في منطقة الشرق الأوسط التي أوجعها الاحتراق والنزاعات وأثقلتها ويلات الحروب، يزداد الوضع الإنساني كارثية يوماً بعد يوماً مع ملايين اللاجئين الذين فقدوا أمنهم، ومنازلهم، وموارد رزقهم، ودخلوا عالم الشتات والتيه.
فبعد أن كان الفلسطينيون هم الحالة الخاصة من اللجوء في المنطقة، أصبح العراقيون والسوريون جزءاً من المأساة التي لا تنفك تتزايد من اشتداد سطوة النزاعات والعنف في بلادهم. ولعل الأزمة السورية الآن، هي الأكثر إلحاحاً مع دخول الأزمة في سوريا سنة أخرى من العنف الدموي اليوم. فقدصرحت خمسة من منظمات الإغاثة العالمية الرائدة بأن الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات قد دمر حياة الملايين من الأطفال والشباب، فيما يُخشى من ضياع جيل كامل.
كما حذرت وكالات الإغاثة من دوّامة العنف والنزوح التي لا تتسع، ومن وتدهور الوضع الصحي والانقطاع عن التعليم والآثار النفسية بالغة الخطورة على ملايين الأطفال.
حتى أن المدير التنفيذي لليونيسف، انتوني ليك، صرح خلال إحدى زياراته لمخيمات اللاجئين: "لمدة ثلاث سنوات مروعة عاش الملايين من الأطفال الأبرياء طفولة لا يجب أن يعيشها أحد. لا يمكن لأطفال سوريا مواجهة عام آخر من هذا الرعب. العنف والقسوة التي شوهت حياتهم لمدة ثلاثة سنوات طويلة يجب أن تنتهي".
هنالك أكثر من مليونين ونصف مليون مواطن سوري (434,563,2) مسجلين أو في انتظار مواعيد تسجيلهم كلاجئين في البلدان المجاورة. ومع وصول النزوح داخل سوريا إلى أكثر من 6.5 ملايين شخص، تجاوز العدد الإجمالي للأشخاص النازحين عن منازلهم سواء داخل سوريا أو خارجها نسبة 40% من عدد السكان قبل اندلاع الصراع. ولا بد من الإشارة إلى أن ما لا يقل عن نصف هؤلاء النازحين هم من الأطفال.
في ظلّ غياب أي تقدم ملموس نحو إيجاد حل سياسي، تتوقع المفوضية ارتفاع عدد اللاجئين في المنطقة ليصبح أكبر عدد من اللاجئين في العالم.
ففي لبنان وحده، بات عدد اللاجئين السوريين المسجلين يناهز المليون وهو قد يرتفع إلى 1.6 مليون نسمة في نهاية العام 2014 في حال استمرار الأحوال على ما هي عليه. يسجّل لبنان حالياً أعلى نسبة كثافة للاجئين في العالم في التاريخ الحديث مقارنة بعدد السكان، مع وجود حوالي 230 لاجئ سوري مسجل مقابل كل 1000 لبناني؛ أي أكثر بـ 70 ضعف من عدد اللاجئين مقارنة بعدد السكان في فرنسا وبـ 280 ضعف من عدد اللاجئين نسبة لعدد السكان في الولايات المتحدة. فعدد اللاجئين السوريين المسجلين والمقيمين حالياً في لبنان سوف يعادل نحو 19 مليون لاجئ لو كانوا في ألمانيا وأكثر من 73 مليون لو كانوا في الولايات المتحدة.
وترزح المملكة الأردنية الهاشمية بدورها تحت وطأة وجود اللاجئين، وتقدّر التكاليف المتصلة بهم بما يزيد عن 1.7 مليار دولار أميركي حتى هذا التاريخ. ففي هذا البلد الفقير بموارده، تقوم الحكومة بإنفاق مئات الملايين على شكل إعانات إضافية لضمان حصول اللاجئين على المياه والخبز والغاز والكهرباء بأسعار معقولة. وقد أدى الارتفاع الكبير في الطلب على الرعاية الصحية إلى نقص في الأدوية كما يُسجّل نقص في كميات المياه الصالحة للشرب المتاحة للأردنيين واللاجئين، خاصة في شمال الأردن.
ولا يمكن تجاهل اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، الذي يعانون ويلات النزاع السوري أكثر من غيرهم، حيث أن فرص لجوئهم إلى البلاد المجاورة نجاة بحياتهم أكثر صعوبة وتعقيداً على جميع الأصعدة، مما يجعل وضعهم الإنساني بالغ الخطورة والمأساوية.
نرصد لكم اليوم بهذا العرض التصويري، حالات اللجوء وإشكالاته وبعضاً من أوجاعه وتعقيداته، مع دخول النزاع السورية سنته الرابعة.
إقرأ أيضاً:
مقاطعة البضائع الإسرائيلية.. مقاومة سلمية لاحتلال يسحق البشر
في يوم الكتاب العالمي.. كُتباً مميزة رصدت الشرق الأوسط