تعيد الدول العربية حساباتها الاقتصادية والسياسية، منذ بدات نذر الحرب في اوكرانيا تنجلي وتتضح بشكل اكبر، العالم العربي يعتمد بشكل كبير على القمح الروسي والاوكراني، فيما تنسق اسرائيل مع موسكو في سورية ولا تريد خسارة هذا التناغم، وعليه فان نشوب حرب عسكرية واقتصادية ستنعكس مباشرة على المنطقة ، وباجماع الاغلبية فان الانعكاس سلبي رغم البعد الجغرافي.
احتراق اكبر مصدري القمح الى العرب
تعدّ منطقة البحر الأسود (روسيا وأوكرانيا ورومانيا) هي المورد الرئيسي للقمح لعدد من الدول العربية. وتحديداً، وذلك مهم للغاية، القمح الرخيص، ويمكن رصد الدور التنافسي الذي تلعبه أوكرانيا مع روسيا كمصدر أساسي للمواد الغذائية الأساسية (حبوب، زيوت، لحوم) لعدد كبير من الدول العربية التي تعتمد على واردات القمح عبر البحر الأسود، والذي يوجد بدوره في قلب التوتر العسكري.
وفي الآونة الأخيرة، توجّه أكثر من 40% من شحنات الذرة والقمح السنوية لأوكرانيا إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا، كما أدّت موجات الجفاف التاريخية في تلك البلدان العام الماضي إلى تفاقم الاحتياجات من الحبوب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية
سماء #أوكرانيا خالية من الطائرات المدنية بعد بدء الهجوم العسكري الروسي#روسيا #الحرب_الروسية_الأوكرانية pic.twitter.com/mG3MnBOXnW
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) February 24, 2022
مصر اكبر المتضررين
تعد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم اشترت حوالي 50 في المائة من مشترياتها من القمح العام الماضي من روسيا وحوالي 30 في المائة من أوكرانيا. أي أن واردات مصر من القمح من البلدين تشكل 80 في المائة من احتياجاتها من هذه المادة الأساسية التي يعتمد عليها حوالي ثلثي سكان البلاد.
وتشكل أوكرانيا المصدر الرئيسي للقمح إلى لبنان بنسبة حوالي 50 في المائة من احتياجاته، و43 و22 في المائة من احتياجات كل من ليبيا واليمن. وتبلغ نسبة واردات المغرب من القمح 26 في المائة، وهي نسبة تضع أوكرانيا كمصدر رئيسي.
أما الجزائر فان روسيا هي المزود الرئيسي من القمح وتليها أوكرانيا، بينما تراجعت مكانة فرنسا مؤخرا كمزود بالقمح للسوق الجزائرية، بسبب التوتر في العلاقات.
وحسب تقارير رسمية، لدى كل من مصر والمغرب احتياطي من القمح يكفي 4 إلى خمسة أشهر. فيما تواجه تونس منذ العام الماضي أزمة حبوب بسبب تراجع قدرة البلد على الاستيراد والأزمة المالية والسياسية التي يواجهها.
وقد باشرت الجزائر ومصر والمغرب، سنّ تدابير طارئة للتكيّف مع احتمالات إرتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، لطالما ارتبطت في دول عربية عديدة باضطرابات اجتماعية وسياسية.
ارتفاع القمح اطلق شرارة الربيع العربي
بطريقة أو بأخرى، كان ارتفاع أسعار الحبوب العالمية في 2010-2011 من بين العوامل الموضوعية التي أدت إلى الربيع العربي. هذا العام، تواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها عالمياً، ومن المحتمل أن تسهل عملية ضخ الأموال غير المغطاة بمعدلات فلكية من قبل البنوك المركزية الغربية. وقد بدأت هذه التريليونات المطبوعة حديثاً في التسرب فعلياً إلى أسواق الأصول العينية.
