ولا زالت الأحداث في سوريا تتوالى.
تظاهرات لآلاف يتصدى لهم عناصر الأمن وأفراد الفرقة الرابعة والميليشيات العلوية.
لقد ازداد الفرز في المواقف داخل المجتمع السوري وتعمق وبات أكثر وضوحاً مع مرور الأيام ودخول التظاهرات يومها الـ70.
انقسم المجتمع السوري إلى فسطاطين.. ( فسطاط الثورة )، وهو الأغلبية بشقيه المتحرك والصامت، وفسطاط ( ممانعة الثورة ) وهو الأقلية ولكن بأيديه مقدرات الدولة من سلاح ومال وإعلام ومؤسسات.
وإن كان للتشريح الطائفي لمجريات الأمور من حيز، فيمكن القول أن السنة، عرباً وأكراداً، حزموا أمرهم في أصقاع سوريا وقرروا إنهاء مرحلة التعايش غير السلمي مع النظام. أما تحالف الأقليات المكون من العلويين والدروز والمسيحيين، فلا يزال صامداً، إن لم يقو أكثر منذ بدء الأحداث. لقد خلق حافظ الأسد، واستمر نجله بشار من بعده على نفس المنوال، حالةً طائفية غذاها وتغذى منها وعاش عليها ونشرها في الوطن كممارسة يومية وحتى في دول الجوار وبالأخص العراق ولبنان.
نعم، هناك مشكلة طائفية في وطننا، تتضح على سبيل المثال في حقيقة أن أحداً من وجهاء أو شيوخ الطائفة العلوية لم يخرج ليبرأ الطائفة من الاتهامات بحق نظام آل الأسد وأتباعهم ويجنبها تبعات سياساتهم بعد التغيير، ما فهم على أنه تحالف بل ومباركة لتصرفات النظام وخاصةً في قرية تلكلخ.
ليس ذنب السوريين بأي حالٍ من الأحوال أن في وطنهم مشكلة طائفية لم يخلقوها أو يسعوا إليها. وليس عليهم وزر تحملها أو قبول ابتزاز البعض، سواءً من النظام أو المعارضة، لهم كلما أرادوا فتح فمهم للحديث عن الحقيقة الطائفية المعاشة.
وعليه، فإن إعادة إحياء دولة العلويين التي أسسها الانتداب الفرنسي بات ضرورة وطنية سورية لقطع الطريق أمام أي مشاكل مستقبلية وفض أي اشتباك محتمل بين مكونات المجتمع السوري سواءً بقي النظام أو سقط. يخطيء من يظن أن بقاء النظام سيعني من الآن فصاعداً استقراراً ولو على السطح كما كان في السابق. على العكس تماماً، إن بقاء السلطة الحالية بكل مكوناتها وتركيبتها سيزيد من سوء الأمور ويثخن جراح الطائفية التي بات لزاماً معها التخلص من مسبباتها لكي تعود سوريا كما كانت وطناً لكل مواطنيها.
وإن كانت الطائفة العلوية لا تثق بالسنة لأسباب تاريخية ملؤها المجازر بحق العلويين والتهميش والفكرة النمطية السائدة من أن النساء العلويات لسن سوى خدماً عند رجال السنة، فإن من حق العلويين في هذه الحالة بعث الحياة برسالة سليمان الأسد للانتداب الفرنسي سنة 1936 والتي طالب فيها فرنسا بعدم إلحاق الدولة العلوية بسوريا المستقلة.