متطوعو روتا يبرزون قيمة العمل التطوعي في قطر

يُعتبر العمل التطوعي وخدمة المجتمع رافداً من روافد التقدّم الحضاري في المجتمعات المتطورة، حيث تكثر المبادرات الخيرية وأعمال البرّ، والتي يقوم بها أفراد وجمعيات من شتى مشارب الحياة. ولا شك بأن المال والوقت هما من أعز ما يملك أي إنسان، ومن هنا، فإن قيامه بالتبرع بأي منهما إنما يعكس تحضره وإنسانيته، وهو أمر أدركه الدين الإسلامي الحنيف منذ بداياته الأولى، حيث يقول الله عز وجلّ في قرآنه الكريم: (وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً).
وتعتبر مؤسسة أيادي الخير نحو آسيا "روتا"، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، إحدى أهم المنظمات العاملة في مجال العمل الخيري في قطر. وتركز "روتا" جهودها بشكل خاص على التعليم، كونه الوسيلة الأنجع في مساعدة الفئات المهمشة والفقيرة، في قطر وحول العالم، على تخطي الحواجز، وإطلاق قدراتها، وبالتالي تحقيق طموحاتها في حياة منتجة وكريمة. ولكن جهود روتا لا تقتصر على التعليم وحده، إنما تتخطاه لتوفير الدعم للفقراء والعمال وغيرهم، في قطر، وخارجها.
وخلال شهر رمضان الكريم، نظمت روتا باقة من الفعاليات الخيرية داخل دولة قطر، التي توجهت بشكل خاص إلى الأسر المتعففة، والعمال، وذوي الاحتياجات الخاصة، لمساعدتهم، ومشاركتهم بهجة رمضان المبارك، ورسم البسمة على شفاههم في شهر الرحمة والمغفرة.
ويصف السيد أحمد اللنجاوي، أحد متطوعي روتا، يومه في خدمة المجتمع خلال حملات رمضان، قائلاً: "لقد أثرت بي حملات توزيع المواد الغذائية إلى أقصى حدّ.. فقد عملت بحماس مع حوالي 30 متطوعاً لتعبئة المواد الغذائية في العلب الكرتونية. وخلال شهر رمضان المبارك، كان عملي يبدأ في الساعة الخامسة مساء ويستمر لغاية العاشرة".
ويستطرد أحمد قائلاً: "شملت إحدى الفعاليات العمال في منطقة الشمال، مما تطلّب من المتطوعين التجمع في الباص حوالي الساعة الرابعة عصراً، ومن ثم التوجه هنالك لترتيب الطاولات، وتحضير وجبة الإفطار، وتبادل أطراف الحديث مع العمال، قبيل تناول الطعام معهم. وبعد ذلك، كنا نلعب كرة القدم أو الكرة الطائرة سوياً. ونحن نقدر عالياً جهود هؤلاء العمال البسطاء الذين ساهموا في تطور وطننا بشكل كبير".
تعتمد "روتا" في تحقيق رسالتها بشكل خاص على نخبة من المتطوعين، يمثلون كافة شرائح المجتمع القطري، ويتشاركون هدفاً واحداً، ألا وهو تحسين ظروف حياة الأشخاص الذين قهرتهم النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية، لتمكينهم، والسماح لهم بالمساهمة الإيجابية في مجتمعاتهم.
وتزداد أهمية العمل التطوعي والخيري في بلداننا العربية التي لا تزال في طور التنمية، وذلك على اختلاف مستوى المعيشة والدخل فيها. إذ أن التضامن الاجتماعي يساعد في سد الفجوة ما بين القدرات المحدودة واحتياجات المجتمع المتزايدة، وهي فجوة لا تزال واسعة في العديد من الدول العربية غير النفطية.
ويساهم العمل التطوعي، من خلال تضافر جهود المؤسسات والأفراد، في مساعدة الشرائح الأقل حظاً، وتحسين ظروفها الحياتية، سواء على مستوى السكن والمأكل والملبس، أو عبر إتاحة إمكانية الوصول للتعليم والطبابة.
