على المستثمرين اتخاذ قراراتهم بناء على رؤية استثمارية متوسطة الى طويلة المدى بدلا من التعرض لمخاطر التقلبات على المدى القصير.
لا تزال العوامل المقيدة لحركة السوق خلال الفترة السابقة كهدوء شهر الصيف وحلول شهر رمضان المبارك وتخوف المستثمرين من التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي وانعكاس ذلك على قراراتهم الاستثمارية خصوصا قصيرة الأجل منها الى غير ذلك من العوامل والتي سبق ذكرها في تقريرنا السابق، ورصدت مجموعة ادارة الاستثمار ببنك عمان العربي السوق حيث لا تزال هذه العوامل تؤثر على أنشطة السوق على الرغم من العوامل الأساسية القوية والنتائج المالية الربعية الجيدة لمعظم الشركات المعلنة والتقييمات الجاذبة للأسهم.
وبتوصيف للوضع الحالي القائم، نرى بأن غياب السيولة في السوق وانعكاسه على مستويات أقيام التداول التي سجلت انخفاضات ضخمة وصلت عند 4.6 مليون ر.ع. منذ 3 أسابيع (أي أقل بنسبة 80% من متوسط المعدل الأسبوعي لقيم التداولات منذ بداية العام الحالي عند 23 مليون ر.ع.)، نرى بأنه قد أدى إلى ضعف البيع وأزمة ثقة لدى المستثمرين نتج عنه حالة من التخبط والعشوائية في اتخاذ القرارات الاستثمارية المستندة على توقعات غير منطقية و / أو غير محسوبة، الأمر الذي ساهم بدوره في اندفاع العديد من المحافظ الصغيرة لتسوية مراكزها في السوق.
ولأجل إعادة الثقة الى المستثمرين، نرى أفضلية تحقق العوامل في العمل على تفعيل دور صندوق التوازن الاستثماري وذلك سواء بالاستفادة من التسهيلات الائتمانية التي يمكن الحصول عليها من البنوك او جهات الاقتراض و / أو زيادة الاستثمار الحكومي والخاص به مما سيوفر سيولة نقدية فاعلة وتفعيل دور شركات وصناديق الاستثمار وعودة الإعلانات الجوهرية والعطاءات واقتراح قيام الشركات القيادية بتوزيعات نقدية نصف سنوية وذلك بعد العودة لمجالس إدارتها وموافقة المستثمرين طبقا للقوانين والأنظمة ذات الصلة.
وقد تراجع المؤشر العام لسوق مسقط للأوراق المالية وللأسبوع الثالث على التوالي بنسبة 1.53% على أساس أسبوعي خلال الأسبوع ( 31 يوليو – 4 أغسطس) مسجلا أدنى مستوى له في أكثر من عامين عند 5758.92 نقطة في ظل انخفاضات طالت كافة القطاعات المكونة لعينة المؤشر. وفي خلال الأسبوع نفسه، سجل " مؤشر العربي عُمان 20" انخفاضا بنسبة 1.86% ليغلق عند مستوى 964.02 نقطة.
ومما زاد الوضع صعوبة، حالة الغموض المصاحب لما ستؤول إليه نتائج الموافقة على رفع سقف الاقتراض الأمريكي بهدف تجنب التأخر في السداد والذي لم ينجح على ما يبدو بتبديد المخاوف المتعلقة باحتمالية خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة واستمرارية الضغوط عليها، الأمر الذي أصبح مبررا كافيا لشريحة واسعة من المستثمرين الأجانب والعالميين للخروج من الأسواق والبيع متجاهلين النتائج الإيجابية المعلنة من قبل الشركات. ونعتقد بهذا السياق بأن تأثير مشكلة الديون الأمريكية على أداء السوق المحلي ليس بالشكل الذي يصوره البعض ولا يمكن مقارنته بأثره على اقتصاديات أكثر ارتباطا بالاقتصاد الأمريكي. وعلى الرغم من أن ضعف الدولار الأمريكي يضعف من قيمة الريال العُماني إلا أن ارتفاع أسعار النفط يقلل من هذا الأثر.
الأداء القطاعي
وبالانتقال إلى الأداء القطاعي، سجل مؤشر قطاع الصناعة الانخفاض الأكبر بتراجعه بنسبة 2.57% على أساس أسبوعي إلى مستوى 6,413.61 نقطة بضغط من أسهم شركة إسمنت عُمان و شركة مطاحن صلالة وشركة صناعة الكابلات العٌمانية. أما مؤشر القطاع المالي فقد سجل تراجعا بنسبة 2.36% على أساس اسبوعي إلى مستوى 6,281.02 نقطة بضغط من أسهم الشركات القابضة والاستثمارية وبعض أسهم البنوك كبنك ظفار.
