بعد عقدين من تأسيسها.. مؤسسة قطر ترسي دعائم التعليم والبحوث لبناء المجتمع

"إن إنشاء مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع جاء لقناعة ولإيمان بضرورة مواكبة خطط التحديث التربوي، التي أضحت تتخذ بُعداً عالمياً وكونياً، كما أنه تقدير لدور المبادرات الخاصة في تحفيز الإنماء والمنافسة البناءة. وقد ازدادت قناعاتنا رسوخاً بضرورة تعزيز هذا التوجه حتى نكون شركاء فاعلين في ما أضحى يعرف بالنظام التربوي العالمي الجديد، وهو نظام يقتضي ألا يُهتم فقط بمتطلبات السوق، وإنما يعترف بأن التعليم حق للجميع، ومن ثم تمكين طلبة العلم، حيثما كانوا، من أدوات الإبداع والابتكار واكتساب المعرفة والخبرة وممارسة المسؤولية." بهذه الكلمات، أعلن صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الأمير الوالد، عن تدشين المدينة التعليمية عام 2003، التي انبثقت من فكرة- حُلم طالما راود سموّه، وأفصح عنه لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، فقاما معاً بوضع تصوّر لمستقبل التنمية في البلاد يرمي إلى منح المواطنين القطريين المزيد من الخيارات في مجالات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية على نطاق أوسع من ذي قبل، ليبدءا سوياً في تنفيذ التصوّر وتحقيق الحلم. وفي أغسطس من عام 1995، وضع صاحبا السمو حجر الأساس لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع في الدوحة.
وتقول صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، إن إنشاء مؤسسة قطر "كان علاجاً عاجلاً لمشكلة إستشعرتها أنا كأم أرادت أن توفر لأبنائها تعليماً نوعياً متميزاً، ذا قاعدة متجذرة في إرث عريق، وأفرع ممتدة في كل الإتجاهات، ينهل من ينابيع المعرفة شرقاً كانت أم غرباً وما أن بدأتُ التفكيرَ بذلك وشرعتُ ببعض الإجراءات وجدتُ أن الأمرَ قضيةٌ اجتماعية عامة تقتضي حلولاً شاملة". وتضيف سموّها خلال حفل تكريم الاعضاء السابقين لمجلس ادارة مؤسسة قطر، "من هناك عملتُ، بصفتي حرم سمو ولي العهد انذاك، وأماً لكل الأبناء في قطر، بما سعيتُ به لأبنائي".
ومنذ عام 1995 وحتى اليوم، أزهرت هذه الجهود عدداً هائلاً من الإنجازات التي صبت في خدمة المواطن القطري، وسعت إلى إطلاق قدرات الشباب، لإنشاء جيل قطري متمكن وقادر على المساهمة في دعم مسيرة نمو الدولة وتحقيق رخائها.
فمع بداية عام 2015، تحتفي مؤسسة قطر بإنتهاء عقدين من النجاح، وتتهيأ لبدء فصل جديد في مسيرتها بعزم وإصرار للمساهمة في بناء مجتمع قوي ومزدهر، واقتصاد فاعل ومؤثر، وبيئة مستدامة من أجل رفاهية وخير شعب قطر، وتحقيقاً لرؤية قطر الوطنية 2030.
دورة التعليم والبحوث لبناء المجتمع
كانت البذرة الأولى التي غرستها مؤسسة قطر، عام 1995، هي "أكاديمية قطر"، التي مثلت اللُبنة الأولى في منظومة تعليمية متكاملة، تتيح فرصاً من الطراز العالمي بمجالي التعليم والابتكار في البحوث والتطوير. إذ أرست مؤسسة قطر قواعد بيئة تعليمية فريدة ومتكاملة ينبثق عنها طيف واسع من المبادرات التعليمية الشاملة. ينخرط طلاب المؤسسة منذ نعومة أظفارهم، وهم لا يزالون في منتصف العام الأول من عمرهم، في تجربة تعليمية تهدف إلى بناء ملكات الإبداع والابتكار، وتوجّه جلّ اهتمامها إلى تنمية المهارات البحثية لديهم وإعدادهم لمراحل تعليمية تالية يحلّقون فيها إلى آفاق أرحب يضطلعون فيها بقيادة مستقبل دولة قطر. وينطلق الطلاب في هذه الرحلة المشرقة عبر التدرّج في مراحل تعليمية تبدأ من المدارس الابتدائية وتنتهي في واحدة من الجامعات الشريكة الرائدة التي تضرب جميعها أروع مثال للتميز والريادة.