كما أن في العمل التطوعي منافع عديدة للمتطوع نفسه، كونه يسمح له بتطوير شخصيته، وصقل مهاراته الحياتية، وبناء شبكة واسعة من العلاقات الشخصية، مما يساعد إلى حد كبير في تحفيز مسيرته المهنية، وتبوئه لأعلى المناصب. وبالإضافة لذلك، فإن التطوع وخدمة المجتمع تلبي الجانب الروحاني والديني في حياة المتطوع، كون الدين الإسلامي الحنيف يحضّ بقوة على الإحسان وعمل الخير.
وحول أهمية العمل التطوعي، يعلّق المتطوع حمد سعد أبو جبارة قائلاً: "تكمن أهمية التطوع في إنشاء جيل من الشباب قادر على العطاء والتضحية في سبيل عمل الخير. ونحن نعمل بشغف وإصرار لتوحيد طاقاتنا ومشاركة أفكارنا حتى نكون جيلاً واعداً يفخر به وطننا".
وعن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المتطوع، يقول حمد: "هو شخص يتسّم بروح المبادرة، ويحب التعرف على الناس، ويرغب في إعطاء الفرصة للآخرين حتى يتمكنوا من التطور وتحسين ظروفهم الحياتية".
ويرى حمد أن العمل التطوعي يوفر عوائد كثيرة للمتطوع نفسه، حيث يلحظ "أنه عامل محفز للتنمية الشخصية والمهنية، التي تتحقق من خلال الاستفادة من والتعرف على تجارب الناس المختلفة. كما أن التطوع هو ذكرى لا تنسى مستقبلاً، كون قيام الفرد بمساعدة الآخرين، وعطفه ورقيه، إنما هي مآثر ترسخ في الأذهان، وتترك أطيب الأثر في النفوس".
وعن نشاطه التطوعي أثناء الشهر الفضيل، يقول حمد: "يبدأ يومي أثناء شهر رمضان بعد صلاة العصر، حيث أقوم بالذهاب إلى مسجد مشيرب لتسجيل المتطوعين. وبعد توجيه المتطوعين للقيام بأعمالهم اليومية، أقوم بالإشراف على تسجيل الصلاة عبر الفيديو وتحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي".
ومن جهته، يضيف السيد أحمد اللنجاوي: "من الضروري أن تقدّم خدماتك إلى المجتمع، فهو عمل سام من شأنه أن يذكّرك ويذكّر من حولك بأننا جميعاً بشر، نحتاج دائماً إلى بعضنا بعضاً".
وحول أهمية العمل التطوعي في شهر رمضان المبارك، يقول أحمد: "كمسلم في شهر رمضان الكريم، فإنني أرغب أن أتقرب من الله عز وجل، والوسائل كثيرة بالطبع، إلا أن مساعدة المحتاجين تشعرني بسعادة غامرة. وأنت كمتطوع ستنسى كل تعبك عندما تلحظ سعادة الآخرين، وهذه المكافأة التي أتطلع إليها".
ويعدّد أحمد الصفات التي ينبغي أن يتمتع بها المتطوع قائلاً: "يجب أن تكون بكل بساطة إنساناً.. كما يتوجب عليك أن تتحلى بالالتزام والقدرة على تحقيق الأهداف التي تم تحديدها لك، والتي تتلخص في إحداث فارق في حياة الآخرين".
تسعى دولة قطر بإصرار إلى بناء مجتمع تقدمي منفتح على المنطقة والعالم، وهي تدرك تمام الإدراك أن التنمية المجتمعية في القرية الكونية التي نعيش بها إنما تتطلب البذل والعطاء، ليس في قطر وحدها، بل أينما تدعو الحاجة. ولا شك بأن متطوعين على غرار أحمد اللنجاوي وحمد سعد أبو جبارة يمثلان نموذجاً تهدف الدولة إلى تعميمه، لتحقيق رؤية قطر الوطنية، ومد يد العون والخير إلى المجتمعات المثقلة بهموم النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية. فأن تكون إنساناً يعني أن تشعر بإنسانية من حولك، وطوبى لمن استطاع أن يرسم البسمة على شفاه كل محروم.
للتطوع أو التعرف على أنشطة روتا، الرجاء زيارة الموقع: www.reachouttoasia.org.
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.