وكان كل من بنك عُمان الدولي والبنك الأهلي قد أعلنا عن نتائجهما للربع المالي الثاني من العام الحالي. وطبقا للنتائج، أسهم انخفاض إيرادات التشغيل وارتفاع المصاريف خصوصا المتعلقة بتكلفة الموظفين بالتأثير سلبيا على الأداء الربعي لبنك عُمان الدولي الذي حقق صافي ربح بقيمة 3.94 مليون ر.ع. للربع الثاني من العام الحالي بانخفاض نسبته 11.2% على أساس ربع سنوي (ارتفاع نسبته 10.4% على اساس سنوي). أما البنك الأهلي فقد استطاع تحقيق نمو في صافي إيرادات الفوائد بنسبة 23% على اساس ربع سنوي إلى 6.87 مليون ر.ع. خلال الربع المالي الثاني على خلفية تحسن الهوامش ما أسهم بالتقليل من أثر ارتفاع المصاريف التشغيلية والتي شهدت نموا بنسبة 10.4% على أساس ربع سنوي إلى 2.34 مليون ر.ع. وعليه شهد صافي ربح البنك نموا بنسبة 15.7% على اساس ربعي إلى 4.6 مليون ر.ع. وبالإعلان عن هذه النتائج وباستثناء الخسارة الاستثنائية لبنك ظفار، أظهرت النتائج الربعية للبنوك المدرجة (ما عدا بنك عُمان الدولي) نموا معقولا في صافي أرباحها خلال الربع المالي الثاني. وتظهر الأرقام المجمعة تسجيل صافي الربح نموا بنسبة 5.6% على أساس ربعي الى 60.9 مليون ر.ع. للربع نفسه. وكان مؤشر الخدمات (وبشكل ينسجم مع وجهة نظرنا) والذي ما زال المستثمرون بانتظار نتائج الشركات القيادية فيه مثل الشركة العُمانية للاتصالات (عُمانتل) و شركة جلفار للهندسة والمقاولات وشركة النهضة للخدمات، قد سجل أدنى تراجع بنسبة 0.36% على أساس أسبوعي إلى مستوى 2,462.68 نقطة.
وعلى الصعيد التقني، جرت العادة استخدام عدد من المؤشرات الفنية لتحديد حركة أسعار التداول في السوق، الأمر الذي يعطينا فرصة التعرف على الاتجاه العام للمؤشر وذلك بمعرفة مدى وجود مبالغة في عمليات البيع او الشراء. ولغرض التحليل تم استخدام مؤشري القوة النسبي RSI الذي يشير حالياً الى أن مستوى مؤشر السوق دون مستوى 30 نقطة (بمعنى آخر وجود مغالاة في عمليات البيع) حيث شهد نهاية الاسبوع السابق تقاطع مؤشر السوق مع مستوى RSI عند مستوى 30 نقطة للأعلى. كما ويشير مؤشر "الاستوكاستيك" أيضاً الى وجود مبالغة في عمليات البيع حيث يستقر حالياً دون مستوى الـ 20 نقطة. ورغم ذلك، فإن كلا المؤشرين يظهران جاذبية الاسعار الحالية والتي تعطي المستثمرين فرصة سانحة للشراء وذلك قبل الاتجاه الصعودي للمؤشر.
العامل النفسي
وكما أسلفنا سابقا، لا يزال العامل النفسي وليس الأداء المالي للشركات هو المسيطر على أداء السوق رغم التقيمات الجاذبة لقطاعاته وعدد من أسهمه. وطبقا للجدول التالي، تشير مكررات الربحية و عائد التوزيع للقطاع المالي والخدمات (مبنية على أسعار آخر جلسة تداول في يوم 4 أغسطس) إلى مدى جاذبيتهم مقارنة مع المؤشر العام.
ونعتقد بأن على المستثمرين إتخاذ قراراتهم بناء على رؤية استثمارية متوسطة إلى طويلة المدى بدلا من التعرض لمخاطر التقلبات على المدى القصير كون أن أداء الأسهم على المدى الطويل يعتبر قويا. وتظهر التحليلات التاريخية في هذا السياق لسوق مسقط للأوراق المالية بأن معدل النمو السنوي خلال العشر سنوات السابقة (1 أغسطس 2001 – 1 أغسطس 2011) قد لامس 13%. ورغم أن العقد السابق قد شهد العديد من الأزمات الاقتصادية مثل الأزمة المالية العالمية في عام 2008، إلا أن نمو سوق مسقط للأوراق المالية بالقيمة المطلقة خلال الفترة نفسها قد سجل 239%.
