في ذكرى النكبة: أم الأسرى الفلسطينيين... "العرب واليهود تآمروا علينا"

تاريخ النشر: 15 مايو 2013 - 02:47 GMT
لا يزال الفلسطينييون يعيشون على أمل العودة واسترجاع الأرض والحق والمقدسات.
لا يزال الفلسطينييون يعيشون على أمل العودة واسترجاع الأرض والحق والمقدسات.

يصادف اليوم الأربعاء الخامس عشر من مايو الذكرى الخامسة والستين ليوم «نكبة» الفلسطينيين، يوم هجروا قسرا من وطنهم، ونشأت دولة إسرائيل، وغابت فلسطين إلا من ذاكرة ملايين البشر الذين شاءت لهم الأقدار أن يسكنوا قلب التاريخ ليشكلوا عنوانا كبيرا لمأساة أجيال أصروا على أن تبقى قضيتهم حية إلى حين انبعاث مجدهم وحضارتهم ودولتهم من جديد.

ففي مثل هذا اليوم من عام 1948 شنت مجموعات صهيونية أشهرها «شتيرن والارغون والهاغاناة» حربا شاملة على الفلسطينيين تخللتها سلسلة مذابح بحقهم واندحار من قبل عدد من الجيوش العربية التي دخلت لإنقاذ فلسطين وانتهت بانتصار تلك المجموعات وإعلان قيام دولة إسرائيل بعد أن احتلت تلك المجموعات نحو ثلثي فلسطين. ولقي ما يقارب عشرة آلاف فلسطيني مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل نفذتها تلك الحركات الصهيونية، فيما أصيب ثلاثة أضعاف هذا الرقم بجروح وهاجر 70 % من سكان فلسطين أي ما يقارب الـ«850» ألف فلسطيني، توجه «200» ألف منهم إلى قطاع غزة.. فيما توزع الباقون على الدول المحيطة بفلسطين وبعض الدول العربية ودول العالم، وأخليت نحو 20 مدينة و400 قرية من سكانها وباتت أملاكها ومزارعها جزءا من الدولة الجديدة. والنكبة الفلسطينية ليست حدثا عاديا يسقط بالتقادم، حيث فقد الفلسطينيون بسببها جزءا مؤثراً ومهماً من أرضهم ومقدساتهم وهويتهم.. فيما لا يزالون يعيشون على أمل العودة واسترجاع  الأرض والحق والمقدسات.

وفي هذه الذكرى التقت مراسلة وكالة الأنباء القطرية (قنا) في غزة بالحاجة أم جبر وشاح، العجوز الثمانينية التي ترسم تجاعيد وجهها خريطة طريق الألم واللجوء وكأن كل التفاصيل تنتفض لتحكي رواية وحكاية وقصة وتاريخا. أم جبر وشاح الملقبة بأم الأسرى الفلسطينيين، والتي لا تختلف قصتها عن قصة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، تروي لـ«قنا» وهي تحمل بيدها مفتاح دارها في قرية «بيت عفا» الصغيرة، كيف خرجت من بيت عفا وهي في العشرين من العمر وها هي اليوم تجاوزت الثمانين عاما من رحلة اللجوء.. موضحة «أن العرب واليهود تآمروا علينا.. قالوا لنا اتركوا بيوتكم وستعودون بعد أسبوع وها هو الأسبوع امتد ليصبح أكثر من ستين عاما». وتقول: حاولت أن أبني بيتا يشبه بيتي في «بيت عفا» وبنيت فرنا طينيا.. كما أنني لا زلت أحتفظ بطاحونة القمح ولا زلت أحتفظ بمفتاح الدار وسأعود لداري وإن لم أعد سيعود أبنائي وأحفادي.. فأنا خرجت من بيت عفا بثلاثة أبناء ولديّ الآن أكثر من خمسين ابنا وحفيدا. وتتحدث أم جبر عن حياتهم قبل النكبة وتقول: «كانت حياتنا هادئة قبل النكبة الفلسطينية وقبل أن يحتل اليهود ديارنا.. لم يكن ينقصنا شيء كما لم نكن نعرف ما معنى الفقر».

وتتابع: لا أستطيع أن أنسى البيادر في قريتي «بيت عفا» ولا رائحة البرتقال والشمام.. كانت أراضينا واسعة خضراء تمتد على قدر مد البصر. وتشير أم جبر إلى أن ما عكر صفو حياتهم هو الانتداب البريطاني، حيث بدأ الإنجليز بفرض الضرائب على الفقراء والأراضي الزراعية. «أصبحنا نزرع ونحصد ولكن ما نجنيه من الزراعة ندفعه ضرائب.. حتى أن الأموال التي نملكها لم تعد تكفي لتسديد الضرائب.. من هنا بدأنا نشعر بالظلم». وتتحدث كيف كان الإنجليز يحفرون الأنفاق تحت الأرض ليستقدموا من خلالها اليهود إلى فلسطين.. مضيفة: قبل الهجرة كانت عائلات يهودية تعيش معنا وكانت تربطنا بهم علاقات طيبة.. وكنا نتبادل معهم الأفراح والأحزان.. كانوا في ذلك الحين يشاركوننا في السراء والضراء، إلا أن من يسمون «بن غوريون وجولدا مائير وشارون وشامير» كانوا يعملون جاهدين حتى يقتلعونا من أرضنا ويزرعوهم هم في مكاننا. وتتحدث أم الأسرى الفلسطينيين أيضا عن رواية العذاب الفلسطيني قائلة: «بدأت مشاكلنا قبل النكبة بعام واحد أي عام 1947 عندما رفضنا أن يشاركنا اليهود دولتنا وأن نقسم فلسطين دولتين.. حيث دار حديث في ذلك الحين عن أنهم ينوون إقامة دولة يهودية تمتد من قرية سدود حتى شمال فلسطين.. فيما تمتد دولة الفلسطينيين من قرية سدود حتى حدود دولة مصر وهذا ما رفضناه». بدؤوا يأتون بجماعات «الهاغاناة» المسلحين ونحن لم نكن نمتلك السلاح ولكن الشباب تصدوا لهم، ومن هنا بدأت مقاومة الثوار الفلسطينيين الذين كانوا ينزلون من الجبال ويقاتلون ثم يعودون للجبال مرة أخرى.

وعن يوم النكبة والهجرة القسرية تقول أم جبر: «قتلوا الأطفال والشيوخ والشباب وبقروا بطون الحوامل واغتصبوا الفتيات.. نفذوا مجازر بشعة أرعبتنا.. خفنا أن يلحق بنا ما لحق بمن سبقونا ورغم ذلك بقينا في بيوتنا إلى أن بدأ اليهود بتطويق البلد واشتعلت النيران في كل مكان، كانوا مجرمين لا رحمة في قلوبهم، قتلوا الناس في كل بلدة وقرية دخلوها خاصة الأطفال، وقاموا بأخذ الرجال في شاحنات أمام نسائهم وأطفالهم». وتقول: «من شدة الخوف هربنا من منازلنا وبدأنا نتنقل من بلدة إلى بلدة ومن قرية إلى قرية هاربين من وحشية الصهاينة.. قررنا مغادرة بيوتنا لمدة لا تتجاوز الأسبوع على يقين منا بالعودة بعد أن تهدأ الأوضاع». وتضيف: «أتذكر كيف كان الناس يهربون ويتجهون إلى اتجاهات بعيدة خوفا من القصف..

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن