوف أياكس بوجوه شابة وموهوبة يتقدمها لاعب الوسط فرينكي دي يونغ الذي سيدافع عن ألوان برشلونة غريم ريال بدءاً من الموسم المقبل مقابل نحو 86 مليون يورو، وقلب الدفاع الشاب ماتياس دي ليخت، أو شبان آخرون مثل الحارس الكاميروني أندريه أونانا، والمهاجم الدنماركي كاسبر دولبيرغ ولاعب الوسط دوني فان دي بيك.
لكن المفاجئ أن ريال ودّع نسبياً مجرة نجومه، آخرهم كريستيانو رونالدو أفضل لاعب في العالم خمس مرات والمنتقل إلى يوفنتوس، وحتى غاريث بايل استهل مبارياته الأخيرة على دكة البدلاء.
تغيير لم يبدأ مع مدرب الطوارئ سانتياغو سولاري، بل مع سلفيه زين الدين زيدان وجولين لوبيتيغي اللذين استعانا بالشبان لإراحة النجوم الكبار أو تذكيرهم بأن مكانهم ليس مضموناً في التشكيلة.
لكن في المباريات الكبرى، لجأ زيدان ولوبيتيغي إلى الخبرة، فيما اعتمد سولاري كخيار أول على وجوه صاعدة منذ أوكل مهمة تجديد دماء الفريق في نوفمبر الماضي خلفاً للوبيتيغي المقال من منصبه.
لم يحصل البرازيلي فينيسيوس جونيور (18 عاماً) على تجربة مثل دي يونغ الذي يعاني من إصابة بفخذه، إذ شارك في 6 مباريات أساسياً في الدوري الإسباني ومرة في دوري الأبطال، لكن تأثيره كان كبيراً وأصبح النجم الجديد عند جماهير الفريق الملكي.
كان من المتوقع أن يمضي فينيسيوس، القادم الصيف الماضي مقابل 61 مليون يورو، موسمه الأول مع الفريق الرديف، بحسب ما صرح لوبيتيغي: "ما زال صغيراً ووصل للتو إلى أوروبا. هو متحمس للتعلم ويجب أن نمنحه وقتاً كافياً للتأقلم".
واحتضنه آنذاك سولاري، مدرب فريق الرديف، فسجل مرتين ضد رديف أتلتيكو مدريد، ورديف سيلتا فيغو.
كان فينيسيوس موهبة خام عند إقالة لوبيتيغي، فرفعه سولاري معه إلى الفريق الأول وزج به لتسعين دقيقة في مباراته الأولى، أي أكثر من مدة مشاركته في 14 مباراة تحت إشراف لوبيتيغي.
وبعد نحو أربعة أشهر، أصبح في رصيد فينيسيوس 22 مشاركة مع الفريق الأول، آخرها ضد برشلونة على ملعب كامب ناو وأتلتيكو مدريد على ملعب واندا متروبوليتانو، وفي المباراتين كان مصدر الخطر الأبرز لريال، لدرجة دفعت الكثيرين إلى عدم استغراب وضع بايل على مقاعد البدلاء.
وقال سولاري (43 عاماً): "تأقلم فينيسيوس كان سريعاً جداً رغم أنه في الثامنة عشرة من عمره، تأقلم مع بلد جديد وثقافة جديدة من كرة القدم. أظهر موهبته لكن يجب أن نعتني به".
وأصبح فينيسيوس رمزاً لجدارة سولاري بتولي الفريق الأول حيث يبرز راهناً التواضع والعمل الشاق.
من بين النجوم التي دفعت ثمن الحقبة الجديدة، لاعب الوسط إيسكو الذي لم يستهل أي مباراة في الدوري مع سولاري، والظهير الأيسر مارسيلو لتراجع مستواه منذ بداية السنة، فيما انتقل لاعب الوسط كاسيميرو إلى دكة البدلاء.
وظهرت أسماء جديدة كالظهير الأيسر سيرخيو ريغيلون (22 عاماً) ولاعبي الوسط ماركوس يورينتي وداني سيبايوس.
وخاض الرباعي الجديد 64 مباراة مجتمعاً بعد ترقية سولاري الذي قال: "يمثل هؤلاء مستقبل ريال مدريد. وبالتالي يجب أن يكونوا جزءاً من الحاضر".
لكن ريال تنتظره أسابيع مضنية محلياً وقارياً حيث يواجه فرقاً عنيدة في محاولة لإنقاذ موسمه بعد بدايته المتعثرة.
ورأى خورخي فالدانو الذي لعب مع ريال ودرب رديفه ثم فريقه الأول على غرار مواطنه سولاري، أنه يجب الدفع بالشبان بشكل تدريجي فيما يتحمل لاعبو الخبرة مسؤولياتهم.
وتصدر ريال مجموعته رغم خسارتين أمام سيسكا موسكو الروسي، فيما نافس أياكس أمستردام بايرن ميونيخ على الصدارة حتى الرمق الأخير.
ويحتل ريال المركز الثاني في ترتيب الدوري الإسباني بفارق 6 نقاط عن برشلونة المتصدر، على غرار أياكس الذي يشرف عليه المدرب إيريك تن هاغ (49 عاماً) الذي يبتعد بفارق 6 نقاط عن آيندهوفن المتصدر.
ويحمل ريال الرقم القياسي بعدد الألقاب في المسابقة (13) وتوج في الأعوام الثلاثة الماضية، فيما توج أياكس أربع مرات بين 1971 و1973 وفي 1995.
ومن أبرز مواجهات الطرفين قارياً، أنه تخطى أياكس ريال مرتين في نصف نهائي 1973 فيما تعود المواجهة الأخيرة بينهما إلى دور المجموعات عام 2013 عندما فاز ريال مرتين بنتيجة 4-1.
والتقى الفريقان 12 مرة في المسابقة الأولى ففاز ريال 7 مرات وأياكس أربع مرات.
وفي المباراة الثانية يواجه مدرب توتنهام ماوريسيو بوتشيتينو لحظات حاسمة في مسيرته على رأس الجهاز الفني للفريق الإنجليزي في مسعاه لتحقيق أول لقب كبير عندما يستضيف بوروسيا دورتموند على ملعب ويمبلي.
ويحمل بوتشيتينو لواء الدفاع عن عدم تمكن سبيرز من إحراز أي لقب في الأعوام الخمسة الأخيرة بإشرافه في البطولات المحلية، بإصراره على تقديم صورة مشرقة على الساحة الأوروبية.
ويدير المدرب الأرجنتيني ظهره للانتقادات بالتأكيد على أن الوصول إلى دوري الأبطال هو هدفه الأساسي، ولكن يتسلح المنتقدون بواقع أن توتنهام لم يتجاوز ثمن نهائي دوري الأبطال أو يوروبا ليغ منذ وصول بوتشيتينو إلى الفريق قادماً من ساوثهامبتون في مايو 2014.
إلا أن دورتموند، متصدر الدوري الألماني، والذي يزور ويمبلي اليوم يقف بين بوتشيتينو وربع النهائي.
ومن أجل أن يتمكن من إحراز الألقاب، يرتبط اسم الأرجنتيني بإمكانية الرحيل إلى مانشستر يونايتد نهاية الموسم الحالي، على الرغم من أن أسهم المدرب الموقت أولي غونار سولشاير مرتفعة جداً مع الشياطين الحمر للبقاء في منصبه بعد سلسلة النجاحات التي حققها منذ تسلمه مهامه خلفاً لجوزيه مورينيو المقال.
ودفع بوتشيتينو بتوتنهام لمقارعة الكبار في الدوري الإنجليزي الممتاز فهو يحتل هذا الموسم المركز الثالث خلف مانشستر سيتي وليفربول، كما يتوجب عليه أن يقوده لفرض كلمته على الساحة الأوروبية مع كوكبة من اللاعبين النجوم أمثال المهاجم هاري كاين وديلي آلي المصابين حالياً، واكريستيان إيريكسن وسون هيونغ مين، والحارس هوغو لوريس.
وتحدث بوتشيتينو بسعادة عن فريقه قائلاً: "نشعر بالفخر وفي ظل كل الظروف يسير الفريق بشكل رائع، وأداء التشكيلة لا يصدق.
"نظهر شخصية كبيرة ونوعية لعب جيدة جداً، ونحارب ضد فرق كبيرة ونحن في موقع قريب من القمة، نأمل مواصلة المسيرة بنفس القوة للمنافسة على ألقاب كبيرة".
رغم هذه الكلمات المشجعة، يتوجب على المدرب الأرجنتيني أن يثبت قدراته على قيادة فريقه للفوز بالألقاب، وهو الذي لم يحرز سوى ثلاثة ألقاب في الأعوام 28 الأخيرة.
في المقابل يخوض دورتموند مواجهة اليوم دون ورقته الرابحة المتمثلة بهدافه وقائده ماركو رويس بسبب إصابة في الفخذ.
وتشير الأرقام إلى أهمية رويس في تصدر دورتموند للدوري الألماني هذا الموسم في سعيه لإحراز اللقب المحلي للمرة الأولى منذ عام 2012 إذ سجل 17 هدفاً ومرر 11 كرة حاسمة في مختلف المسابقات.
ويرى قائد ألمانيا السابق لوثر ماتيوس أن دورتموند سيعاني في غياب رويس، حيث قال: "سيغيب عن مباراة مهمة أمام توتنهام. رويس أفضل لاعبي دورتموند لذلك لن تكون الأمور سهلة في مواجهة ثالث أفضل فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، أرى الأمور متساوية بنسبة 50 في المائة للفريقين".
وكان رويس تعرض لإصابة في الفخذ خلال مباراة فريقه التي خسرها بركلات الترجيح أمام فيردر بريمن بعد التعادل (3-3) في الوقتين الأصلي والإضافي ضمن ربع نهائي كأس ألمانيا.
وخرج الدولي الألماني من الملعب بعدما سجل هدف التعادل لفريقه في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع للشوط الأول من ركلة حرة أودعها في أعلى الزاوية اليمنى.
الى جانب رويس، سيفتقد المدرب لوسيان فافر جهود الكثير من لاعبيه مثل باكو آلكاسير بسبب إصابة في الكتف، ولوكاس بيشتشيك الذي يعاني من إصابة في الكاحل ويوليان فايغل بسبب الإنفلونزا.
ولم يذق دورتموند طعم الفوز في مبارياته الثلاث الأخيرة في مختلف المسابقات إذ سقط في فخ التعادل مع كلٍ من هوفنهايم وآينتراخت فرنكفورت في البوندسليغا، كما تعادل في الكأس أمام بريمن قبل أن يخرج بركلات الترجيح.
وفي ظل غياب هذه الكوكبة من اللاعبين يجد دورتموند الحل الأنسب لمواجهة توتنهام بلاعبه الشاب جايدون سانشو (18 عاماً) الذي سجل هدفاً ومرر كرتين حاسمتين وأصاب القائم أمام هوفنهايم.
وسبق لدورتموند أن أحرز لقب المسابقة الأوروبية عام 1997 بتغلبه على يوفنتوس (3-1)، كما وصل إلى المباراة النهائية عام 2013 التي خسرها أمام مواطنه بايرن ميونيخ (1-2).
ويتقاسم دورتموند وتوتنهام الفوز مرتين لكل منهما في مواجهاتهم السابقة، إذ تغلب الفريق الإنجليزي ذهاباً وإياباً على منافسه الألماني في دور مجموعات دوري الأبطال عام 2017، فيما كان الفريق الألماني أخرج توتنهام في الدور الثالث من مسابقة يوروبا ليغ موسم 2016-2017 بفوزه (3-0) ذهاباً في مباراة تألق فيها رويس بتسجيل هدفين و(2-1) إياباً.