مشكلة عدم الاستقرار ووجود بعض الخلايا المتطرفة في شبه جزيرة سيناء ليست وليدة اليوم، ولا من تداعيات الثورة التي قامت في 25 يناير عام 2011، أو تداعيات ما حدث في 3 يوليو، وإنما هي مشكلة متجذرة من زمن وعقود طويلة.
ويوجد في سيناء حسب دراسة للواء محمد علي زاهر الخبير الأمني والاستراتيجي، ما يقارب من 7 آلاف جهادي فروا من المواجهات التي كان يقوم بها نظام الرئيس مبارك في التسعينيات في فترة الإرهاب الأسود، حيث فر المتشددون إلى كهوف وجبال سيناء الوعرة جنوب رفح والشيخ زويد وشرق العريش وجبل الحلال وجبال سانت كاترين، الأمر الذي يؤكد أن مشكلة سيناء مستمرة منذ عهد الرئيس أنور السادات ثم الرئيس حسني مبارك وبالتالي في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي ربما قد دخل مع هذه الخلايا في هدنة وتعامل بالرفق معهم توطئة لتلبية مطالبهم وأرسل لهم الدكتور عماد عبد الغفور مساعده للتواصل المجتمعي أكثر من مرة للتحاور معهم وتطييب خاطرهم، وربما أخذ عليهم عهودًا بعدم استهداف خطوط الغاز أو أقسام الشرطة، وفند حججهم في لقاءات متعددة كللت بالنجاح في بداية حكم الرئيس مرسي الذي ذهب إليهم وحاور مشايخهم وعواقلهم لأول مرة في تاريخ الوطن، فوجدوا في هذا الرئيس الإسلامي صورة مغايرة في فهم لغتهم فتجاوبوا معه، وهو الأمر الذي أخذه العسكريون عليه حيث تربوا ورسخ في عقيدتهم أنه لا جدوى من الحوار والتفاهم مع الإرهابيين.
وقد رددت بعض الدوائر أن الرئيس مرسي كان غير مرحب بالعملية نسر التي كان يشنها الجيش فور اغتيال 16 مجندًا في رفح في رمضان قبل الماضي، لأنه كان يريد حل مشكلة سيناء بعيدًا عن الحلول الأمنية، كما طالب بالحفاظ على أرواح الجنود المختطفين وخاطفيهم، وهو الأمر الذي لستفز العسكريين كثيرًا، الذين بدؤوا يمتعضون من هذا الأسلوب الرئاسي الذي لم يتعودوا عليه من قبل، وخاصة في عهد الرئيس مبارك الذي استمر طويلاً والذي كان يعد التحاور والدخول في نقاش مع ما يسميهم إرهابيين مضيعة للوقت، ويتيح الفرص لهؤلاء المتشددين لتوفيق أوضاعهم وتغيير خططتهم. ولكن رجال الأحزاب والعديد من الخبراء أكدوا أن الحل الأمني لعلاج مشكلة سيناء، هو حل قاصر سيدخل الوطن في دائرة مفرغة من العنف والعنف المضاد.
وأكد المهندس جلال المرة، أمين عام حزب النور، في بيان الحزب تعقيبًا علي أحداث سيناء، أن الحل الأمني لمواجهة مشكلة سيناء لن يقضي على المشكلة وسيؤدي إلى مشاكل لا حصر لها من العنف والعنف المضاد ويزيد الأمور اشتعالاً واحتقانًا، وسيدخل الوطن في متاهات ونفق خطير ولابد من مراجعة النفس والبدء بحوار جاد ومتعمق مع كل أبناء سيناء ووضع رؤية متكاملة للخروج من المأزق بعيدًا عن استخدام القوة المفرطة والوسائل القمعية والمؤامراتية مع أبناء سيناء ستكون عاقبته مؤسفة على كل أبناء الوطن.
بينما يرى اللواء عادل طرفة، الخبير الاستراتيجي والعسكري، أن الحل الأمني هو العلاج الأكيد لكل من رفع السلاح في وجه القوات المسلحة والشرطة، فلا يعقل أن أرد بمن يرفع السلاح في وجهي بالتحاور، أما من يعي ويقدر المسؤولية يمكن التحاور والوصول إلى حلول توافقية دون الاقتصار على الحلول الأمنية، مشيرًا إلى أن العديد من الدول المجاورة ومنها إسرائيل لا تعتمد سوى على الحلول الأمنية التي لا تعرف سواها في مشوارها.
وقال: إن تنمية سيناء من كافة الجوانب التنموية وإشعارهم بأنهم جزء أصيل من الوطن من شأنه أن يقضي على العنف والتطرف. وأوضح د.عبدالعزيز عبدالله، رئيس حزب الثورة، أن الحلول الأمنية قاصرة بمفردها عن تحقيق الأهداف المرجوة، فلابد من أن تسير بجانبها حلول الحوار السياسي وسبل التعامل حتي مع المتطرفين، لأن استخدام القوة الغاشمة بلا هوادة نتائجه وخيمة على المدى البعيد وتقطع أواصر العلاقة الأخوية بين أبناء الوطن الواحد وثبت فشلها في العديد من الدول ولا مانع من الإنذارات وتوجيه النصح والجلوس للحوار مع شيوخ القبائل لمعرفة الفئة الضالة وتعريتها وأن تفتح الدولة ذراعيها لحل مشاكل أبناء الوطن سواء في سيناء وغيرها.