هاجمت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الاوضاع السياسية في البلاد العربية قائلة ان الانظمة الحاكمة تطغى على كل مجالات الحياة مستغلة الدين في كسب شرعيتها.
وقالت دراسة عن (التربية على حقوق الانسان) في المنطقة انه في "الدول العربية على اختلافها وتنوعها... فان حضور الدولة ظل طاغيا على كل المجالات والفصل بين السلطات يكاد يكون منعدما والمعارضة كثيرا ما تكون صورية. وقد أثر هذا الامر في النظام التربوي تأثيرا بالغا فباتت المؤسسات التربوية فضاء لتكريس الخطاب الرسمي وتمجيد أصحابه والتغني بانجازاتهم."
ودعت الدراسة الى استقلال المؤسسة التربوية كي يستطيع الخبراء اعداد برامج تهتم بالنشء وتمنحهم ملكة التفكير وتتيح لهم فرصة المقارنة بين النظم والقوانين المحلية والمواثيق الدولية في مجال حقوق الانسان.
وكانت المنظمة قد أجرت الدراسة التي جاءت في 47 صفحة بناء على قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب في أذار/ مارس 2003.
وهاجمت الدراسة استغلال الدين سواء من قبل الانظمة الحاكمة أو المعارضة الامر الذي تراه قد أدى الى ترسيخ الثنائية في النظر الى العالم مطالبة بفصل الدين عن "أمور الدنيا".
وتابعت "الخطاب السياسي الرسمي في البلاد العربية الاسلامية كثيرا ما يبحث له عن شرعية في الدين. والخطاب السياسي المضاد في البلاد العربية الاسلامية كثيرا ما يبحث له هو الاخر عن شرعية في الدين فكان من تبعات ذلك أن تؤول الناس الدين وفق المذهب الذي ينادون به. فكفر الخطاب السياسي الرسمي
المعارضين له وكفر الخطاب السياسي المضاد الحاكمين وأصحاب السلطان.
"هذا الوضع الذي يسود البلاد العربية والاسلامية في الداخل على مستوى خطابها الرسمي والخطاب المضاد فيها... هو نفسه الوضع الذي يسود في مجال التربية على حقوق الانسان التي كثيرا ما خضعت لثنائية طرفاها الغرب والبلاد العربية الاسلامية."
وطالبت الدراسة بالاقتصار على تدريس الايات القرانية التي تخدم غرض التوحيد بين الافراد. وقالت "الدين اذا أريد له أن يكون خادما للتربية على حقوق الانسان لا بد أن يكون خادما لحرية الرأي والمعتقد وأن تقدم فيه الايات التي تجمع ولا تفرق."
وأفادت الدراسة أن التلاميذ يواجهون تناقضا بين ما يدرسونه وبين الواقع المعيش. وتابعت أنه من المواد التي تنفر التلاميذ من الدروس مادة التربية المدنية (الوطنية) لان التلميذ "لا يرى مجلسا يقضي في الامور ولا رئيسا يتبدل بعد كم من السنين ولا قانونا يحكم البلاد غير صورة الزعيم الذي يرى في الشارع والتلفزيون ودور السينما والثقافة وحتى المساجد أحيانا."
أما التاريخ فتراه الدراسة مادة لتكريس كراهية الاخر المستعمر رغم أن هذا المستعمر أصبح شريكا تجاريا يلقى كل ترحيب اليوم.
كما تعرضت الدراسة للتمييز بين الرجل والمرأة التي تصور على أنها كائن سلبي مهمش مطالبة بالمساواة بين نصفي المجتمع حتى يستطيع أن يحقق التطور التام. وهاجمت التعدي على حقوق الطفل وعلى حرمته وكرامته.
وأشارت الدراسة الى العلاقة بين السلطات وبين منظمات المجتمع المدني أو الجمعيات قائلة انه عندما تفشل الانظمة في الهيمنة على تلك المنظمات تصمها بالخيانة والعمالة لقوى أجنبية.
وتابعت أن الواقع العربي يتحدث عن صعوبة العمل المشترك بين الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني واذا اختلفت الحكومات مع المنظمات تأزمت العلاقة بينهما واتهمت المنظمات بالتعامل مع القوى الاجنبية وبشتى التهم التي تصل أحيانا الى التكفير أو الخيانة العظمى.
وتظهر الدراسة حالة اليأس التي تكتنف المنطقة مشيرة الى أن الانظمة العربية تستغل الهجوم على الغرب في تكريس انتهاكها لحقوق الانسان.
وأضافت "لا شيء في العالم اليوم ينبيء بخير ولا شيء فيه يسهل عملية نشر حقوق الانسان والتربية عليها في بلاد تنتمي الى قارات الفقر والضعف وتعيش الحرب الدائمة الضروس وبين شعوب تسعى الى تقرير المصير فلا ترى غير الاحتلال والقمع باسم العولمة... ويشعر العربي بالاضطهاد ويشعر المسلم
بالاضطهاد."
وتابعت أن ما يحدث اليوم يؤكد "أن الطريق الى حقوق الانسان ليست أمرا بسيطا وأن تطبيقها أمر مركب معقد يزداد كل يوم تركيبا وتعقيدا."
وتتهم الدراسة الانظمة العربية باستغلال الهجوم على المبادرات الغربية المطالبة بالاصلاح في تكريس التنصل من تطبيق حقوق الانسان "هذا الرفض الذي في ظاهره عفويا قد تم استغلاله من قبل أنظمتنا التسلطية بشكل مبدع. فذلك الرفض لا يتوقف عند الهجوم على مصداقية الغرب في تمسكه بحقوق الانسان ولكن يتعداه ويتجاوزه لرفض الالتزام بحقوق الانسان بل واستخدام الهجوم على الغرب وطرحه الانساني ذريعة للتنصل من مسؤولية دولنا تجاه المواطن وتجاه العدالة وتجاه حقوق الانسان—(البوابة)-=(مصادر متعددة)