فقد استطاعت المؤسسة، من خلال بناء مجموعة من الشراكات التعاونية مع كوكبة من الجامعات العالمية الرائدة من مختلف أنحاء العالم، أن تبني نموذجًا ديناميكيًا مبتكرًا يضمّ تحت مظلته نخبة من الجامعات العالمية التي توفر لأبنائنا تجربة تعليمية تضاهي نظيراتها على المستوى العالمي. ومن رحاب هذا النموذج التعليمي الفريد، انطلقت على أرض دولة قطر جامعة حمد بن خليفة وهي مؤسسة تعليمية تركّز على البحوث التي تتناول الأولويات الوطنية وأُوكل إليها مهمة تقديم درجات عليا تلبّي احتياجات دولة قطر. تثمر هذه المبادرات وغيرها مسارات تعليمية مشرقة يمضي عليها الطلاب لتحقيق طموحاتهم والإسهام في بناء مجتمعاتهم، وامتلاك القدرات التنافسية.
ويعدّ التعليم الخطوة الأولى في تمكين الشعوب ورسم معالم المستقبل، ويؤكّد الاهتمام المتواصل والتركيز الكبير على العلوم والبحوث حقيقة أنّ الطلاب مؤهّلون منذ الصغر ليصبحوا باحثين في المجالات التي تضعها دولة قطر على رأس أولوياتها.
كذلك، تقدم المعاهد البحثية التي أنشأتها المؤسسة دورة متكاملة، تبدأ من تشجيع الطلاب على إجراء البحوث حول أفكارهم وتطويرها. بعدها، تقدم لهم مؤسسة قطر الدعم العملي، من خلال الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، الذي يؤمن لهم البنية التحتية والمعونة الماليّة إلى جانب الإرشاد من قبل الخبراء، بهدف الوصول إلى تطوير مشاريع مجدية تجاريًّا، من شأنها أن تسهم في الاقتصاد الجديد القائم على المعرفة. وفي المرحلة الأخيرة من هذه الدورة، تتولى واحة العلوم والتكنولوجيا في قطر إدارة عملية التسويق التجاري، لتتحول الفكرة التي نشأت من أبحاث معمقة إلى نموذج عملي يحظى ببراءة اختراع، من ثم يخضع للتسويق التجاريّ حتى تستفيد منه دولة قطر، والبشرية جمعاء.
وقد ارتسمت هذه الدورة المتكاملة من التعليم والبحوث والاستفادة التجارية منها لتدعم دولة قطر في مسيرتها نحو تحقيق أهداف رؤيتها الوطنية. إذ تشمل البحوث في مؤسسة قطر طيفًا واسعًا من المجالات ذات الأولوية لدولة قطر مثل الطاقة والبيئة والحوسبة وبحوث الطب الحيوي والأوعية الدموية والقلب، وتتضافر جميعها لتحقيق طفرات بحثية تقطف ثمارها دولة قطر والمنطقة والعالم أجمع.
وبينما تتناول ركائز التعليم والعلوم والبحوث في مؤسسة قطر الأولويات الوطنية الملحة والعاجلة، فإنها، في الوقت نفسه، تمهّد لبناء مجتمعات متماسكة تقوم على أساس متين. إذ تولي جميع مبادرات مؤسسة قطر اهتمامًا فائقًا بتنمية المجتمع، وينعكس ذلك بوضوح في شتّى المبادرات التي تطلقها في مجالات الفنون والتراث والأدب والصحة وتنمية الأسرة وبحوث السياسيات والاستدامة، وقد أثمرت هذه المبادرات فوائد جمّة عمّ نفعها دولة قطر والمنطقة والعالم بأسره. كما تدعم مؤسسة قطر نمو مجتمع ديناميكي تقدّمي يقدّم سبل الرعاية للجميع، ويعزّز المواطنة النشطة ولا يغفل تراثه الثقافي في الوقت الذي يدعم فيه بناء الاقتصاد المعرفي ونموّه.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.