تتوافر لدى نظام الرئيس السوري بشار الأسد مجموعة من الخيارات والأسلحة في التعامل مع الأزمة المستمرة في سورية، والتي تكاد تكمل عامها الثالث. ويأتي حصار المدنيين وتجويعهم، بكل ما في ذلك من قسوة ولا إنسانية، ليكون واحداً من ضمن التكتيكات التي يتبعها النظام، الذي يصفه كثير من السوريين بانه بالغ القسوة. ولعل أحدث الامثلة في هذا السياق حصار القوات الحكومية حيّ المعضمية الواقع في نطاق العاصمة دمشق، وعزله عن العالم الخارجي لما يقارب العام.
ويروي شهود من أبناء الحي وخارجه حكايات ووقائع مروعة عن معاناة أهالي المعضمية من النقص المميت في الإمدادات الغذائية، والذي وصل حد الموت جوعاً، إضافة إلى انقطاع الكهرباء، حيث قال ناشطون إن معاناة اهالي الحي ليست أمراً عابراً أو طارئاً، وانما هو اسلوب تعامل يومي تطبقه قوات النظام لتركيع المدنيين وضمان ولائهم، وتكتيك يستخدمه نظام الأسد ضمن الأساليب العسكرية في قتال المعارضين. وتأكيداً لصحة هذا المعنى يقول أحد قيادات الأمن السوري: «إن هذه حملة تجويع لإخضاع المعارضين». ويقول الاهالي إن الناس المحاصرين يعيشون على الزيتون وأوراق الأشجار، وإن 11 طفلاً قد توفوا نتيجة نقص الغذاء في الاسابيع القليلة الاخيرة، وإن هناك آلاف المدنيين داخل الحي حتى الآن، حتى بعد السماح للكثيرين بمغادرة المعضمية. كما تتزايد المخاوف من تفشّي الأمراض المعدية بين سكان الحي بسبب الجوع ونقص الخدمات الصحية والأدوية. ولم تتوقف معاناة أهالي المعضمية عند الحصار والجوع، بل كانوا هدفاً لهجوم كيمياوي في 21 من أغسطس الماضي، ما أثار حملة غضب غربية ضد نظام الأسد. ويضيف شهود أن عبارات مؤيدة للنظام تنتشر بكثرة على جدران المنازل والمباني في الحي، مثل «إما أن تركعوا للأسد أو تموتوا جوعاً» في إشارة إلى أن النظام يلجأ إلى أسلوب التجويع لفرض إرادته على المدنيين. ودفعت الأوضاع المعيشية المأساوية في صعوبتها، داخل المعضمية، علماء الدين إلى الافتاء بإمكانية أن يأكل المحاصرون القطط والكلاب والحمير للبقاء على قيد الحياة، وقد طالب أهالي المعضمية، أكثر من مرة، الجهات والمنظمات الدولية الضغط لاخراجهم والسماح لهم بالمغادرة، ليتمكنوا من الحصول على الماء والطعام، حيث خففت قوات النظام حصارها للحي، ما مكّن الآلاف من النساء والاطفال من الخروج بشكل جماعي.
وفي الفترة الاخيرة أكدت منظمة الصحة العالمية ظهور مرض شلل الأطفال شمال شرق سورية، وحذرت المنظمة من مخاطر انتشار المرض في مختلف مناطق البلاد، حيث أدى الاقتتال والفلتان الأمني إلى انخفاض معدل التطعيم ضد المرض.