الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي يمول بحثاً رائدا لرصد نمو وصحة الأجنّة

في إطار سعيه لتطوير بيئة البحوث المحلية، وعبر برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي، قدم الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي تمويلا لفريق بحثي يعمل على تحسين مستويات رصد نمو وصحة الأجنة، باستخدام طريقة تحليل ورصد الإشارات القائمة على حركة الجنين داخل الرحم، وذلك للكشف عن أي أنماط غير اعتيادية أو انخفاض في معدل حركة الجنين، وهو الأمر الذي سيعود بفائدة كبيرة على السيدات الحوامل في دولة قطر.
يتألف فريق البحث من الدكتور بوعلام بوعشاش خبير تحليل الإشارات بكلية الهندسة في جامعة قطر، واختصاصيين من مركز كوينزلاند للأبحاث السريرية بجامعة كوينزلاند في هيرستون الأسترالية، وقسم طب النساء والتوليد في جامعة ملبورن. ويضطلعون جميعاً بمهمة إيجاد أفضل الطرق لمراقبة صحة الأجنة في طور النمو، عبر استخدام تقنيات اكتشاف الإشارات.
وقد اتبع الدكتور بوعشاش وفريق البحث منهجاً متكاملاً لتحليل الإشارات، يسمح باستخلاص معلومات أكثر عن حركة الأجنة، ويعطي إشارات أساسية عن صحتها. إذ طوّر الفريق البحثي نظام استشعار، يوضع على بطن الأم الحامل، ليقوم برصد الإشارات الناتجة عن التحركات داخل الرحم. ومن خلال تحديد طبيعة هذه الاشارات، يمكن اكتشاف أي اضطرابات في حركة الجنين. ولتفادي تتداخل حركة الأم مع حركة الجنين، يتم وضع مستشعر إضافي على ظهر الأم لقراءة الاشارات بشكل منفصل.
وعن هذا الأسلوب يقول الدكتور بوعشاش: "يمثل الوقت والتردد متغيريين أساسيين في تقنيات اكتشاف الإشارة. لذلك يختلف منهجنا عن الأساليب التقليدية بكوننا نستخدم هذين المتغيرين معاً بشكل متلازم. وهذا تطور ملحوظ، لأننا اعتدنا في الماضي أن نستخدم إما معلومات الوقت وإما التردد المخطط، ولم نستخدمهما مجتمعين. لذا فإن الأمر سيكون بمثابة محاولة تعريف شخص بالنظر إلى طوله وأيضاً وزنه وبقية العوامل الأخرى".
كما تعتمد هذه التقنية على منهج أكثر تطوراً للإشارات، يعمل على قياس تردد الإشارة وقمة ذروة ذلك التردد وترتيب هذه النقاط بحسب الوقت.
ويشير الدكتور بوعشاش إلى أن "نقاط الذروة والتردد في الإشارة تقدم بعض المعلومات، وترتيب هذه النقاط حسب الوقت يقدم معلومات إضافية"، قائلاً: "يتمثل الإبداع في عملنا في تمكين الطبيب من إدراك تعرض الطفل لنوبة مرضية عند النظر إليه، وذلك بفضل نتائج معالجة الإشارات. فقد تبين أنه عند تعرض المواليد لنوبة مرضية، يظهر نمط معين عند النظر للتردد ونقاط الذروة معاً. ولا يمكن معرفة وجود مشكلة من دون هذا النمط".
ويشرح الدكتور بوعشاش: "تشعر الأم بحوالي ثلث حركات الجنين الذي تحمله. ويمكنها عادة إكتشاف أي تغير في نمط حركته. ولكن، قد لا تشعر بعض الحوامل بهذا التغير في حركة جنينها بسبب اختلاف أنماطها بين جنين وآخر، وبين حامل وأخرى. وهذا يمكن أن يؤدي إلى وفاة بعض الأجنة داخل الرحم بعد فترة من انخفاض وتيرة الحركات. وهنا يأتي الهدف الأساسي من هذا المشروع، وهو دراسة تسجيلات حركات الأجنة، واستنتاج الحالة الصحية للجنين، ومحاولة اتخاذ قرار قبل فوات الأوان".
وتتيح التقنية الجديدة إمكانية المراقبة المستمرة للأجنة، ليتم إرسال أية أنماط إشارة غير عادية إلى الطبيب. وهو ما يمكن أن يقلل عدد الزيارات اللازمة للطبيب. كما توفر، في الوقت عينه، مراقبة أكثر فعالية لحالة الجنين الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يهتم الفريق البحثي بأنظمة مراقبة المواليد التي تعمل بنفس المبدأ، حيث تنتقل إشارات من الموجات الدماغية للمولود إلى أجهزة استشعار مثبتة في "قبعة" يرتديها الطفل بعد الولادة مباشرة. وتضم هذه الأجهزة أقطاباً تقيس النشاط الكهربائي عند فروة الرأس، وترتبط بالنشاط العصبي داخل الدماغ بشكل مباشر.
وتحمل هذه الأبحاث أهمية خاصة لدولة قطر، لأن مراقبة الأجنة والمواليد يمكن أن تحدّ من حدوث مشاكل في المستقبل، كما أنها تنطوي على مزايا تضمن الخصوصية، ما يمكن أن يشجّع المزيد من العائلات على استخدامها.
يشار إلى أن الدكتور بوعشاش وفريقه البحثي سبق أن نشروا هذه النتائج على نطاق واسع، ويعكفون حالياً على اختبار أنظمة المراقبة في أستراليا، بهدف اختبارها في القريب العاجل في دولة قطر.
وجدير بالذكر أن الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي قد موّل هذا المشروع عبر برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي، وذلك في إطار هدفه لتطوير بيئة البحث العلمي المحلية ودعم الأبحاث المفيدة لدولة قطر والمنطقة والعالم بشكل أجمع.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.