إصدار جديد للمعهد العربي للتخطيط: تحول البلدان النامية إلى متقدمة يستلزم تحييد تأثير المؤسسات غير الرسمية وفرض آليات عمل الدولة القوية

بيان صحفي
تاريخ النشر: 25 مارس 2012 - 06:43 GMT

المعهد العربي للتخطيط
المعهد العربي للتخطيط

أكد إصدار جديد للمعهد العربي للتخطيط أن تحول البلدان النامية إلى متقدمة، يحتاج إلى تحييد تأثير المؤسسات غير الرسمية، وفرض آليات عمل الدولة القوية، وأقناع الرأي العام من خلال الإنجازات التنموية الملموسة في مجال الكفاءة، وعدالة التوزيع.

وأصدر المعهد عدداً جديداً من سلسلة الخبراء بعنوان لماذا لم تتحول أغلب البلدان النامية إلى بلدان متقدمة تنموياً؟. ولاحظ العدد أن الاقتصاد العالمي لم يشهد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ونيل البلدان النامية استقلالها السياسي، تحول أي بلد نامٍ إلى متقدم، باستثناء حالات قليلة متجسدة بالدول المصنّعة حديثاً، ولأسباب جيوسياسية في المقام الأول، بالإضافة إلى مزايا نسبية في هذه البلدان.

وبحسب الاصدار، كثيرة هي المبررات المتداولة لتفسير هذا الفشل، اولها نظرية الاستنزاف التي يعتقد البعض بأهميتها، اذ استمرت البلدان النامية مصدرةً للمواد الأولية من دون جهود تصنيعية وتصديرية ملموسة، مع عدم تطور تكنولوجي مساهم في التحولات الهيكلية المطلوبة.

وأضاف أن آخرين يرون دوراً سلبياً للسياسات الاقتصادية المستخدمة في البلدان النامية، وما ترتب عليها من تكوين سياسة إحلال الواردات غير القائمة على أسس من الكفاءة، والمنحصرة تاريخياً في إنتاج السلع الاستهلاكية من دون اهتمام واضح بإنتاج السلع الوسيطة والاستثمارية، وبتوجه محلي وانحسار للتوجه الخارجي الصادرات، وإهمال للقطاع الزراعي وبالتالي تنامي العجز في الميزان التجاري الزراعي، والصناعي.

وأشار الاصدار إلى أن مجموعة أخرى ترى أن ثمة خللاً واضحاً في آليات المساعدات الخارجية المقترحة للبلدان النامية انطلاقاً من قناعة بأن مشكلة البلدان النامية هي مشكلة تمويل. كما أن هذه المساعدات توجهت أساساً إلى حكومات غير ديمقراطية لم تساهم في إيجاد برنامج إصلاح اقتصادي شامل، الأمر الذي ترتب عليه انتشار الفساد وسوء استخدام المساعدات الخارجية.

وأجرى العدد مقارنة ما بين تجربتي مصر واليابان في النمو والتنمية، فأشار إلى وجود أيديولوجية خفيّة لتقديس الإنتاج في اليابان، واستقلالية الإدارة الحكومية عن السياسة، وإقامة شراكة ناجحة مابين رجال الأعمال والدولة تحت مظلة ما يمكن أن يطلق عليه شركة الدولة، بالإضافة إلى سيادة نظام قيم متماسك يعمل لصالح التنمية.

ولفت الإصدار الى أن البعض يلقي باللوم على الأنظمة السياسية، وتناول مقولة أن الديمقراطية تكرّس التنمية، فأورد شواهد لا تتفق دائماً مع هذه العلاقة الطردية مابين التنمية والديمقراطية، ومنها حالات مالي، وغانا، وبوليفيا، وغيرها، التي انتهجت النهج الديمقراطي، ولاحظ تفوق الأداء الاقتصادي الصيني على الأداء الاقتصادي الهندي، رغم غياب الحكم الديمقراطي عن الأداء الأول، وتوافره في الأداء الثاني.

واستشهد الإصدار بنجاح تجربة سنغافورة والتي بدأت كدولة مستقلة في العام 1965. وعزا نجاح التجربة إلى جملة أسباب، منها: تحييد عامل الدين، والقوميّة، والاعتماد على مبدأ الكفاءة، والحفاظ على علاقات طيبة مع دول الجوار الصين وماليزيا، والتخصص في الموانئ والحاويات، واعتماد اقتصاد مختلط عام خاص وقائم على آليات التخطيط والسوق، واهتمام خاص بالتدريب المهني، ودور واضح للتمويل المحلي من خلال الادخار، ومحاربة صارمة للفساد واعتماد على الضرائب من دون القروض الخارجية، ونظام تعليمي راقٍ، إضافة الى عوامل أخرى.

وابرز الإصدار دور المؤسسات كعامل وراء فشل التحول، فاعتبر أن انتشار الروح الدستوري، وليس الدستور هو الأهم في ترسيخ دور المؤسسات، وشدد على ضرورة عدم إخضاع عمل المؤسسات الرسمية الدستور والقوانين للمؤسسات غير الرسمية العادات والتقاليد، ووجود دولة قوية التي تصدر القوانين الملائمة وتحرص على تنفيذها بدلاً من الدولة الضعيفة أو الرخوة التي لا تهتم بتفعيل القوانين وسريانها.

وأكد الإصدار أن من الصعوبة تحديد عامل وحيد وراء فشل تحول البلدان النامية إلى متقدمة، مشيراً إلى أن ثمة مجموعة من العوامل المتداخلة، ليست بالضرورة إقتصادية فقط، بل هي توليفة من الأسباب الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بالإضافة إلى الاقتصادية. وشدد على أن مفتاح الإصلاح الحقيقي يكمن في الإدارة الملائمة الواعية بأهمية هذه العوامل، والحاجة إلى تحييد تأثير المؤسسات غير الرسمية، وفرض آليات عمل الدولة القوية، وأقناع الرأي العام من خلال الإنجازات التنموية الملموسة في مجال الكفاءة، وعدالة التوزيع.

وخلص الإصدار إلى أن من المؤكد أن حل معضلة الدول النامية ليست حلاً إقتصادياً بالمقام الأول، بل أن الحل الاقتصادي تابع لمتغيرات أخرى، منها الثقافي، والاجتماعي، والسياسي، وغيرها.  ويمكن أن توصف هذه المتغيرات بوصف الشروط المسبقة للنمو والتنمية والتي في حال استمرار غيابها، قد يصعب الحديث عن مراحل تحول، وإن حصلت فإنها غير مستدامة. 

خلفية عامة

المعهد العربي للتخطيط

أنشأت الحكومات العربية بموجب اتفاقية خاصة بينها "المعهد العربي للتخطيط" مقره دولة الكويت، والمعهد مؤسسة تنموية عربية ذات شخصية مستقلة، تهدف إلى دعم جهود وإدارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، من خلال أنشطته ومهامه التي تشمل بناء وتطوير القدرات الوطنية البشرية، وتقديم الخدمات الاستشارية والدعم المؤسسي، وإعداد البحوث والدراسات العامة والمتخصصة، والندوات والمؤتمرات والأنشطة الثقافية والتوعية التنموية، وإصدار التقارير المتخصصة والنشرات والكتب المتخصصة في قضايا التنمية، والتي تستهدف جميعها الإسهام في تحسين الأداء الإنمائي، الاقتصادي والاجتماعي،  في الدول العربية. بالإضافة لذلك، تم إنشاء مركز الخدمات الاستشارية، ومركز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في إطار الهيكل التنظيمي للمعهد وذلك لما تكتسبه أهداف هذين المركزين من أهمية خاصة.ويتوفر للمعهد في مجال اختصاصه خبرة تصل إلى أربعين عاماً في مجال دعم التخطيط الإنمائي والتنمية الاقتصادية العربية مما يجعله بيت خبرة عربي مؤهل لخدمة التنمية العربية.

اشتراكات البيانات الصحفية


Signal PressWire is the world’s largest independent Middle East PR distribution service.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن