"مواطنو الرايخ" يقضّون مضجع ألمانيا.. فمن هم؟

تاريخ النشر: 07 ديسمبر 2022 - 01:47 GMT
"مواطنو الرايخ" يقضّون مضجع ألمانيا.. فمن هم؟

أفاقت ألمانيا الاربعاء، على انباء احباط "انقلاب" خططت له مجموعة مسلحة من حركة "مواطنو الرايخ" التي طالما اقضت مضجع السلطات، وكان يستهدف اطاحة نظام الحكم الحالي وإعلان ملكية يحلس على عرشها أمير هو هنري الثالث عشر. 

على مدى السنوات الماضية، كانت السلطات ترصد المنتمين الى حركة "مواطنو الرايخ (الامبراطورية)" وتنفذ بين الحين والاخر مداهمات واعتقالات في صفوفهم على امل انهاء حركتهم، او على الاقل احتواء خطرها.

لكن ما كان يحصل هو العكس تماما، حيث تواصل النمو المضطرد لاعداد المنتمين الى الحركة الرافضة للدولة الحديثة التي تأسست عقب انهيار النازية (الرايخ الثالث) عام 1945.

وعقب حملة مداهمات وصفتها الصحافة المحلية بانها من الاكبر في تاريخ ألمانيا الحديثة، اعلنت السلطات الاربعاء، اعتقال 25 شخصا ينتمون الى جماعة "ارهابية"، وكانوا يعتزمون شن هجمات مسلحة للسيطرة على مؤسسات سيادية في مقدمتها البرلمان.

وفي مؤشر على حجم وخطورة المخطط، فقد اعلنت السلطات ان الالاف من رجال الامن والشرطة شاركوا في المداهمات التي استهدفت عشرات العقارات في جميع انحاء البلاد، وتمخضت عن اعتقال 25 شخصا، اثنان منهم قبض عليهم في النمسا وايطاليا.

قالت وسائل اعلام محلية ان المتهم الرئيسي بمحاولة الانقلاب أمير من الحقبة الملكية الغابرة هو هنري الثالث عشر. 

قال المدّعون الالمان ان 27 شخصاً آخر يشتبه في انتمائهم لخلية إجرامية، هم ايضا مستهدفون في التحقيق بمحاولة الانقلاب التي قالت وسائل اعلام محلية ان المتهم الرئيسي فيها أمير من الحقبة الملكية الغابرة هو هنري الثالث عشر. 

وتعيد محاولة الانقلاب التي اعلنت السلطات احباطها الى الاذهان ما يعرف بـ انقلاب بير هول الفاشل الذي قاده الزعيم النازي أدولف هتلر مع حزبه من أجل الاستيلاء على السلطة في بافاريا وألمانيا قبل نحو مئة عام.

وكان هتلر قرر استخدام اسم الجنرال إريش لودندورف كواجهة في محاولة الانقلاب الفاشلة التي سجن لاحقا بسببها.

"مواطنو الرايخ" وحلم الامبراطورية

وفق رصد يعود الى العام 2018، قدرت السلطات بنحو 16 ألفا، عدد المنتمين الى "مواطنو الرايخ" الرافضة للدولة الألمانية الحديثة التي تأسست بعد انهيار النازية "الرايخ الثالث" على يد الحلفاء عقب الحرب العالمية الثانية سنة 1945.

""النسر الامبراطوري الالماني
النسر الامبراطوري الالماني

 

لكن مراقبين يرون ان اعدادهم باتت تجاوز ذلك بكثير الان، خصوصا في ظل استقطاب الحركة لنحو 5 الاف شخص جديد خلال العام 2017 وحده، وبنسبة زيادة تحاوزت 55 بالمئة.

غالبية اعضاء حركة مواطني الرايخ هم رجال من الشرائح الفقيرة الذين تبلغ اعمارهم 50 عاما في المتوسط، ويتحدرون من ولايتي بافاريا وبادن فورتمبيرغ جنوب البلاد، وكذلك ولاية شمال الراين وستفاليا.

ولا يعترف المنتمون الى حركة " مواطنو الرايخ " بالجمهورية الاتحادية التي تأسست عام 1949، ويعتبرونها فاقدة للسيادة من حيث انها قامت بصورة غير قانونية، ويتمسكون بحدود البلاد في عهد الرايخ الألماني قبل الحرب العالمية الثانية، والتي تضم حاليا أجزاء من بولندا وفرنسا. 

وعلى هذا المنوال، فهم لا يعترفون بمؤسسات الدولة وقوانينها، حيث لا يطيعون الشرطة ولا يدفعون الضرائب.  حتى انهم يرفضون حمل اية وثائق هوية رسمية، ويستبدلونها بما يطلقون عليه "هوية مواطني الرايخ" التي لا تعترف بها السلطات.

جيش سري 

حتى وقت قريب، كان ينظر الى حركة مواطنو الرايخ باعتبارها خليطا من مجموعات متنافسة ومتنوعة المشارب، حيث ان بعضها يعنى بالملابس التراثية او بالروحانيات والعلوم الغيبية.

""تقول تقارير ان بعض المنتمين لحركة "مواطنو الرايخ" يسعون الى تشكيل جيش سري
تقول تقارير ان بعض المنتمين لحركة "مواطنو الرايخ" يسعون الى تشكيل جيش سري

 

فيما ينخرط بعض افراد الحركة في أحزاب يمينية، أو يتصرفون كمتطرفين مستعدين للعنف "ذئاب منفردة" من منطلق أيديولوجيات معادية للسامية. 

وقد شهدت البلاد خلال السنوات الاخيرة اعتداءات من قبل بعض المنتمين الى الحركة، دفعت السلطات الى تصنيف عنفهم باعتباره تهديدا يتقدم على الخطر الجهادي.

ما يقلق السلطات اكثر من العقيدة والافكار التي يحملها هؤلاء، هو المعلومات التي تحدثت عن وجود مخطط لدى مجموعة مسلحة من داخل الحركة لتشكيل "جيش سري"، خصوصا في ولايات شرق ألمانيا استعدادا "لليوم الموعود".

وتنبع مخاوف السلطات خصوصا من حقيقة أن الكثير من افراد الحركة يملكون أسلحة بعضها مرخص قانونياً، وما يزيد عن 1000 منهم لديهم تراخيص لاقتناء أكثر من سلاح واحد.

أمير من عهد غابر

لا يعرف على وجه الدقة حتى الان علاقة الجيش السري الذي تحدثت عنه التقارير بمحاولة الانقلاب التي اعلنت السلطات احباطها الاربعاء، والتي يوصف الأمير هنري الثالث عشر بانه المتهم الرئيسي فيها.

""الأمير هنري الثالث عشر
الأمير هنري الثالث عشر

 

وبحسب السلطات، فان النظام الذي استهدف الانقلاب فرضه في البلاد، هو ملكي بامتياز وسيكون على رأسه الأمير المتحدر من عائلة رويس الملكية، وهو رجل اعمال يعمل في مجال العقارات يقيم في مدينة فرانكفورت بوسط البلاد.

كانت السلطات صنفت الامير الذي يبلغ من العمر 71 عاما ، باعتباره محل اشتباه بسبب تبنيه نظرية المؤامرة وأفكارا متطرفة معادية للدستور والدولة، على حد وصفها. 

وبينما لا يزال الغموض يلف كثيرا من جوانب شخصية الرجل، فقد اشارت وسائل اعلام الى بعض من افكاره التي يتبناها، والتي كشف عنها في خطاب عبر منصة "منتدى الوب العالمي" عام 2009.

وفي خطابه امام المنتدي الذي هو اجتماع سنوي لرواد "العالم الرقمي"، اتهم الأمير هنري الثالث عشر اليهود بتدمير النظام الملكي في المانيا، والماسونية بانها هي من حرض على الحرب العالمية الثانية. 

وكرر في الخطاب معتقدات "مواطني الرايخ" التي تؤكد بان المانيا الحالية "ليست دولة ذات سيادة"، وإن دستورها وضعه الحلفاء بعد الحرب، للسيطرة على البلاد.