وفيما يلي جدول بقيمة الصادرات/الواردات من أوكرانيا للدول العربية لعام 2018 (بالمليون دولار) حسب ما اورد المحلل السياسي الروسي ألكسندر نازاروف
مصر 100/1600
المملكة العربية السعودية 190/750
العراق 200/640
الإمارات العربية المتحدة 80/490
لبنان 2/400
تونس 20/390
المغرب 40/360
ليبيا 100/330
الأردن 10/160
اليمن 1/100
قطر 8/60
موريتانيا 5/60
عمان 7/6
السودان 50/--
الكويت 5/20
البحرين 10/--
سوريا 4/8
وللمقارنة
روسيا 8000/3700
تركيا 1700/2400
ألمانيا 6000/2200
الصين 7600/2200
الولايات المتحدة الأمريكية 3000/1100
هل يعوض الغاز العربي ما تنتجه روسيا؟
وقد باشرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بالفعل اتصالات مع عدد دول في المنطقة، ومع شركات غربية عاملة في قطاعي الغاز والنفط هناك، لبحث فرص تزويد أوروبا بإمدادات من الطاقة كبدائل للغاز الروسي.
وضمن هذه الدول قطر وليبيا ومصر والجزائر. وقد أبدت بعض الدول منها قطر ومصر ملاحظات حول صعوبات قد تواجهها، بيد أن الضغوط فيما يبدو تتركز على الجزائر وليبيا القريبتين من أوروبا.
وبحسب تحليل لوكالة بلومبرغ الأمريكية فان الجزائر توجد في مقدمة البدائل المطروحة، باعتبارها مورد غاز رئيسي لكل من إيطاليا وإسبانيا، وثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج، وهو ما يعني أنها يمكن أن تكون وسيلة للتخفيف من حدة تأثيرات أي اضطراب محتمل في إمدادات الغاز الطبيعي الروسي. ورغم أن هذا الخيار يمكن أن يوفر للجزائر عائدات كبيرة تساعدها في مواجهة العجز المالي ويمنحها نفوذا ديبلوماسيا في أوروبا. فإنه يمكن أن يؤثر سلبيا على علاقاتها مع حليفها التقليدي روسيا.
قطر
وخلال زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد إلى واشنطن نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، بحث الجانبان خيارات تزويد دول الاتحاد الأوروبي بشحنات من الغاز الطبيعي المسال القطري في حال شنت روسيا حربا على أوكرانيا.
لكنْ مراقبون يرون أن تحويل الغاز القطري إلى دول الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى مزيد من الوقت، إضافة إلى أن قدرات قطر في ظل التزاماتها تجاه الدول المستوردة للغاز في آسيا وإفريقيا، ستظل بحدود تعويض جزئي لحاجة تلك الدول من الغاز الروسي.
العرب يطمحون لـ علاقات متوازنة
في هذه الأثناء، يبدو واضحا أن دول الشرق الأوسط، وبضمنها إسرائيل، معنية بالحفاظ على حياد في الأزمة الأوكرانية. فمن جهة، بالرغم من الإدراك أن الولايات المتحدة تقلص تدخلها في الشرق الأوسط، إلا أن معظم دول المنطقة تنظر إلى علاقات جيدة مع الإدارة الأميركية على أنها دعامة مركزية في مفهومها الأمني. ومن الجهة الأخرى، هي معنية بالحفاظ على علاقاتها مع روسيا، التي تعمقت في السنوات الأخيرة، وتشمل حاليا علاقات عسكرية وصفقات لشراء أسلحة روسية. وذلك إلى جانب ضلوع روسي عميق في الحرب في سورية، وفقا للدراسة.
المتغطي بأمريكا بردان..
— احمد حسن الزعبي (@alzoubi_ahmed) February 24, 2022
تخلعه كما تخلع جوربها البالي..
