الأزمة القبرصية.. جرس إنذار للعرب

تاريخ النشر: 27 مارس 2013 - 10:46 GMT
يجب على العرب توخي الحذر عند الاستثمار في أوروبا على الأقل في الوقت الراهن
يجب على العرب توخي الحذر عند الاستثمار في أوروبا على الأقل في الوقت الراهن

قبرص الجزيرة المتوسطية الصغيرة التي بالكاد يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة، خرجت من عالم السياسة لتحتل العناوين الرئيسة في عالم الاقتصاد. الجزيرة كانت تذكر دائما كعنوان للصراع التركي – اليوناني، ونادراً ما ذكرت في عالم الاقتصاد إلا مع إعلانات للترويج السياحي، إلا أن العالم استيقظ ودون سابق إنذار ليجد قبرص على شفا إفلاس اقتصادي، ليكتشف أن نصف الودائع البنكية في الجزيرة تعود لروسيا، وليتعرف العالم على حقائق جديدة أبرزها أن الجزيرة تعد الخاصرة الأضعف للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بغسيل الأموال. ولكن ماذا عن الاستثمارات والودائع العربية في قبرص؟ وهل يمكن لها أن تتأثر سلباً بهذه الأزمة؟ الصحافي جوزيف بدوي المقيم في قبرص يعتبر أن الأزمة الراهنة مثلت ضربة مؤلمة للاقتصاد الوطني حتى وإن استطاع الخروج منها.

ويقول بحسب صحيفة "الاقتصادية" السعودية ان هناك نحو 12 فرعا لمصارف لبنانية في الجزيرة، وبالطبع فإن التعرف بشكل دقيق على إجمالي الودائع العربية في قبرص أمر صعب، ولكن بعض التقديرات المتاحة تشير إلى أن البنوك اللبنانية تضم ودائع بنحو 2.5 مليار دولار". ويضيف انه بغض النظر عن حجم تلك الودائع، فإن المؤكد أنها كانت ستتعرض لضربة كبيرة إذا ما كان الرئيس القبرصي قد نجح في تمرير اقتراحه بفرض ضرائب باهظة على الودائع التي تزيد على 100 ألف يورو. ويتابع: المنطقي أن يكون المودعون العرب في البنوك القبرصية من رجال الأعمال والمستثمرين وليس من صغار المودعين، وفي الأغلب فإن ودائعهم تتجاوز 100 ألف يورو للمودع.

ويعرب جوزيف عن قناعته بأن الاستثمار العربي في قبرص في الأجل القصير مشكوك فيه ويقول "التوقعات الرسمية والأوروبية تشير بشكل واضح إلى حاجة الجزيرة لثلاثة أعوام على الأقل للخروج من أزمتها، فمن ذا الذي سيأتي للاستثمار". لكن الأكاديمي والخبير الاقتصادي العربي في لندن ماهر عبد الله يعتقد أن قصر الأمر فقط على تقدير حجم الخسائر التي ستمنى بها الودائع العربية في قبرص جراء الأزمة سيعطي صورة مغلوطة عن قيمة الخسائر العربية. ويعلل ذلك قائلا "لا يمكن النظر للبنوك على أنها خزانة تودع فيها النقود فحسب، ففي أغلب الأحيان يكون النظر لحجم الاستثمارات التي يقوم بها البنك أكثر أهمية من النظر لودائعه". ويضيف انه حتى لو كانت البنوك العربية الموجودة في قبرص (وهي بالمناسبة ليست كلها لبنانية لأن هناك البنك الأهلي الأردني وبنك الأردن – الكويت)، أقول حتى لو كانت ودائع تلك البنوك العربية جميعها مغطاة من قبل بنوكها الرئيسة فإن الخسائر التي تتعرض لها ستؤثر سلبا في إجمالي الاستثمارات التي مولتها، وخاصة في قطاع السياحة المنتعش في الجزيرة. ويقول "الأزمة بأكملها تقلص فرص البنوك العربية في توسيع محفظتها الاستثمارية في قبرص مستقبلا، مما يضيق من هامش الربح المتوقع من جانب، ويزيد المخاطر على الوضع المالي للبنك بسبب ضعف التنوع في محفظته الاستثمارية من جانب آخر. وأعتقد أن احتمال تصفية بعض البنوك العربية لفروعها القبرصية قد يكون أمراً وارداً".

الأزمة القبرصية تأتي ضمن سلسلة من الأزمات التي يشهدها الاتحاد الأوروبي وأبرزها اليونان حتى الآن، وعلى الرغم من أن تتابع الأزمات في الاتحاد لم يصل إلى حد انفجاره التام من الداخل، وهوما يعود في الأساس إلى قدرة ألمانيا حتى الآن على جذب الدول المأزومة من هوية الإفلاس، إلا أن تشابك الاقتصاد الأوروبي يدفع البعض للتخوف من أن الأزمة القبرصية ربما تمتد إلى دول أخرى في الاتحاد مما سيترك انعكاسات سلبية على الاستثمارات العربية ليس في قبرص وإنما في البلدان الأوروبية الرئيسة مثل بريطانيا وفرنسا وإسبانيا. ويقول الدكتور مارتين أيسر أستاذ مادة الاقتصاد الدولي في جامعة إدنبرة الاسكتلندية" ربما يكون إجمالي حجم الودائع والاستثمارات العربية في قبرص محدود نسبيا بسبب صغر الحجم الاجمالي للاقتصاد القبرصي، أضف إلى ذلك التشوهات الضخمة في الهيكل الاقتصادي حيث إن التقديرات تشير إلى أن حجم الودائع البنكية يفوق خمسة أضعاف الناتج العام، وهذا ما دفع وزير المالية القبرصي إلى وصف الاقتصاد الوطني بـ "الكازينو". ويضيف الدكتور مارتين أن الانعكاس السلبي على المصالح العربية قد ينجم إذا ما تفاقمت الأزمة في قبرص واتسع نطاقها لتشمل بلدان جديدة، فهنا تبدأ المخاوف على الاستثمارات والودائع العربية والتي تقدر بالمليارات في البلدان الأوروبية. باختصار الأزمة القبرصية ربما تكون جرس إنذار للعرب بتوخي الحذر عند الاستثمار في أوروبا على الأقل في الوقت الراهن.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن