بعد مرور ثلاث سنوات عجاف كان العام الماضي الاكثر قسوة جراء تداعيات الازمة المالية العالمية التي ولدت ازمات جديدة، وجراء حالة ضعف الاستقرار التي تعصف بدول عربية تحت وطأة مطالبات شعبية في الاصلاح والتغير، اما العام الجديد فيفترض ان يدفعنا الى ادراك المخاطر التي تحيط بنا، ونواجه التحديات العظام التي تعترضنا، اذ لا مناص من توفير متطلبات عودة الاقتصاد الى النمو المستهدف بحيث نضع العربة على الطريق الآمن اقتصاديا واجتماعيا، اما سياسيا فان هناك قناعة شعبية انه بالامكان تصويب اوضاعنا السياسية بالاعتماد على ما انجز في الاصلاح وتطويره بحيث يلبي استحقاقات المرحلة من قانون الانتخابات وتعديلات الدستور، والاحتكام الى صناديق الاقتراع لرسم ملامح المرحلة المقبلة. الملف الاقتصادي الاجتماعي يتصدر الملفات الاخرى، وهذا يتطلب تسريع دوران حركة الاقتصاد بكافة قطاعاته.
وبالرغم من اهمية معيشة المواطنين الا ان هذا الموضوع اشبع حديثا وتشخيصا دون ان نجد قرارات قابلة للتنفيذ، فالشركات الكبرى والمتوسطة التي عانت وما زالت تحت وطأة شح السيولة، حيث اقتصرت جهود لجنتي دراسة اوضاع بورصة عمان وتلبية احتياجات الشركات المعسرة من التمول على تقديم 23 مليون دينار لشركة و103 ملايين دينار لشركة اخرى شارك في هذا التمويل عدة بنوك، الا ان الشركتين المعنيتين لم تستطيعا الحصول على دينار واحد للانفاق على عملياتها وكانت هذه التسهيلات بمثابة تحسين محافظ التسهيلات للبنوك المعنية، اي بصورة اوضح تمت اعادة جدولة الديون دون اخذ البنوك المعنية اية مخصصات لغايات تجميل الميزانيات السنوية واخراجها للمساهمين والمراقبين بشكل قانوني بربحية عالية لتبرهن انها قادرة تقديم حلول مالية دون تحقيق اية منافع اقتصادية، وشراء الوقت املا في حدوث معجزة او تصفية هذه الشركات وبيع موجوداتها بأبخس الاثمان.
نقف هذا العام امام مفترق طرق اما ان ندخل بشكل حقيقي في معالجة اختلالات اقتصادية ومالية، واما نغوص في رمال متحركة من عجوز مالية وتجارية يذكيها البطالة والفقر وتدني قيم اصول الشركات، وفي هذه الحالة سيخسر الجميع، وان الحكمة تستدعي اجراء دراسات حقيقية لاوضاع الشركات كل على حدة والشروع في معالجة اوضاع الجيدة منها، اما الشركات التي جرفها تيار الخسائر على الجهات المسؤولة اتخاذ قرارات حاسمة للمحافظة على ما تبقى من حقوق المساهمين لاتاحة الفرص لاستعادة الثقة في الاقتصاد والشركات والبورصة في نهاية المطاف، علما بان البورصات هي المرآة الصادقة لاداء الاقتصاد والحالة النفسية لمجتمع المال والاعمال.
مطالبة جميع الاطراف بتحمل مسؤولية تسريع دوران الاقتصاد امر طبيعي ونحن نتابع ارتفاع ارباح الوحدات المصرفية ونخبة قليلة من شركات التعدين والطاقة والاتصالات، اذ من غير الطبيعي ان نجد قطاعات تحقق ارباحا متنامية، يقابل ذلك خسائر متراكمة، علما بان القطاعات الرابحة مملوكة بنسب كبيرة لغير الاردنيين وتعمل في الاقتصاد الوطني، هذا وضع يكاد يكون شاذا ويتطلب التصويب.