أ.ح.ز#الحرب_الروسية_الاوكرانية #روسيا_واوكرانيا #الحرب_العالمية_التالتة
تأثير الازمة الروسية الاوكرانية على اسرائيل
في دراسة، صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب حيث اوصت ببقاء اسرائيل على الحياد، فاميركا تضمن امنها، وموسكو تنسق معها في سورية، بالتالي لا داعي للوقوف مع اي طرف بالمواجهة الدائرة
لكن الدراسة أشارت أيضا إلى إمكانية أن تعزز الأزمة في أوروبا الشرقية أهمية الشرق الأوسط كمزود للطاقة بدلا من روسيا.
وأشارت الدراسة في هذا السياق إلى قطر والسعودية.
رؤية اسرائيلية لنتائج الصراع الاوكراني الروسي
وفي المستوى الإقليمي، اعتبرت الدراسة أن الأزمة في أوروبا الشرقية، وخاصة إذا تدهورت إلى حرب، "ستؤثر بصورة مباشرة على استقرار قسم من الدول في الشرق الأوسط، وبالأساس لكونها تعتمد بقدر كبير على التزود بمنتجات زراعية عموما وبالقمح خصوصا من أوكرانيا وروسيا". فمصر، على سبيل المثال، تشتري معظم الحبوب من روسيا وأوكرانيا، والأخيرة مزودة الذرة المركزية لمصر.
وهذا قد يدفع لرفع الاسعار واندلاع موجات الربيع العربي مجددا في دول ضعيفة، مثل سورية ولبنان وليبيا والعراق، وربما الأردن ومصر. وانعدام الاستقرار في دول كهذه من شأنه إضافة تحديات أمنية أمام إسرائيل، ويرجح أن تضطر إسرائيل نفسها إلى مواجهة تبعات ارتفاع أسعار الطاقة وتبعاته على غلاء المعيشة.
العقوبات الغربية على روسيا
وتشير الدراسة الى أن تعميق العقوبات الأميركية على روسيا، إثر هجوم روسي في أوكرانيا، "ستكون له تبعات سلبية على إسرائيل، قد توقف موسكو التنسيق العملياتي الروسي – الإسرائيلي وأن تحاول إحباط هجمات إسرائيلية في سورية بواسطة منظومات دفاع جوي وطائرات اعتراض روسية. وإلى جانب ذلك، من الجائز أن تمتنع روسيا عن لجم إيران وربما تشجيعها أيضا على تفعيل أذرعها، ليس ضد القوات الأميركية في روريا فقط، وإنما ضد إسرائيل أيضا".
وأوصت الدراسة الحكومة الإسرائيلية بالامتناع عن بيع أسلحة لأوكرانيا ودول مجاورة لروسيا، وخاصة أسلحة مضادة للدبابات، ومواصلة منع بيع "القبة الحديدية" من الجيش الأميركي لأوكرانيا.
روسيا رافد مهم للسلاح العربي
وفي السنوات القليلة الأخيرة قامت روسيا بخطوات لاستعادة مكانتها في دول عربية كان لديها نفوذ فيها أيام الإتحاد السوفييتي سابقا، وشكلت صفقات الأسلحة الطريق المعبد لتحقيق هذا الهدف.
ففي الجزائر ضاعفت روسيا صادراتها من السلاح للبلد المغاربي الكبير، وحافظت على وضعها كأول مزود للجيش الجزائري الذي يُخصص له سنويا ما يناهز 10 مليارات دولار يذهب معظمها إلى صانع السلاح الروسي وفق تقارير اعلامية المانية
وفي العراق، استعادت روسيا دورها كمزود بالسلاح رغم ما حدث من تحولات بعد الغزو الأمريكي للبلد وإعادة بناء الجيش وتسليحه من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. وإذا حصلت عقوبات ضد روسيا، فإن العراق قد يستفيد ماديا من بيع كميات أكبر من نفطه لتعويض النقص في السوق، لكنه سيكون من ناحية أخرى مدفوعا إلى البحث في أسواق جديدة كبدائل للذخيرة والسلاح الروسي الذي كان يستخدمه في حربه الداخلية ضد الجماعات الإرهابية.