أما فيما يتعلق بحركة التداولات، فبعد استثناء أثر الصفقة الخاصة على سهم شركة شل العمانية للتسويق، انخفض كل من حجم وقيم التداولات بنسبة 34.8% و 14.7% على أساس أسبوعي على التوالي إلى 18.8 مليون سهم بقيمة 7.6 مليون ر.ع. هذا وفضل الاستثمار المؤسسي العُماني والأجنبي الدخول إلى السوق محققين صافي شراء بقيمة 0.88 مليون ر.ع. (شكل العٌمانيون نسبة 34% من إجمالي صافي الشراء بقيمة 0.3 مليون ر.ع.) ممتصين بذلك ضغط بيع الاستثمار المؤسسي الخليجي الذي حقق قيمة 0.47 مليون ر.ع.
أدنى مستوى في عامين
أظهر تحليل أداء مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية لشهر يوليو من العام الحالي تراجع المؤشر العام لأدنى مستوى في عامين عند 5,808.03 نقطة متأثرا بأزمة الديون الأوروربية والأمريكية. كما سيطر تعديل عينة المؤشر وإعادة هيكلة قطاعاته على حركته خلال الشهر المذكور إضافة الى موسم إعلان نتائج الشركات. وكان مؤشر القطاع المالي قد سجل الهبوط الأدنى بنسبة 1.15% على أساس شهري. ومن الأسهم النشطة بهذا القطاع سهم بنك مسقط والذي أظهرت التحليلات الشهرية تصدره الأسهم النشطة من حيث قيم التداولات مشكلا نسبة 15.8% من إجمالي تداولات السوق عند 5.6 مليون ر.ع. وانخفض مؤشر الخدمات ومؤشر الصناعة بنسبة 1.6% و 1.51% على اساس شهري على التوالي. وعليه ونتيجة لهذه الضغوط، انخفض المؤشر العام لسوق مسقط للأوراق المالية خلال الشهر المذكور بنسبة 1.8% ليحتل المرتبة الثالثة خليجيا من حيث الأداء. وكان كل من أحجام وقيم التداولات قد تراجع بنسبة 34% و 31.7% على أساس شهري على التوالي خلال شهر يوليو.
النتائج المالية
أظهرت قاعدة بياناتنا لصافي الأرباح المجمعة المعلنة حتى الآن من قبل الشركات المدرجة للربع المالي المنتهي في يونيو 2011 (وذلك بعد استثناء الخسائر الفصلية الاستثنائية لبنك ظفار وشركة ظفار الدولية للتنمية والاستثمار القابضة بسبب القضية المرفوعة على البنك المذكور في كافة التحليلات)، استقرار هذه الأرباح عند 107.8 مليون ر.ع. بارتفاع طفيف جدا على أساس ربع سنوي بنسبة0.1% (انخفاض بنسبة 4% على أساس سنوي).
وعلى الصعيد القطاعي، تراجعت الأرباح المجمعة لقطاع الصناعة حتى الآن بنسبة 4% على اساس ربع سنوي ( -37% على اساس سنوي) الى 18.6 مليون ر.ع. للربع المالي المنتهي في يونيو 2011 مقارنة مع 19.3 مليون ر.ع. للربع الذي سبقه بشكل رئيسي بسبب نتائج قطاع الإسمنت وشركة المطاحن العُمانية. كما سجل القطاع المالي تراجعا في إجمالي أرباحه المجمعة المعلنة على أساس ربعي (رغم النتائج القوية للبنوك المحلية) بنسبة 5% (ارتفعت بنسبة 11% على اساس سنوي) وذلك بسبب الأداء المتواضع لشركة ظفار للتأمين. أما قطاع الخدمات والذي لم تعلن بعد عدد من شركاته القيادية عن نتائجها، فقد سجلت أرباحه المجمعة المعلنة حتى اللحظة تراجعا بنسبة 8% على أساس ربع سنوي (-2% على أساس سنوي) إلى 23.7 مليون ر.ع. للربع المالي المنتهي في يونيو 2
التوصيات:
لازالت الأنظار تتجه نحو الشركات القيادية خاصة تلك التي في قطاع الخدمات والتي من المتوقع الإعلان عنها خلال الأسبوع الجاري. هذا ونستمر بنصح المستثمرين وخاصة الصناديق التقاعدية بالاستفادة من المستويات الحالية وبالاستثمار على المدى المتوسط إلى الطويل خاصة المعتمد على الأساسات القوية للاقتصاد والقطاعات الاقتصادية ذات الصلة والابتعاد قدر الإمكان عن المضاربة.