تحالف عسكري جديد في شرق المتوسط.. قوة ثلاثية لمواجهة تركيا

تاريخ النشر: 18 ديسمبر 2025 - 05:04 GMT
_

كشفت تقارير يونانية عن بحث جارٍ لتأسيس قوة رد سريع مشتركة تضم اليونان والاحتلال الإسرائيلي وقبرص، بهدف حماية البنى التحتية الاستراتيجية في البحر والجو بشرق البحر المتوسط، في ظل تنامي النفوذ العسكري التركي في المنطقة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت التابعة للاحتلال الإسرائيلي عن مصادر يونانية أن أثينا تدرس، على خلفية تعاظم قدرات الجيش التركي خلال السنوات الأخيرة وتصاعد ما تصفه بـ”تهديد الاستقرار” في شرق المتوسط، مبادرات أمنية جديدة يُنظر إلى بعضها على أنها غير مسبوقة وفق المعايير الإقليمية. ومن بين هذه المبادرات، تبرز فكرة إنشاء قوة رد سريع مشتركة تتولى حماية البنى التحتية الحيوية البحرية والجوية.

وبحسب التقارير، شهد النقاش حول هذه المبادرات زخما إضافيا في أعقاب تصريحات رئيس هيئة الأركان العامة اليوناني ديميتريوس خوفيس، الذي تحدث علنا عن الحاجة إلى “تحركات وقائية”، وهي مقاربة ارتبطت سابقا أساسا بعقيدة الاحتلال الإسرائيلي. ويأتي ذلك في سياق تعميق التعاون الاستراتيجي بين أثينا والاحتلال الإسرائيلي، حيث يرى مسؤولون عسكريون ومحللون يونانيون أن هذا التعاون يحظى بتقدير متبادل، إذ يمنح الاحتلال عمقا استراتيجيا إضافيا، ويوفر لليونان ما يشبه “حاجزا أمنيا” في مواجهة السياسات الإقليمية لأنقرة.

ووفقا للتصورات قيد البحث، ستعمل القوة المشتركة على مستوى لواء، قوامه نحو 2500 مقاتل، بينهم ألف جندي من اليونان، وألف من الاحتلال الإسرائيلي، و500 من قبرص. وستُدعم القوة بوسائط بحرية وجوية تنطلق من قواعد في رودس أو كارباثوس، إضافة إلى قواعد في قبرص ومناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي. كما يجري الحديث عن تخصيص سربين جويين، أحدهما من سلاح الجو اليوناني والآخر من سلاح الجو التابع للاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب قدرات لوجستية وبنى تحتية مساندة.

وفي المجال البحري، ينصب التركيز على تأمين البنى التحتية الاستراتيجية، بما يشمل أنابيب الغاز وكابلات الاتصالات والكهرباء تحت سطح البحر. وتشير التقديرات إلى أن اليونان ستضع فرقاطة وغواصة في خدمة القوة، بينما يساهم الاحتلال الإسرائيلي بفرقاطة متطورة من فئة كورفيت وغواصة أخرى. وستنفذ هذه القوات مهامها إما بشكل مستقل أو ضمن تشكيل بحري متكامل، لضمان وجود دائم وقدرة ردع مستمرة.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “تا نيا” اليونانية عن المحلل الإسرائيلي شاي غال قوله إن المنطق الاستراتيجي للمبادرة لا يقوم على استهداف دولة بعينها، بل على “سد فراغ استراتيجي” في شرق المتوسط. وأضاف أن ساحة الصراع الحقيقية باتت تتمثل في البنى التحتية البحرية التي تغذي أوروبا، معتبرا أن باطن البحر أصبح خط المواجهة الفعلي، وليس الخرائط السطحية.

وتأتي هذه التطورات في ظل تنامي التعاون الإقليمي بشرق المتوسط، ولا سيما ضمن المحور الذي يضم الاحتلال الإسرائيلي واليونان وقبرص، في مجالات الطاقة والأمن البحري وحماية البنى التحتية الحيوية. وفي هذا الإطار، عقد قائد سلاح الجو التابع للاحتلال الإسرائيلي، اللواء تومر بار، الأسبوع الماضي اجتماعا ثلاثيا مع نظيريه من اليونان وقبرص، لبحث تعزيز التعاون الجوي والأمني. وتبدي المؤسسة العسكرية للاحتلال قلقا متزايدا من اتساع النفوذ التركي في شرق المتوسط، خاصة ما يتعلق بمخاوف من محاولات إغلاق مسارات الطيران المدنية والعسكرية شمال وشرق الحوض.

وينظر الاحتلال الإسرائيلي إلى التحالف مع اليونان وقبرص باعتباره خيارا استراتيجيا بعيدا المدى. وتمتلك اليونان قوات جوية متقدمة تضم مقاتلات F-35 ونسخا مطورة من F-16، فيما تعتمد قبرص على قوة جوية أصغر قوامها أساسا المروحيات القتالية والنقل. وخلال المواجهة الأخيرة مع إيران، استُخدمت مطارات في قبرص وألبانيا كقواعد طوارئ لأساطيل الطيران المدني التابعة لشركات الاحتلال، كما سبق أن تدرب سلاح الجو التابع للاحتلال على استخدام مدارج قبرص كبديل في حال تعرض قواعده لهجمات صاروخية. وفي هذا السياق، يُتوقع عقد قمة ثلاثية في الأراضي المحتلة تجمع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مع رئيسي وزراء اليونان وقبرص.

وبالتوازي، أفادت تقارير يونانية بانتقال منظومة الصواريخ الإسرائيلية Spike NLOS، المعروفة باسم “الرمح الطويل”، في الجيش البري اليوناني من مرحلة الشراء إلى مرحلة التكامل العملياتي. وتهدف أثينا إلى تحقيق الجاهزية العملياتية الكاملة للمنظومة بحلول الصيف المقبل، مع تركيز على نشرها في جزر شرق بحر إيجة ومنطقة نهر إيفروس. ووفقا للتقارير، لا يقتصر الأمر على امتلاك صواريخ بعيدة المدى، بل يشمل دمجها ضمن منظومة متكاملة للقيادة والسيطرة وأجهزة الاستشعار.