الحكومة السودانية تتعهد بمقاومة "الانقلاب" وتظاهرات حاشدة في الخرطوم

تاريخ النشر: 25 أكتوبر 2021 - 09:10 GMT
عبد الفتاح البرهان
عبد الفتاح البرهان

تعهدت الحكومة السودانية بمقاومة أي محاولة للانقلاب غداة حملة اعتقالات شنها الجيش الاثنين، وطالت رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وعددا من الوزراء ومسؤولين كبارا، فيما شهدت الخرطوم تظاهرات حاشدة تنديدا بما اعتبرته "انقلابا عسكريا".

وحذرت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي في تصريحات لقناة العربية الاثنين، من أن "محاولة فرض الإرادة بالقوة العسكرية مصيرها الفشل التام"، مؤكدة أن "أي انقلاب مرفوض وسنقاومه بكافة الوسائل المدنية".

وقالت المهدي ان "الشراكة بين المدنيين والعسكريين إحدى أسس نجاح المرحلة الانتقالية"، لافتة إلى أنها "تتحدث بصفتها قيادية في حزب الأمة السوداني، وأنها بمنزلها ولا تستبعد تعرضها للاعتقال".

وشددت مريم الصادق المهدي على أنه "يمكن التوصل لحل جذري للاحتقان السياسي في السودان عبر الحوار"، موضحة أن "الولايات المتحدة قامت بجهود موضوعية ووساطة غير مباشرة للحل"، محذرة "من إراقة قطرة واحدة من دماء الشعب".

وشهدت الخرطوم فجر الإثنين، سلسلة اعتقالات مكثفة طالت عددا من الوزراء في الحكومة الحالية، وقادة من قوى إعلان الحرية والتغيير (المكون المدني للائتلاف الحاكم). وافديد بانقطاع خدمة الإنترنت والكهرباء والهاتف في أجزاء واسعة من العاصمة.

وشملت الاعتقالات قيادات في أحزاب "البعث العربي الاشتراكي" و"التجمع الاتحادي" و"المؤتمر السوداني". ولاحقا أعلنت وزارة الإعلام السودانية لاحقا، عبر حسابها الموثق على "تويتر"، أن قوة من الجيش السوداني اعتقلت حمدوك بعد رفضه تأييد ما وصفته بـ"الانقلاب".

وقالت وزارة الثقافة والإعلام السودانية، عبر حسابها الموثق على "فيسبوك"، إن "قوات عسكرية مشتركة تقتحم مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، وتحتجز عددا من العاملين فيه"، دون مزيد من التفاصيل.

وقالت مصادر ان رئيس مجلس السيادة في السودان عبدالفتاح البرهان سيدلي ببيان حول مستجدات الأوضاع بالبلاد.

وقالت وزيرة الخارجية في تصريحاتها لقناة العربية إن "احتجاز رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في جهة غير معلومة أمر خطير جدا وغير مقبول"، مضيفة: "لا أعتقد أن حمدوك سيقبل الإملاءات لإقالة حكومته".

وأشارت إلى أن "حزب الأمة تحاور مع كافة الأطراف للخروج من الأزمة الحالية"، معتبرة أن "هناك قضايا حقيقية تستوجب الحوار للتوصل لحل بدون إساءات".

وأضافت: "لا نقبل بعمليات الإقصاء أو الإرهاب الفكري بين الأطراف في السودان"، مؤكدة أن "حزب الأمة يرفض أي انقلاب من أي جهة كانت".

تظاهرات حاشدة

وفي الاثناء، خرجت حشود من السودانيين إلى شوارع العاصمة الخرطوم تنديدا بما اعتبرته انقلابا نفذه الجيش.

وأظهرت مقاطع فيديو عبر البث المباشر خروج حشود من المواطنين إلى ميادين وشوارع في الخرطوم؛ وتصاعدت الأدخنة بكثافة جراء إضرام المحتجين النيران في إطارات سيارات لقطع طرق الرئيسية، والحيلولة دون تمكن قوات الأمن من تفريق الحشود.

وردد المتظاهرون هتافات من قبيل "بالروح بالدم.. نفديك يا سودان".. و"لن يحكمنا البرهان"، في إشارة إلى رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.

ودعت عدة قوى سياسية، عبر بيانات منفصلة، المواطنين للعصيان المدني والخروج للشوارع احتجاجات على التحركات الأخيرة من قبل، ومنها "تجمع المهنيين" وأحزاب "المؤتمر" و"الأمة القومي" و"الشيوعي".

وتأتي هذه التطورات بعد ساعات من إعلان المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي "جيفري فيلتمان"، عن تفاؤله بوجود مخرج للأزمة الحالية في السودان، وذلك عقب لقائه حمدوك ورئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان في العاصمة الخرطوم.

ومنذ أسابيع، تصاعد توتر بين المكونين العسكري والمدني بالسلطة الانتقالية؛ بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.

ويعيش السودان، منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام.

قلق ورفض دولي

أثارت التطورات التي يشهدها السودان منذ فجر الإثنين، قلقا ورفضا عالميين، حيث سارعت الولايات المتحدةلإعلان "رفضها القاطع" لما وصفته "استيلاء الجيش على الحكومة الانتقالية" في السودان وهددت بقطع المساعدات عنها في حال فرض أي تغييرات بالقوة.

وقال مبعوث الولايات المتحدة للقرن الإفريقي جيفري في تغريدة نقلها مكتب الشؤون الإفريقية بوزارة الخارجية الأمريكية، إن "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن استيلاء عسكري على الحكومة الانتقالية".

وأضاف: "هذا مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني وغير مقبول بتاتا".

وتابع فيلتمان: "كما قلنا مرارًا، فإن أي تغييرات في الحكومة الانتقالية بالقوة تعرض المساعدة الأمريكية للخطر".

بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء التطورات في السودان، داعيا لإعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح.

وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في تغريدة على تويتر: "نتابع بقلق بالغ الأحداث الجارية في السودان".

وأضاف: "الاتحاد الأوروبي يدعو جميع المعنيين والشركاء الإقليميين لإعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح".

من جهتها، أعربت جامعة الدول العربية أيضا عن بالغ قلقها إزاء الأحداث التي يشهدها السودان.

وقالت في بيان إن "الجامعة العربية تعرب عن بالغ القلق إزاء تطورات الأوضاع في السودان، وتطالب جميع الأطراف بالتقيد الكامل بالوثيقة الدستورية التي تم توقيعها في أغسطس (آب) 2019، واتفاق جوبا للسلام لعام 2020".

كذلك اتخذت منظمة التعاون الإسلامي موقفا مماثلا من الأحداث التي يشهدها السودان، وأعربت في بيان عن قلقها إزاء تطورات الوضع هناك ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام بالوثيقة الدستورية واتفاقات الفترة الانتقالية

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن