فوز توتنهام على ريال مدريد إنذار لكبار أوروبا

تاريخ النشر: 05 نوفمبر 2017 - 09:22 GMT
فريق ريال مدريد
فريق ريال مدريد

حقق توتنهام هوتسبير فوزاً كبيراً على ريال مدريد حامل اللقب بثلاثة أهداف لهدف في ليلة من أعظم الليالي في تاريخ النادي الإنجليزي، وهي الليلة التي ربما تفوق في روعتها تلك الليلة التي شهدت فوز الفريق بنفس النتيجة على إنتر عام 2010 عندما كان النادي الإيطالي يدافع عن لقب دوري أبطال أوروبا الذي كان قد حققه في الموسم السابق أيضاً.

بل ويمكن القول أن الفوز الذي حققه توتنهام يعادل تلك الليالي الرائعة لموسم 1983-1984 التي تغلب فيها الفريق اللندني على بايرن ميونيخ وأوستريا فيينا وهايدوك سبليت وآندرلخت ليحصل في نهاية المطاف على بطولة الدوري الأوروبي.

وبغض النظر عما سيحدث على مدى العقود الثلاثة المقبلة، يمكن القول أننا قد نرى في عام 2050 الهدف الثالث الذي أحرزه كريستيان إيريكسن في مرمى ريـال مدريد وهو يعاد قبل مباريات توتنهام هوتسبير على ملعب واين هارت لاين، وهو ما يوضح مرة أخرى أن توتنهام "عانق المجد" في تلك المباراة.

ظهر ريـال مدريد بشكل متواضع للغاية في هذه المباراة، وهو ما جعل إيريكسن يقول أن توتنهام كان بإمكانه إحراز عدد أكبر من الأهداف.

ولو كان هاري كاين في كامل لياقته البدنية والذهنية فلربما زادت نتيجة المباراة.

ولو آمن لاعبو سبيرز بقدرتهم على تحقيق نتيجة أكبر لحدث ذلك بالفعل، حيث اعترف النجم ديلي آلي بعد المباراة بأنه فوجئ بالمساحات الكبيرة التي تركها له لاعبو ريال مدريد داخل الملعب.

ويعد هذا بمثابة إشارة واضحة على المستوى المتواضع للغاية الذي ظهر به ريال مدريد، لكن هذا لا يبخس حق توتنهام، الذي قدم أداءً رائعاً.

ويجب الإشادة بالفريق اللندني؛ لأنه تفوق خططياً على الفرق المنافسة الموسم الحالي لدرجة أن أفضل أداء للفريق هذا الموسم، أمام بوروسيا دورتموند وليفربول وريال مدريد، قد تحقق في الوقت الذي لم يستحوذ فيه الفريق على الكرة سوى في ثلث وقت المباراة فقط، لكن هذا يجعلنا نتساءل بكل تأكيد عن الطريقة التي يلعب بها زين الدين زيدان، وربما عن طبيعة كرة القدم بين الأندية الكبرى بصفة عامة.

قبل تسع سنوات، تحدث لاعب خط وسط ليفربول السابق إيغور بيسكان عن المشكلة التي تواجه نادياً مثل دينامو زاغرب، الذي يسيطر على كرة القدم الكرواتية بشكل شبه كامل لدرجة أنه يظهر بشكل متواضع للغاية عندما يواجه أي فريق، ولو صغيراً، في أوروبا؛ لأنه نسي كيف يدافع وكيف يقاتل أمام الفرق المنافسة الأقوى من تلك التي يواجهها على المستوى المحلي.

ومنذ ذلك الحين، تعني اقتصاديات كرة القدم أن الكثير والكثير من الأندية وجدت نفسها تستسلم لما يمكن أن نطلق عليه "مبدأ بيسكان"، فنرى بايرن ميونيخ يهمن تماماً على كرة القدم الألمانية، والشيء نفسه ينطبق على يوفنتوس، الذي ربما بدا يواجه بعض المنافسة الموسم الحالي بعدما فاز بلقب الدوري الإيطالي ست مرات متتالية!

وشعر باريس سان جيرمان بالغضب الشديد عندما لم يتمكن من الفوز بلقب الدوري الفرنسي الموسم الماضي بعدما فاز به أربع مرات متتالية؛ لذلك عقد الفريق أغلى صفقتين في تاريخ كرة القدم – نيمار وكيليان مبابي – كما يهيمن برشلونة وريال مدريد على كرة القدم في إسبانيا.

وكانت النتيجة هي حدوث تدهور في مستوى الفرق الكبرى، التي تركز على جانب واحد فقط من جوانب اللعبة، وهو الشق الهجومي.

