برزت من جديد قضية منير الحدادي الحامل للجنسيتين المغربية والإسبانية.
ورغم أن الموضوع شهد عدة تطورات متلاحقة، انتهت باختيار اللاعب الدفاع عن القميص الإسباني، رغم المجهود الكبير الذي بذله الجانب المغربي، ودخول مسؤولين نافذين بقوة من أجل جعل هذه الموهبة التي تكونت بمدرسة برشلونة، ترتدي ألوان أسود الأطلسي، إلا أنه وأمام الإغراءات العديدة فضل الحدادي تلبية رغبة المدرب السابق فيسنتي ديل بوسكي، دون أن يدرك أنها رغبة مؤقتة مبنية على حسابات لعب الحدادي بضع دقائق في مباراة إسبانيا ضد مقدونيا ليتأكد اختياره النهائي.
إلا أنه ومع مرور الأيام، تبين أنه أختار الحل الخطأ، كما حدث للعديد من اللاعبين من أمثاله الذين فضلوا الانضمام لبلد الإقامة عوض الأصل ليدفعوا مقابل هذا الاختيار ثمناً باهظاً من أمثال الجباري والشاذلي (بلجيكا)، وأفيلاي (هولندا)، وغيرهم من اللاعبين الذين طواهم النسيان الى الأبد.
قد نجد الأعذار لهؤلاء اللاعبين لعدة اعتبارات، يحضر فيها الجانب الإنساني بقوة، فاللاعب وهو في بداية المشوار، وفي سن مبكرة يذهب ضحية إغراءات عديدة تجعله يختار الحل الأسهل، ألا وهو الوفاء لنفس المحيط الذي شب فيه، وتكون بين أحضانه، والأكيد أنه يجد صعوبة في تغيير الأجواء.
صحيح أن هناك من اللاعبين من أختار الوفاء للأصل، ونجح في اختياره والأمثلة الكثيرة، أبرزها الجيل الذي نشاهده حالياً، وقبله كثير، وهناك من أختار المغرب ودفع الثمن باهظاً مثل اللاعب أولمس الذي أصيب مع المنتخب، دون أن يلتفت إليه أحد، لكن في جانب الوطنية لا يمكن أن تكون هناك مساومة، فالوطن أكبر من الأشخاص، لكن على المسؤولين أن يقدروا قيمة الاختيار ونبل التضحية.
منير الحدادي وعائلته التي كانوا متحمسين في البداية، فهموا في النهاية أن الاختيار كان خاطئاً، ليبدأ بعد هذا التهميش الإسباني قنوات جديدة للاتصال مع الجامعة المغربية، وهذه المرة تحت إشراف فوزي لقجع، الذي تفاعل بسرعة مع الأمر، وبكثير من الإيجابية على اعتبار أن الوطن لا يمكن أن يفرط بأبنائه، كيفما كانت الظروف والأحوال.
حدث هذا خلال مباراة المغرب وهولندا بمدينة أكادير والتي جرت خلال يونيو الماضي، حيث حضر الحدادي صحبة عائلته للملعب، وطالبوا من لقجع العمل على استرجاع هذه الموهبة المغربية، ودون أدنى تردد جعل الرئيس من هذه القضية سابقة على الصعيد الدولي، فرض على فيفا الالتفات لموضوع ظل دائماً بعيداً عن المعالجة، خاصة وأن هناك العديد من اللاعبين، ومن جنسيات مختلفة لقوا نفس المصير، دون أن تكون هناك حلولاً لمعالجة الظاهرة.
بعد التفهم الذي عبر عنه رئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانتينو، تحمست الجامعة المغربية للذهاب بعيداً في هذا الملف، وأرادت أن تجعل من قضية الحدادي سابقة على الصعيد الدولي، يمكن أن تغير الكثير من المعطيات، كما حدث مع قضية بوسمان التي فتحت الفضاء الأوروبي أمام كل لاعب يحمل جنسية أية دول من دول القارة العجوز.
حسب المعطيات المتوفرة فإن الملف موضوع أمام أنظار المحكمة الرياضية الدولية، ومن المنتظر أن تعرف الأخذ والرد والعديد من المرافعات والدفوعات، للوصول ربما إلى حل تنتظره فيفا، ألا وهو إنهاء ظاهرة يمكن أن تصنف ضمن خانة “العبودية”، و هذا ما تحاربه كل المواثيق الدولية وفي العديد من المجالات، فكيف يقبل باستمرار في المجال الرياضي؟؟؟
والغريب أن بعض الجهات تقود هذه الأيام حملة ممنهجة ضد إمكانية التحاق الحدادي بمنتخب المغرب المقبل على المشاركة بمونديال روسيا، واعتبار الخطوة انتهازية من طرف اللاعب، مع أن المعطيات التي قدمناها تؤكد أن القضية تم فتحها من جديد في وقت كان المنتخب يحتل مرتبة متأخرة في التصفيات.
محمد الروحلي