ربما يكون هو القائد الثاني بين لاعبي ريال مدريد الإسباني بعد الحارس إيكر كاسياس، لكن تأثير المدافع الأندلسي المخضرم سيرخيو راموس بين زملائه هو الأقوى، وهو لسان حالهم الذي يتجرأ على تحدي مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو، المعروف عنه بأنه "لا يقهر من شخص".
فمورينيو أقوى من أي لاعب دربه، لا يتساهل مع أحد ولا يقبل انتقاد لاعب لطريقة لعبه مهما كانت أهميته، رغم أنه يشيع جواً من الألفة والبهجة والصداقة بينهم، لكن كل شيء بحدود.
منذ وطأت قدما مورينيو النادي الملكي صيف 2010 وجميع من لعب تحت إمرته يثني عليه وعلى أسلوب لعبه والطريقة التي يتعامل بها معهم، فالجميع يعتبره أفضل مدربي العالم ويتوقفون عند هذا الحد.
لكن راموس لا يجيد فن الكتمان كباقي زملائه، إذا وجد أمراً لا يعجبه فإنه لا يصمت، ويجاهر به، ويصرح به في وجه مدربه "الاستثنائي"، رغم أنه حسب كلامه يكن له كل الاحترام والتقدير ويعتبره الأفضل أيضاً.
فمنذ الموسم الماضي، كثر الكلام في الصحافة الإسبانية عن خلافات بين راموس ومورينيو، لكن الثنائي كانا ينفيان الأمر، ويردان بالتقاط الصور التذكارية في جو ودي دافئ.
إلا أن الشائعات تزايدت أكثر فأكثر خلال الموسم الجاري، وخاصة عقب البداية المخيبة للميرينغي في الليغا، التي يحمل لقبها، عقب التعادل مع فالنسيا والخسارة من إشبيلية وخيتافي.
وأخيراً لم يحتمل راموس مزيداً من الكتمان، فاعترف في تصريحات نقلتها صحيفة (ماركا) بأنه على خلاف مستمر في وجهات النظر مع مدربه، لكن دون أن يعكر هذا من صفو العلاقة بينهما.
وكثرت الشواهد على تلك الخلافات الخفية، بعد أن أعلن راموس على الملأ ضيقه من طريقة لعب فريقه مطلع الموسم، وهو ما كلفه الجلوس على مقعد البدلاء في مباراة غاية في الأهمية أمام مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مباريات دوري أبطال أوروبا على ملعب سانتياغو برنابيو، وانتهت بفوز ملحمي للريال في الوقت القاتل بهدف كريستيانو رونالدو (3-2).
فقد فضل "مو" الانتقام لكرامته وإجراء تغيير شديد الجرأة بالدفع أساسياً بالفرنسي الصاعد رافاييل فاران الذي لم يبلغ عامه الـ 20 ولا يملك ربع خبرة راموس، وقد برر قراره بأنه "فني وليس عقابي"، لكن العكس بدا صحيحاً للجميع.
وعلق المدافع المتميز على استبعاده بالتأكيد على أنه يتعلق بـ "أمور عائلية" لا يصح الكشف عن تفاصيلها، لكنه أراد الانتقام بطريقة أخرى في صورة تضامنه مع زميله الألماني مسعود أوزيل.
وكان مورينيو قد انتقد ضعف مستوى أوزيل هذا الموسم مقارنة بأدائه المبهر خلال الموسمين الماضيين، فقام راموس بارتداء قميص تحتي خاص بالنجم الألماني يحمل رقم (10) في مباراة ديبورتيفو لا كورونيا (5-1) كان ينوي إظهاره في حال سجل هدفاً.
لكن مورينيو لا يكل من لعبة "القط والفأر"، إذ قال أن مستوى راموس تحسن بعد تذوقه طعم "مقعد الاحتياط" أمام مانشستر سيتي، حيث عاد ليلعب أساسياً في كل ما تبعها من مباريات، كما قال ساخراً "علاقتي براموس جيدة، لكنني أفضل زوجتي عليه".
إلا أن راموس لم يصمت، فوجه انتقاداً ضمنياً غير مباشر لمدربه فيما يتعلق باعتماده الكلي على رونالدو الذي يحتكر تسديد المخالفات الثابتة لكن لا يسجل منها إلا نادراً.
وأشار المدافع الإسباني إلى أن الفريق المدريدي يمتلك مصوبين رائعين لهذه الكرات من بينهم أوزيل وتشابي ألونسو، وهو نفسه بعد أن سجل بنفس الطريقة مع منتخب بلاده في شباك باناما ودياً (5-1).
الواقع أن مورينيو لا يمكنه الاستغناء أبداً عن راموس، فهو الذي حل له مشكلة النقص الدفاعي بنقله من الظهير الأيمن إلى قلب الدفاع بجوار بيبي، لكن يبدو أن لعبة "القط والفأر" ستطول بينهما إلى حين انتهاء علاقة أي منهما بالنادي الأبيض الملكي.

البوابة