من يعرف ديفيد بيكهام حق معرفة، ومن تابعه جيداً منذ عام 1996 حتى 2007، ومْن يعي قيمته الفنية والقيادية، هم فقط القادرون على الدفاع عنه إذا سمعوا تلك الكلمات المستفزة التي تبخسه حقه المهني والأدبي.
لم يكن بيكهام عارضاً للأزياء أو ممثل، ربما استغل من قبل الإعلام على أكمل وجه، لكنه في حقيقة الأمر فعل الكثير من أجل مانشستر يونايتد منذ عام 1994 وحتى رحيله عام 2003، وكان يلعب بشهادة الجميع بنفس المستوى طيلة فترة احترافه في ريال مدريد رغم الضغوطات الهائلة التي تعرض لها بسبب سوء نتائج النادي، ويبقى انضمامه في وقت خاطيء للملكي السبب الرئيسي في ذلك.
نهايات بيكهام دائماً ما كانت سعيدة، ففي عام 2007 تحت قيادة مدرب محترم له سمعة اسمه فابيو كابيلو توج معه بلقب الليغا لأول مرة، وفي الولايات المتحدة فاز بلقبين للدوري مع لوس أنجيليس غالاكسي وترك النادي بطلاً، وأثناء إعارته لميلان عامي 2009 و2010 لم يبخل على النادي بنقطة عرق واحدة وساهم في ترشحه للأبطال، ويكفينا البيان الذي أصدره ميلان بعد اعتزاله اللعب، ليوضح القيمة الفنية والقيادية التي أضافها اللاعب بخبراته في صفوفه.
وها هو "بيكس" يحصد لقب الدوري الفرنسي الممتاز مع باريس سان جيرمان ليكون أول لاعب إنجليزي يتوج بأربع دوريات مختلفة.
لم يستطع أفضل قادة الإنجليز في السنوات الـ 15 الأخيرة حبس دموعه واخفاء مشاعره خلال مباراته الأخيرة مع باريس سان جيرمان على ملعب بارك دو برانس ليلة أمس والتي أكدت إلى أي مدى كان صعباً عليه اعلان اعتزاله النهائي الخميس الماضي وتعليق حذائه وهو في قمة مستواه بعد مسيرة امتدت لنحو 23 عاماً.
وبدأ النجم الإنجليزي حياته المهنية في تدريبات توتنهام هوتسبير قبل انضمامه لمانشستر يونايتد الذي أعاره لنادي بريستون نورث إند عامي 1992 و1993 لتنطلق عام 1994 مسيرة أفضل جناح أيمن آنجليزي في آخر 50 عاماً وحامل لقب (أفضل ثاني) لاعب في العالم مرتين عامي 1999 و2001.
حاصرت عدسات المصورين بيكهام من كل حدب وصوب قبل وأثناء وبعد المباراة الأخيرة لباريس سان جيرمان على ملعبه ووسط جماهيره، عندما استضاف بريست متذيل جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز (فاز عليه بنتيجة 3-1)، والذي لم يستطع الصمود أمام قذائف السويدي زلاتان إبراهيموفيتش صاحب هدفين من ثلاثية باريس.
الهدف الوحيد الذي سجله بريست جاء قبل عشر دقائق من نهاية المباراة بسبب تأثر ديفيد بيكهام بتحضير المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي لتغييره، فعندما شاهد الأرجنتيني إيزيكييل لافيتزي يستعد للنزول، أدرك نجم مانشستر يونايتد وريال مدريد الأسبق بأن لحظة الحقيقة قد اقتربت بالفعل ليفقد السيطرة على نفسه.
وهذا يوضح إلى أي مدى تأثر بيكهام، حامل لقب الدوري الأميركي مع لوس أنجيليس غالاكسي مرتين إذ أنه وقف متأثراً بهتافات المشجعين وزملائه في الفريق الذين التفوا حوله لتوديعه في نفس لحظة تصفيق لاعبي الفريق الخصم وتصفيق أعضاء مجلس إدارة باريس سان جيرمان لتوديع البطل صاحب الأداء الثابت رغم الإصابات التي تعرض لها خلال مسيرته بعد تجاوزه عامه الـ 30، كانت لحظات تاريخية لن تنسى في تاريخ أسطورة حقيقية لن تتكرر.
نوعية ديفيد جوزيف روبرت بيكهام من الصعب إيجادها بسهولة هذه الأيام، ومن الصعب تكرارها، فقد كان لاعباً معطاءاً في كل الأوقات بقوة شخصيته.