أوقفت أجهزة الأمن اللبنانية شخصين على ذمة التحقيق في قضية مصرع الوزير إيلي حبيقة، وبينما ظهر حارس الوزير القتيل، أكد محامو ضحايا المجازر في بروكسل أن أدلتهم ما زالت قوية بعد قتل حبيقة، وفي أول تصريح له تأسف "كوبرا" للطريقة التي لقي بها قائده السابق مصرعه، إلى ذلك قال شيخ مدينة صيدا "إن توبته ليست بمستوى جرائمه" هذا وكشف النقاب عن شهادة لحبيقة تم تسجيلها قبل يومين من تصفيته.
وقالت مصادر لبنانية إن الشرطة احتجزت شخصين هما الآن رهن التحقيق، بعد توافر معلومات عن علاقة لهما بملكية السيارة المفخخة التي نسفت حبيقة.
وذكرت المصادر أن الموقوفين يخضعان للتحقيق من قبل الأجهزة الأمنية، حول ملكية السيارة، بعد التوصل إلى معرفة صاحب السيارة من خلال رقم (الشاصي) لكن تبين بعد ذلك أن صاحبها هو منتحل صفة.
من جهته اعتبر النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم، أن كل المعطيات والدلائل حتى الآن تشير إلى أن إسرائيل وراء ارتكاب الجريمة، موضحا أنه في المنطق القضائي (لا نملك حتى الآن أي إثباتات قبل توافر الأدلة اللازمة، أما المنطق والاستنتاج فيشيران بأصابع الاتهام إلى إسرائيل لأنها المستفيد الأكبر من جريمة الاغتيال).
وكشف أن التحقيق يتمحور حول نوع المتفجرات، والسيارة وظروف توقيفها في المكان الذي كانت متوقفة فيه) مشيراً إلى أن كميناً محكماً نصب لحبيقة ومرافقيه ما يعني أن الفاعلين هم محترفون.
كوبرا: حزين على الطريقة التي قتل بها حبيقة
إلى ذلك قال اللبناني روبير حاتم، الملقب بـ "كوبرا" والمعروف بأنه كان الساعد الأيمن لإيلي حبيقة خلال الحرب الأهلية اللبنانية في الثمانينات، إنه لم يكن يتمنى هذه الموتة للنائب والوزير السابق ورئيس شعبة المخابرات في القوات اللبنانية إبان الحرب اللبنانية وأحداث المجازر في المخيمات الفلسطينية.
وقال حاتم المقيم في عاصمة أوروبية في تصريحات صحفية: "كنت أتمنى مثول حبيقة أمام المحكمة ببلجيكا، فعنده معلومات كثيرة وملفات ووثائق عن صبرا وشاتيلا وغيرها، وأعتقد أنه قضى لهذا السبب" على حد تعبيره.
وكان "كوبرا" قد أصدر كتابا عام 1990 بعنوان "من إسرائيل إلى دمشق" روى فيه ما دفع حبيقة في ما بعد لمقاضاته في بيروت، خصوصا حول مزاعمه عن تورط الوزير والنائب السابق في مذبحة صبرا وشاتيلا، مع شرح مسهب لتفاصيل غرامياته مع عشيقات وصديقات، ممن سمى معظمهن، قائلا في الكتاب إن بعضهن كن متزوجات.
توبته ليست بمستوى سلوكه الإجرامي
وقال الشيخ ماهر حمود في خطبه صلاة الجمعة أمس في صيدا: "من المؤكد أن الرأي العام لم يتقبل الياس حبيقة كزعيم وطني، ولم ينس ارتباط اسمه بمجازر صبرا وشاتيلا رغم كل التأكيدات التي قالها في مناسبات عدة. والسلوك السياسي لحبيقة بعد عمله في السياسة لم يواز سلوكه الإجرامي قبل توبته، لأنه لم يقم بعمل جدي يثبت أنه غيّر أسلوبه وأنه شخص جديد، بل إنه انتقل من معسكر إلى آخر، لكنه ظل فاسدا في سلوكه الشخصي وعلاقته وتعامله مع الناس، كما أنه لم يقم بعمل مهم يسجل له، كما سجل له في الوجدان إنه بطل صبرا وشاتيلا".
إجماع على إدانة إسرائيل
حول ما ذكر عن وجود وثائق وأشرطة مسجلة لدى حبيقة تتضمن المعلومات التي أشار إليها قبل اغتياله، وتؤكد براءته وتدين شارون بارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، قال قاضي التمييز: "لقد بلغتنا هذه المعلومات إلا أننا لم نحصل عليها حتى الآن"، وأكد أن المرافق المختفي "نمر غضبان" "عثرنا عليه في منزله واستمعنا إليه، فتبين أن لا علاقة له بالموضوع".
أدلى بشهادته ولقي مصرعه
قالت مصادر عليمة إن إيلي حبيقة وثق وسجل شهادته والمعلومات التي يملكها حول مجازر صبرا وشاتيلا على شريط وسلمه لمحامين، وذكرت صحيفة دايلي ستار اللبنانية أمس إن حبيقة الذي قتل الخميس سجل المعلومات التي كان يريد الإدلاء بها حول مجازر صبرا وشاتيلا. وقالت الصحيفة "قبل شهرين أكد لنا إيلي حبيقة إنه سجل روايته المتعلقة بمجازر صبرا وشاتيلا وإنه سلم نسخا عن شريط التسجيل لمحامين".
وأضاف المصدر "كما أكد أنه يملك أدلة على تورط شارون أكثر مما هو معروف".
دمشق: إسرائيل وراء العملية
وفي دمشق أكدت الإذاعة الرسمية أن هناك إجماعا لدى جميع الأطراف المهتمة بالتطورات في المنطقة بأن إسرائيل تقف وراء اغتيال حبيقة. وقالت الإذاعة في تعليقها السياسي أمس إن باغتيال حبيقة فقد أزاحت إسرائيل الشاهد الرئيسي في مذابح صبرا وشاتيلا التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي خلال اجتياحه للبنان في 1982 والذي كان شارون وزيرا للحرب حينذاك.
وأكدت أن اغتيال حبيقة هو لمصلحة شارون الذي تجرى محاكمته أمام القضاء البلجيكي لارتكابه جريمة مذابح صبرا وشاتيلا. وأوضحت أن إزالة الشهود وتدمير الأدلة التي تقود إلى إدانة شارون هي في مصلحة إسرائيل، وقالت إن شارون الذي يحاول الإفلات من الإدانة قد أدين في إسرائيل نفسها من قبل لجنة كاهانا وأبعد عن منصبه وتمت التوصية بعدم إشغاله منصب وزير الحرب.
بروكسل: القضية ضد شارون قائمة
وفي بروكسل قال محامو لاجئين فلسطينيين إن قضية جرائم الحرب ضد شارون ما زالت قوية رغم مقتل حبيقة، لكنهم اعترفوا بأن الحصول على شهادة أو وثائق من حبيقة كان سيعزز القضية البلجيكية ضد شارون. وقال المحامي ميشيل فرهايجه "قضيتنا كانت قوية حتى قبل أن يعلن حبيقة استعداده للمساهمة". وأضاف "كان يمكن أن تكون أقوى بشهادته لكنها ما زالت قوية".
وقال فرهايجه "حيث إننا لا نعلم ما كان سيقوله أو إذا كان ما يقوله هو الحقيقة.. فلا يمكن الحديث عن أي ضرر أو أي فائدة للقضية".—(البوابة)—(مصادر متعددة)