"أسبوع مستقبل المدن" يستعرض جاهزية المدن الرقمية والمجتمعات الذكية والابتكار الحضري
اختُتمت اليوم في دبي فعاليات "أسبوع مستقبل المدن"، الذي نظّمه متحف المستقبل بالتعاون مع بلدية دبي، بمشاركة نخبة من القادة والخبراء وصنّاع القرار من مختلف أنحاء العالم، ضمن رؤية تهدف إلى تعزيز جاهزية المدن للمستقبل عبر التكنولوجيا والتصميم الاستباقي والابتكار الحضري.
وشهدت فعاليات الحدث يومي 10 و11 نوفمبر في متحف المستقبل حضوراً واسعاً من الخبراء والمختصين والأكاديميين وممثلي الجهات الحكومية والخاصة المحلية والدولية، إلى جانب عدد كبير من أساتذة وطلاب الجامعات الإماراتية.
وقال سعادة المهندس مروان أحمد بن غليطة، مدير عام بلدية دبي: "يعكس نجاح أسبوع مستقبل المدن التزام دبي الدائم بتعزيز دورها الريادي في تطوير مفاهيم جديدة للحوكمة الحضرية وتخطيط المدن المستدامة، بما يتماشى مع الرؤى الاستراتيجية لقيادتنا الرشيدة في جعل دبي نموذجاً عالمياً للمدن الذكية التي تضع رفاه الإنسان في صميم أولوياتها. وقد شكّل الأسبوع فرصة ثمينة لتبادل الخبرات وبناء شراكات فاعلة تُسهم في صياغة حلول حضرية مبتكرة، تُواكب متطلبات المستقبل وتدعم مستهدفات التنمية الحضرية المستدامة".
وأضاف بن غليطة: "نحرص في بلدية دبي على ترجمة مخرجات هذا الحدث النوعي إلى مشاريع عملية تُعزّز جاهزية منظومتنا البلدية للتحديات المقبلة، من خلال تطوير السياسات التنبؤية، واعتماد أدوات رقمية متقدمة، وتوسيع مجالات التعاون بين القطاعين العام والخاص، بما يُسهم في ترسيخ مكانة دبي كمدينة رائدة في استشراف المستقبل وتطبيق مبادئ الحوكمة المرنة في العمل البلدي".
نموذج حضري
وبدوره قال سعادة خلفان جمعة بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل: "مستقبل المدن لن يقوم على الحلول التقليدية، بل على الابتكار الجريء لمواجهة تحديات عالمية متسارعة. رؤيتنا ترتكز على خمس أولويات استراتيجية: إعادة تعريف كفاءة الطاقة عبر شبكات ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومعالجة التفاوت الحراري من خلال مواد مبتكرة تجعل المنازل أكثر برودة واستدامة، وإعادة الارتباط بالطبيعة باستخدام تقنيات تحاكي البيئة وتعيد الإنسان إلى حالة توازن مع محيطه، ومواجهة ندرة المياه عبر حلول ذاتية التشغيل تعتمد على الطاقة المتجددة، وأخيراً حماية التنوع البيولوجي بتحويل المدن إلى حدائق حية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد”.
وأضاف: هدفنا أن تكون دبي مختبراً عالمياً لهذه التحولات، حيث تتلاقى التكنولوجيا مع الطبيعة لضمان رفاهية الإنسان واستدامة الحياة، بما يعزز مكانة دبي مركزاً عالمياً لتطوير الأفكار والتجارب التي تعيد رسم مستقبل المدن."
وتابع خلفان جمعة بلهول بالقول: "متحف المستقبل مركز عالمي لتصميم المستقبل واستشراف التحولات الكبرى التي ستعيد تشكيل المدن والمجتمعات. ويأتي هذا التعاون مع بلدية دبي في تنظيم أسبوع مستقبل المدن في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية لتحقيق رؤية دبي للمستقبل".
نتائج ملموسة
من جهته، قال ماجد المنصوري، المدير التنفيذي لمتحف المستقبل: "شكل أسبوع مستقبل المدن على مدى اليومين الماضيين منصة متميزة لتعزيز التعاون، ودفع العمل المشترك للوصول إلى نتائج ملموسة على صعيد إعادة تعريف الطريقة التي نتخيّل بها مستقبل المدن، وسيكون التركيز خلال المرحلة المقبلة في ما بعد هذا الحدث على تحويل الأفكار والشراكات التي تبلورت ضمن فعاليته إلى مشاريع ومبادرات واستراتيجيات يمكن تطبيقها على أرض الواقع، بما يُسهم في الارتقاء بجودة الحياة وحماية الكوكب وتمكن المدن من مواجهة التحديات التي يفرضها العصر الحالي".
وأضاف المنصوري: "نجح أسبوع مستقبل المدن في ترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للحوار حول مستقبل المدن الرقمية والمجتمعات الذكية، كما عكس مدى التزام متحف المستقبل وبلدية دبي بدفع الحوار العالمي حول الحوكمة والابتكار الحضري
تصميم المدن المستقبلية
وتضمّنت فعاليات "أسبوع مستقبل المدن" محاضرة حول الهندسة المعمارية قدمها المعماري الأردني سهل الحياري الفائز بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة "العمارة والتصميم"، وذلك في إطار جلسات "الملتقى المعرفي" الذي يتم تنظيمه بالتعاون بين متحف المستقبل ومبادرة "نوابغ العرب".
وشهدت المحاضرة حضوراً واسعاً من المعماريين والمصمّمين والطلبة والمهنيين الإبداعيين، الذين تفاعلوا مع أفكار الحياري حول دور العمارة في تشكيل الفضاءات العامة وإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والمكان، حيث يُعتبر الحياري أحد المعماريين العرب الأكثر تأثيراً في تيارات الحداثة المعمارية، وقد حظيت مسيرته باعتراف واسع في الأوساط الأكاديمية العالمية.
كما بحثت المحاضرة بعنوان "تأملات في العمارة: حياة لاحقة للشكل" التفاعل العميق بين الشكل والمادّة والمعنى في الممارسة المعمارية، بوصفها نتاجاً لتراكمات تاريخية ومادية وإنسانية متداخلة، حيث وضح الحياري أنّ المعنى في العمارة لا يُصاغ مُسبقاً، بل يتشكّل عبر الزمن والظرف، في حوار دائم بين الإنسان والمكان.
وأكّد الحياري أنّ التصميم المعماري، حين يُدار من منظور إنسانيّ وفكريّ عميق، يُصبح قادراً على بناء مدن نابضة بالحياة ومتّصلة بالهوية والمعرفة في آنٍ واحد. وتطرق لمفهوم "منطق الحدس الصامت" الذي يرى فيه الأساس الأصيل للعمل الإبداعي، مُؤكّداً أنّ الفكرة التصميمية تنشأ من إحساس فطريّ يسبق التحليل والنظرية، وأنّ هذا الحدس يُوجّه العملية الإبداعية ويمنحها صدقها واتزانها.
حوكمة مرنة
وركّزت فعاليات اليوم الثاني ضمن محور "المدن الرقمية وصناعة المكان ومستقبل المجتمعات" على تصميم مدن تتمحور حول الإنسان وتستفيد من التقنيات الرقمية في تعزيز جودة الحياة، وشهدت كلمات رئيسية ونقاشات موسّعة.
وعقدت جلسة تحت عنوان "غرفة محرّكات مدينة المستقبل" بمشاركة اللواء خبير علي حسن المطوّع، مساعد المدير العام لشؤون الإطفاء والإنقاذ في القيادة العامة للدفاع المدني في دبي، والمهندس عادل المرزوقي، المدير التنفيذي لمؤسسة النفايات والصرف الصحي في بلدية دبي، وأحمد عتيق عبدالله بورقيبة، المدير التنفيذي لمركز دبي للمرونة، حيث ناقش المُشاركون سُبل تعزيز الحوكمة المرنة والجاهزية المؤسسية في إدارة المدن الذكية.
وتناولت جلسة أخرى بعنوان "البلدية الاستباقية: تشكيل المستقبل عبر إشارات الاستشراف" التي شارك فيها بدر الملا، رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي في بلدية دبي، ومحمد علي، خبير استشراف المستقبل في بلدية دبي، آليات توظيف الاستشراف المستقبلي في تطوير الخدمات البلدية وتحسين جودة الحياة في المدن.
وناقشت جلسة "دور العمارة في التحوّل الحضري"، والتي أدراتها المهندسة ماي باربر المتخصصة بالاستراتيجيات الإبداعية والاستشارات، تأثير التصميم المعماري في بناء مدن مرنة وصحية، بمشاركة كريستوس باساس، مدير شركة "زها حديد" للهندسة المعمارية، والمهندس أل – سام بارك، الشريك والمعماري في "فوستر آند بارتنيرز"، وبيتر ستيفنسون، الشريك المدير في "أمنيات"، والدكتور كيفن ميتشل، الأستاذ في الجامعة الأميركية في الشارقة.
في حين شهدت جلسة "مستقبل سرد القصص الحضرية: جعل الاستدامة مرغوبة"، والتي أدارتها المهندسة المعمارية والمصممة الزينة لوتاه، بمشاركة مرجان فريدوني، الرئيس التنفيذي للموارد البشرية ورئيس التعليم والثقافة في "مدينة إكسبو دبي"، وإيلا كولومبو، الباحثة المبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي والفنانة والرئيس التنفيذي لشركة "ديوند"، والدكتورة مارتينا مازاريلو، الرئيسة العالمية لـ"مختبر سينسبل" التابع لـ"معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، حيث تم استعراض أفكار مبتكرة لتحفيز المجتمعات على تبنّي السلوكيات المستدامة من خلال التصميم والتجربة الحضرية.
أما في جلسة "مجتمعات متقنة التصميم: بناء مستقبل حضري شامل للجميع" والتي أدارها الصحفي إنزامام رشيد من مجلة "مونوكل"، فناقش خلالها كل من ماجد المنصوري، المدير التنفيذي لمتحف المستقبل، والدكتورة الأميرة ريم الهاشمي، المدير العام لـ"مدار-39"، وناتاشا كاريلا، مديرة "أسبوع دبي للتصميم"، أهمية التعاون بين القطاعات لتطوير مدن تضع الإنسان في قلب العملية التصميمية.
واختُتمت أعمال الأسبوع بكلمات ختامية وتكريم للشركاء والجهات المشاركة، تأكيداً على التزام دبي بمواصلة ترسيخ مكانتها منصةً عالمية لتصميم مستقبل المدن والمجتمعات، وتعزيز التكامل بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، بما يُسرّع تبني الحلول المبتكرة ويُرسّخ نموذجاً إماراتياً رائداً في التنمية الحضرية المستدامة.
خلفية عامة
مؤسسة دبي للمستقبل
تم إطلاق مؤسسة دبي للمستقبل بهدف أداء دور محوري في استشراف المستقبل بإمارة دبي تماشيًا مع إطلاق أجندة دبي المستقبل لتكون خارطة طريق تسترشد بها المؤسسة في استشراف مستقبل القطاعات الاستراتيجية على المدى متوسط وطويل الأجل، وذلك بالتعاون مع العديد من الجهات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص.