باحثو وايل كورنيل يدرسون فاعلية دواء ملاريا في تعزيز أداء أدوية جديدة للسرطان
اكتشف باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر أن أحد أدوية الملاريا الحالية يمكنه أن يعزز فاعلية فئة ناشئة من أدوية السرطان تُعرف باسم مثبطات إنزيم جلوتامينيز، في حال استخدامهما معاً.
وقاد الدراسة البحثية كلّ من الدكتورة آنا هلاما والدكتور كارستن زوري من وايل كورنيل للطب - قطر، وتم خلالها تحليل العمليات الأيضية للخلايا السرطانية للتثبّت من أن دواء الملاريا المعروف باسم كلوروكين، والقائم على مادة "كوينين"، يمكن أن يعزز فاعلية الأدوية المثبطة لإنزيم جلوتامينيز، والأدوية المذكورة قيد التطوير حالياً من جانب عدد من الشركات الدوائية العالمية.
تستهدف مثبطات إنزيم جلوتامينيز عملية كيميائية تُعرف باسم تحلّل الجلوتامين، أي تحلّل الحمض الأميني جلوتامين، ما يتسبب في إطلاق طاقة تعتمد عليها الخلايا السرطانية في نموها. وتعمل مثبطات إنزيم جلوتامينيز على تعطيل هذه العملية، ما يحرم الخلايا السرطانية من مصدر الطاقة ومن ثم إبطاء نموها وربما إيقافه تماماً. غير أن بعض الخلايا السرطانية يمكنها تفعيل طرق بديلة لتوليد الطاقة لتنجو من تأثير مثل هذا الدواء، وهنا اعتمد الباحثون نهجاً بحثياً جديداً يُعرف باسم "الهندسة الأيضية السديدة".
وشرحت الدكتورة هلاما، الباحثة المشاركة في الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية في وايل كورنيل للطب - قطر ذلك قائلة: "نقوم بتعريض الخلايا السرطانية النامية في المختبر لجرعات مختلفة من دواء السرطان، ثم نقيس التغيرات الطارئة في الغالبية العظمى من الجزيئات الصغيرة الموجودة في الخلايا باستخدام التقنية الاستقلابية. وبعدئذ نحدّد، بالاستعانة بأساليب حوسبة معقدة، الجزيئات التي تستخدمها الخلايا السرطانية لتنجو بنفسها من تأثير العقار، ثم نتصور الطرق المتاحة لسدّ مسار فرار تلك الخلايا السرطانية".
وتابعت قائلة: "وفي أول تطبيق للنهج الجديد لمثبطات إنزيم جلوتامينيز، تركّز بحثنا على مسارين محدّدين للطاقة تستخدمهما الخلايا السرطانية، هما: تقويض الدهنيات أي تفتّت الدهون، والتهام الذات أي عندما تستمد الخلايا الطاقة من خلال انحلال أجزاء من بنيتها الذاتية. ومسارا الطاقة المذكوران كلاهما، كما تبيّن لنا، يتسارعان عند كبت مسار تحلّل الجلوتامين بالاستعانة بالأدوية ما يمكّن الخلايا السرطانية من أن تنجو من تأثير تلك الأدوية. ومن المعروف أن عقار الملاريا كلوروكين يعوق بعض آليات توليد الطاقة المشار إليها، ما جعلنا نفترض أن إعطاء كلوروكين بالاقتران بالعقاقير المثبطة لإنزيم جلوتامينيز يمكن أن يعزز كبت الخلايا السرطانية، وبالفعل تبيّن لنا أن هذا الافتراض في محله".
وقال الدكتور كارستن زوري، أستاذ الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية ومدير مختبر المعلومات الحيوية في وايل كورنيل للطب - قطر وأحد أبرز خبراء علوم الاستقلابيات في العالم: "من أجمل ما تتسم به اللمحة التوصيفية الاستقلابية أنها تمكّننا من معرفة استقلاب الخلية في مواقف مختلفة وبتفاصيل مستفيضة. وبهذه الطريقة يمكننا أن نحصل على معرفة متعمقة عن تأثير عقار ما في استقلاب الخلايا السرطانية، وهو ما يساعدنا في فهم آلية المرض وتحديد أهداف العقاقير الجديدة المحتملة".
نُشرت الورقة البحثية في الدورية الطبية العالمية المرموقة Cancer Letters، ويمكن أن تكون لها مضامين إكلينيكية مهمة، فدواء الملاريا كلوروكين المتوافر حالياً نال اعتماد هيئة الغذاء والدواء الأميركية منذ أعوام عدّة، ما يوفر للأطباء والباحثين وسيلة بسيطة نسبياً لتحسين المحصلة العلاجية لمرضى السرطان الخاضعين لمثبطات إنزيم جلوتامينيز كجزء من علاجهم.
وفي هذا السياق، قالت هلاما: "للنهج المدمج المستخدم في هذه الدراسة أهمية فريدة في ما يتعلق بالاستراتيجيات العلاجية المستقبلية لمرضى السرطان، ويمكن تعميمه بسهولة على أدوية أخرى. وتتمثّل الخطوة المهمة التالية في اختبار فاعلية دواء كلوروكين مع مثبطات تحلُّل إنزيم جلوتامينيز في تجربة إكلينيكية".
وقال الدكتور خالد مشاقة، العميد المشارك للبحوث في وايل كورنيل للطب - قطر: "يدمج هذا النوع من البحوث بين أبعاد الدراسة العميقة للأنماط الظاهرية للعلوم البيولوجية المتعلقة بالجينوميات والبروتيوميات وغيرها في إطار حالات مرضية معينة، ويحدّد تدخلات علاجية ابتكارية يمكن أن تكون فعالة، وهو ما ينطبق في هذه الحالة على السرطان. والتمويل المقدّم من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي لمثل هذه البحوث يسهم إسهاماً راسخاً في إثراء المعرفة العلمية الأساسية وتطوير أدوات علاجية ابتكارية محتملة لمنفعة قطر والعالم أجمع".
نالت هذه الدراسة دعماً كاملاً من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي من خلال المنحة رقم NPRP8-061-3-011. ويمكن الاطلاع عليها باتباع الوصلة التالية:
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.