ملخص مباراة كييفو ونابولي 0-0 الدوري الإيطالي
أهداف مباراة يوفنتوس وبينيفينتو 2-1 الدوري الإيطالي
أهداف مباراة فيورنتينا وروما 2-4 الدوري الإيطالي
ملخص مباراة إنتر وتورينو 1-1 الدوري الإيطالي
ملخص مباراة توتنهام وكريستال بالاس 1-0 الدوري الإنجليزي

إن مواجهة تلك الأندية لمنافسين متواضعين جعلها لا تعرف كيف تلعب أمام الفرق القوية، التي نادراً ما تواجهها. وهذا هو السبب الذي يجعل الكثير من المباريات بين الأندية الكبرى التي تلعب كرة قدم ممتعة تنتهي بفارق أهداف كبير، مثل فوز باريس سان جيرمان على برشلونة بأربعة أهداف دون رد في مباراة الذهاب لدور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، قبل أن تنتهي مباراة العودة بفوز برشلونة بستة أهداف مقابل هدف وحيد.

كان الأمر مثيراً للغاية بطبيعة الحال، لكن برشلونة خرج من المسابقة بعد ذلك عندما واجه فريقاً أكثر تنظيماً وتوازناً هو يوفنتوس.

وخلال المواسم الثمانية السابقة، انتهت 21 مباراة في ربع النهائي أو الأدوار اللاحقة من دوري أبطال أوروبا بفارق ثلاثة أهداف، أما في الثمانية مواسم السابقة لذلك، لم يحدث هذا الأمر سوى في ثماني مباريات فقط.

ربما أصبحت الفرق الكبرى، التي تصل إلى هذه المراحل المتقدمة من المسابقة، أفضل من سابقتها في الناحية الهجومية، لكن الشيء الواضح أنها لم تعد تهتم كثيراً بالنواحي الدفاعية.

لكن الدوري الوحيد الذي لا ينطبق عليه ذلك هو الدوري الإنجليزي الممتاز، والدليل على ذلك أن ست فرق دخلت الموسم الحالي ولديها طموح الفوز باللقب. ليس هذا فحسب، لكن حتى الأندية التي تحتل مراكز متدنية في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز لديها الموارد المالية التي تؤهلها للمنافسة. ولذلك؛ يجب مقاومة أي محاولات من جانب الأندية الستة الكبار للحصول على نسب أكبر من عائدات البث التلفزيوني.

وخلال السنوات القليلة الماضية، قال كثيرون أن تدني مستوى الأندية الإنجليزية في البطولات الأوروبية يعود إلى المنافسة الشديدة التي يشهدها الدوري الإنجليزي الممتاز، أو ما وصفه لويس فان خال بأنه "سباق الفئران" في الدوري الإنجليزي. لكن الموسم الحالي، ورغم أنه ما زال من المبكر الحكم على الأمور، فهناك مؤشرات على أن الأندية الإنجليزية بدأت تستفيد من هذه المنافسة القوية، والدليل على ذلك أن الأندية الإنجليزية لم تخسر سوى مباراة واحدة فقط من إجمالي 20 مباراة خاضتها في دوري أبطال أوروبا الموسم الحالي، وحصلت على نقاط أعلى من أي أندية من دوري آخر بنسبة 40 في المائة، فضلاً عن أنها أظهرت ذكاءً خططياً ومرونة تكتيكية لم تكن تتمتع بها في الماضي.

وغير المدير الفني لتوتنهام ماوريسيو بوتشيتينو طريقة اللعب مرة أخرى، من 3 - 5 - 2 التي اعتمد عليها في ملعب سانتياغو بيرنابيو إلى 3 - 4 - 2 - 1.

وعلى الجانب الآخر، لعب ريـال مدريد بطريقة 4 - 3 - 1 - 2. التي تتطلب تقدم الظهيرين باستمرار، وهو ما استغله توتنهام على أكمل وجه، وتمكن من استغلال تلك النقطة في إحراز الهدف الأول.

وظهر ريـال مدريد مفككاً وبطيئاً وغير منظم. ورغم أنه شكل بعض الخطورة هجومياً، إلا أنه كان سيئاً للغاية في الدفاع.

ربما حدث ذلك نتيجة شعور لاعبي ريال مدريد بأنهم سيتأهلون إلى الدور القادم مهما حدث، وبأنهم قد حصلوا على لقب البطولة العام الماضي بعدما تأهلوا من دور المجموعات في المركز الثاني. لكن بعد البداية السيئة لريال مدريد في الدوري الإسباني أيضاً، بات يتعين على الفريق أن يشعر بالقلق مما يحدث.

ويمكن القول باختصار أن توتنهام كان أفضل من ريال مدريد من الناحية الذهنية وأذكى من الناحية الخططية.

سيبقى ما حدث الأربعاء الماضي محفوراً دائما في تاريخ النادي الإنجليزي، لكن على الجانب الآخر يجب أن يكون ما حدث بمثابة تحذير لريال مدريد، وربما لبقية الأندية الكبرى في أوروبا.