كلية طب وايل كورنيل في قطر: دور الجزء الجبهي للدماغ في نزعة المراهقين للمجازفة

ناقشت أحدث محاضرة من سلسلة المحاضرات المتخصصة التي ينظمها قسم التعليم الطبي المستمر في وايل كورنيل للطب – قطر، دور الجزء الجبهي للدماغ في ميل المراهقين للمجازفة. وشرح المحاضر الدكتور عمر مندوزا محمود، أستاذ علم النفس المساعد في الطب النفسي الإكلينيكي في وايل كورنيل للطب - قطر، كيف أن الإنسان ينفرد عن بقية المخلوقات ببنية وحجم دماغه.

وقال الدكتور محمود: "لعلّ من أهم السمات المميزة للفسيولوجيا البشرية ذلك التجويف الكبير فوق الحاجبين الذي يضمّ الجزء الكبير من قشرة الدماغ والمعروف بالجزء الجبهي. وليس من كائن آخر له مثل هذه المساحة الكبيرة المخصصة. والسؤال هو: كيف يؤثر الجزء الجبهي في سلوكياتنا؟" 

واستشهد الدكتور محمود، وهو أيضاً أخصائي علم النفس العصبي الإكلينيكي في مركز سدرة للطب، بحالة حظيت بدراسة علمية مستفيضة تُعرف بحالة فينس غيج، وهو عامل سكة حديد اخترق قضيب حديد ضخم جمجمته إثر انفجار في ولاية فيرمونت الأميركية في عام 1848. وأتلفت تلك الحادثة بشكل كامل جانباً واسعاً من الجزء الجبهي لدماغه، ورغم نجاته بأعجوبة وبقائه على قيد الحياة إلا أن شخصيته تغيّرت تغيراً جذرياً. فبعد أن عُرف بمثابرته وذكائه وشخصيته الملهمة واهتمامه بعمله، بات بعد تلك الحادثة مندفعاً ووقحاً تنتابه نوبات غضب ويتخذ قرارات مالية ومهنية بائسة.

وفي هذا السياق، قال الدكتور محمود: "ذهب كثيرون في نظرياتهم إلى أن وظائف الجزء الجبهي لدى فينس غيج قد تلفت أو تعطّلت، ما جعله غير قادر على القيام بما اعتاد عليه أو أن يكون كما كان. وببساطة، هو لم يعد الشخص نفسه. والأمر المثير للاهتمام هنا أن الإنسان يمكنه أن يظل على قيد الحياة دون الجزء الجبهي للدماغ والإنسان ليس بحاجة إليه فعلياً كطبيعة بشرية جوهرية، غير أنه في حال تلفه فإنه يعوّق ويعطّل الكثير من قدراتنا، من بينها قدرتنا على التحكم في سلوكنا واتخاذ قرارات سليمة والتصرف بطريقة واعية وغير اندفاعية".

وأوضح محمود أن الأجزاء الجبهية في أدمغة المراهقين تكون غير مكتملة بعدُ، ما جعل الباحثين يعقدون مقارنة بين سلوك فينس غيج ونزعة المراهقين للسلوكيات الاندفاعية المحفوفة بالمخاطر دون التفكير في عواقبها أو تبعاتها. وقال: "قد يتساءل البعض: لماذا تنتشر السلوكيات الاندفاعية المحفوفة بالمخاطر في أواخر سن المراهقة وأوائل سن العشرينات؟ أدمغة هذه الفئة العمرية في حالة تطور مستمر، وفي السياقات الثقافية للعالم المتقدّم في العصر الحديث قد تستمر هذه العملية لفترة طويلة، تقريباً من سن 18 إلى 28 عاماً، وتُعرف هذه الفترة باسم مرحلة البلوغ الناشئة".

وشرح محمود كيف أن صغار الراشدين أو البالغين يكتسبون تباعاً الخبرات والمسؤوليات، وفي موازاة ذلك تتطور الأجزاء الجبهية لأدمغتهم وتصير أكثر ترابطاً بأجزاء أدمغتهم الأخرى، وبذلك تتحسن قدرتهم على الاستجابة بطريقة عقلانية للمواقف المختلفة، ويصير من المرجح أكثر فأكثر أن يفكروا في عواقب أفعالهم وأن يتجنبوا الأفعال المحفوفة بالمخاطر. 

نالت المحاضرة الاعتمادَين اللازمين من إدارة الاعتماد في المجلس القطري للتخصصات الصحية في قطر ومجلس اعتماد التعليم الطبي المستمر في الولايات المتحدة.