والدة مجندة تعتبر تعذيب ابنتها للاسرى العراقيين مجرد تصرف 'صبياني' والاحتلال يكتفي بتوبيخ بعض الضباط

تاريخ النشر: 03 مايو 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

اعتبرت والدة مجندة اميركية مشاركة ابنتها في تعذيب الاسرى العراقيين مجرد تصرف "صبياني"، بينما اكتفى الجيش بتوبيخ عدد من الضباط المسؤولين على خلفية عمليات التعذيب هذه، والتي اعترف رئيس هيئة الاركان المشتركة ريتشارد مايرز انه لم يقرأ بعد تقريرا بشانها استكمله الجيش منذ شهرين. 

وكانت صور اسرى عراة في سجن ابو غريب وهم يتعرضون لتعذيب غير اخلاقي ومهين قد اذهلت المشاهدين في شتى انحاء العالم الاسبوع الماضي بعد أن اذاعتها شبكة (سي.بي.اس.) لاول مرة.  

وكان سجن ابو غريب الواقع على بعد 40 كيلومترا خارج بغداد معروفا بالتعذيب وعمليات الاعدام اثناء حكم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.  

وقالت والدة المجندة ليندي انغلاند التي نشرت صورها وهي تعذب اسرى عراقيين، ان ما فعلته ابنتها لم يعد تصرفات "صبيانية" معتبرة الامر برمته "نكتة كبيرة". 

لكن والدة المجندة الاحتياطية اقرت بان ابنتها كانت تدرك قبل وقت طويل من افتضاح امرها الاسبوع الماضي انها ستواجه متاعب جمة.  

وقالت ان سذاجة ليندي هي التي دفعتها الى ارتكاب هذا "الفعل الصبياني الغبي"، مؤكدة ان ذلك لا يبرر انزال عقوبة صارمة بها لا سيما ان العراقيين ليسوا اكثر رأفة بالاسرى الاميركيين.  

وتتحدر ليندي (21 عاما) من قرية فورت أشبي الصغيرة في ولاية ويست فيرجينيا.  

وقد ولدت لعامل سكك حديد في بيت صغير يقع على طريق تغطيه القمامة. 

وعرفت في القرية هي وشقيقتها بشغفهما باللهو وقتل الوقت بصيد طيور الرومي والمشاغبة على سائقي السيارات العابرة.  

وقالت والدة ليند ان ابنتها قالت في مكالمة أجرتها مع اهلها في كانون الثاني/يناير الفائت "علّي أن أبلغكم انني قد أواجه بعض المتاعب، لكني لا اريدكم أن تقلقوا".  

ولم يكن بوسع الفتاة ان تتعرض خلال الاتصال الى اية تفاصيل عن اسباب المتاعب المتوقعة هذه لان السلطات العسكرية حذرتها من الحديث عن "المخالفة". 

كما أن وزارة الدفاع الاميركية تتكتم على المعلومات ولم تتصل بذوي الاحتياطية حتى الآن لطمأنتهم. 

والوالدة التي كانت ترتدي قميصاً ارتسمت عليه صورة العلم الاميركي على شكل قلب، اتهمت سلطات بلادها بالاجحاف بحق ابنتها. فليندي برأي أمها التحقت بالجيش كمجندة احتياطية لغرضين: الحصول على نفقات الدراسة والسياحة في مناطق بعيدة عن قريتها المنسية.  

ويذكر أنها تخرجت من المدرسة الثانوية بدرجة شرف، وكانت تأمل في متابعة الدراسة.  

وقالت تيري إن كل ما ارادته ابنتها كان "رؤية العالم والذهاب الى الجامعة (بعد انتهاء الخدمة)، غير ان الحكومة (الاميركية) أدارت لها حالياً ظهرها والامر برمته هو عبارة عن نكتة كبيرة". 

وفي المخزن القريب من بيتها في القرية التي لا يزيد عدد سكانها عن الفي نسمة، لا تزال صورة المجندة ملصقة على لوحة الشرف.  

اما مقر محكمة مقاطعة مينرال التي تضم فورت اشبي، فصور ابناء المقاطعة من العسكريين العاملين في العراق بمن فيهم ليندي معلقة، تحت راية خفاقة كتب عليها بالخط العريض "نحن ابناء مقاطعة تشعر بالفخر". 

توبيخ ضباط ومايرز لم يقرأ التقرير 

وفي سياق متصل، فقد اعلن مسؤول عسكري اميركي كبير الاثنين ان الجيش وبخ ستة من كبار الضباط وضباط الصف فيما يتعلق بانتهاك حقوق السجناء في سجن ابو غريب خارج بغداد. 

وجاء الاعلان عن توبيخ الضباط وضباط الصف هؤلاء عقب تحقيق إداري أمر به الجنرال ريكاردو سانشيز قائد القوات الاميركية في العراق بشأن انتهاك حقوق المحتجزين في سجن ابو غريب غرب بغداد.  

وقال المسؤول الاميركي ان التأنيبات وهي أشد عقوبة كتابية يفرضها الجيش الاميركي ستبقى سرية ولن تعلن تفاصيل عن أسماء أو رتب المعاقبين. وتلقى شخص سابع خطاب لوما أخف فيما يتعلق بنفس الحادث. 

وقد اعترف رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة ريتشارد مايرز بانه لم يطلع بعد على تقرير ذكرت مجلة "نيويوركر" ان الجيش استكمله قبل شهرين واكد تعرض اسرى عراقيين لعمليات تعذيب "سادية" على يد الجنود الاميركيين.  

وقالت المجلة ان التقرير الداخلي الذي اعده الجيش يسجل بالوثائق تعرض الاسرى العراقيين "لانتهاكات جنائية سادية وسافرة ووحشية" على ايدي القوات الاميركية بما في ذلك الضرب والاعتداءات الجنسية.  

وقال مايرز انه لم يطلع بعد على التقرير. وعندما سئل كيف يمكن التأكد من ان مثل هذه الانتهاكات لا تمارس "بدأب" أجاب "لست متأكدا من ذلك".  

وقال ان الجيش يحقق في الامر في شتى أنحاء المنطقة بما في ذلك في العراق وافغانستان.  

وتابع مايرز في مقابلة مع شبكة تلفزيون (سي.بي.اس.) "اذا وجدنا ان الامر كذلك فعندئذ سنتخذ اجراء".  

وقال مايرز في مقابلة أخرى مع فوكس نيوز صنداي "طلبنا من رفاقنا في المخابرات العسكرية ان يبحثوا فيما اذا كان هناك اي ضغط يمارس (من المخابرات العسكرية أو المخابرات المركزية) كما زعم."  

واضاف "هناك سلسلة من التحقيقات الجارية... نعلم أن هناك تسلسلا قياديا وأنا متاكد من أنه سيؤخذ في الاعتبار... وأن الاشخاص المسؤولين سيحاسبون."  

وتشير مجلة نيويوركر في عددها الذي سيصدر في العاشر من ايار/مايو الى ان التقرير العسكري المؤلف من 53 صفحة يعرض بالتفصيل انتهاكات وقعت في سجن أبو غريب بين شهري تشرين الاول/اكتوبر وكانون الاول/ديسمبر بما في ذلك الضرب والاعتداءات الجنسية.  

وسئل مايرز لماذا لم يطلع بعد على هذا التقرير فقال "انه ما زال ياخذ طريقه في تسلسل (القيادة)."  

وقالت مجلة نيويوركر ان التقرير استكمل في أواخر شباط/فبراير وانه تقرير داخلي ليس مقصودا به ان يعلن على الجمهور.  

وشكك مايرز في نتائج تقرير الجيش كما وصفتها مجلة نيويوركر.  

وقال في مقابلة مع شبكة (ايه.بي.سي.) "لاأعرف شيئا عن هذا التقرير... هذا النوع من التقارير يمكن في كثير من الحالات أن يكون خاطئا الى ابعد حد."  

وكرر مايرز تصريحات للرئيس الاميركي جورج بوش قائلا انه يشعر بالاشمئزاز الشديد لصور الانتهاكات التي اثارت ادانة دولية وألحقت الضرر بالجهود الامريكية لكسب أصدقاء بالعراق وفي أنحاء الدول الاسلامية.  

وقال مايرز "من المؤسف حقا ان قلة من الاشخاص يمكن ان يشوهوا سمعة ربما مئات الالاف من الجنود والبحارة وافراد سلاح الجو ومشاة البحرية الموجودين هناك."  

ويفيد مقال مجلة نيويوركر الذي نشر في موقعها على الانترنت السبت بان تقرير الجيش يصف قائمة من الانتهاكات مثل صب سوائل كيماوية على المعتقلين وتعرض بعض المعتقلين للضرب بعصي المكانس والمقاعد وتهديد المعتقلين الرجال بالاغتصاب و"ايلاج مصباح كيماوي وربما عصا مكنسة في مؤخرة  

معتقل".  

وقالت المجلة في مقالها الذي كتبه سايمور هيرش ان تقرير الجيش الذي اعده الميجر جنرال انطونيو تاجوبا اعد بتصريح من اللفتنانت جنرال ريكاردو سانشيز قائد القوات الاميركية في العراق.  

ووجد تاجوبا ان المخابرات العسكرية حثت افراد الاحتياط بالشرطة العسكرية في سجن ابو غريب على تهيئة "الظروف البدنية والعقلية بحيث تكون مواتية لاستجواب الشهود".  

وقال مايرز ان القوات الاميركية لا "تؤدي عملها" من خلال انتهاك الاعراف الدولية أو قوانين الحرب.  

وأضاف لشبكة (سي.بي.اس.) "نحن لا نعذب الناس. نحن نريد الحصول على معلومات ولكن يتعين علينا عدم الخروج على الاعراف الدولية والقانون الدولي."  

وقال مايرز في مقابلات تلفزيونية أخرى الاحد انه واثق من عدم وجود انتهاكات متواصلة بما في ذلك في خليج غوانتانامو في كوبا حيث تحتجز الولايات المتحدة نحو 600 سجين في حربها المعلنة على الارهاب.—(البوابة)—(مصادر متعددة)