أكد النائب الاول لمدير صندوق النقد الدولي ديفيد ليبتون، انه من المؤسف لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، لن يكون لهم ان يشرعوا في هذه الاصلاحات الصعبة فقط حتى تدعم النمو على المدى المتوسط، انما عليها ان تحقق الاستقرار لاقتصاداتها على المدى المتوسط ايضا. ورد ليبتون سبب ذلك الى ان عملية التغيير الجارية حاليا ادت الى وقع اضطرابات كما ان التوجه السياسي والاقتصادي الجديد انشأ حالة من عدم اليقين في عدة جوانب بالنسبة لمنشآت الاعمال والمستثمرين. وبين ليبتون، أن صناع السياسات يواجهون تحديا آنيا يتمثل في ايجاد التوازن الصحيح بين ارضاء توقعات المواطنين المرتفعة وتنفيذ قرارات صعبة للسيطرة على المالية العامة وتقوية النظم المالية التي اصابها الضعف. والاسوأ من ذلك ان الظروف العالمية تجعل تحقيق الاستقرار اكثر صعوبة، فتباطؤ الاقتصاد العالمي ومظاهر عدم اليقين المستمرة في اوروبا، وارتفاع اسعار الغذاء والوقود، والصراع الدائر في سوريا، مع ما تشهده من خسائر مؤسفة في الارواح كل ذلك يهدد بالتأثير على المكاسب الهشة التي تحققت من حيث تحقيق الاستقرار في اقتصادات المنطقة خلال العام والنصف الماضيين.
وبالنسبة للقادة الجدد الذي يديرون التحول السياسي الصعب والمحاط بعدم اليقين – سواء كانوا منتخبين حديثا او مفوضين حديثا في اداء هذه المهمة – هناك تحد جسيم يواجههم في تحقيق الاستقرار والتحول. ويتوقع الصندوق ان يكون التعافي معتدلا في عام 2013 بالنسبة لبلدان التحول العربي، لكن النمو لن يكون كافيا لللابدء في تحقيق انجازات كبيرة في معالجة البطالة والمرتفعة. والاكثر من ذلك، ان الاحتياطيات المالية والخارجية قد تآكلت، وان هذه البلدان تواجه احتياجات تمويلية خارجية يتوقع ان تبلغ قيمتها 33 مليار دولار في العام القادم – وهو احتياج كبير لن يتسن استيفاؤه بالكامل من مصادر خاصة. وسوف يتطلب دعما مكثفا من الشركاء الثنائيين، سواء من المنطقة او من خارجها، وقروضا من المؤسسات المالية الدولية، ومنها الصندوق. ويعني هذا ايضا انه سيتعين على السياسة الاقتصادية الاختيار بين بدائل صعبة تتعلق بالمونازنة، فقد ازداد عجز المالية العامة في المنطقة منذ بداية الصحوة العربية.
واشار بيتون انه لا يمكن ان يتحقق الترشيد المالي دون الابتعاد عن عدم الكفاءة والدعم المكلف والتحول الى الدعم في الشرق الاوسط اشبه ما يكون بصفقة فاوست – دعم السلام الاجتماعي على المدى القصير في مقابل استنزاف الموارد بعيدا عن الاستثمار في التعليم والبنية التحية وغير ذلك من المجالات الرئيسية. وفي العام الماضي، تكلف دعم الاسعار في الشرق الاوسط وشمال افريقيا حوالي 210 مليار دولار، أي اكثر من 7% من اجمالي الناتج المحلي للمنطقة، والى جانب ارتفاع هذه التكلفة،فان هذا الدعم ليس كفؤا في مساندة الفقراء. واخيرا، بين ليبتون أن اقامة شبكة حديثة للامان الاجتماعي بدلا من الدعم غير الموجه، اصبح مطلب اساسيا اخر على جدول اعمال الاصلاح، وهو تخفيض الدعم غير الموجه الذي تحصل على معظمه الشرائح الخمسية العليا ضمن مستويات الدخل، حتى تتحرر اموال في الموازنة لاحتياجات الانفاق على البنية التحتية الصحية والتعليم، ويجب ان يصاحب هذا الاصلاح اقامة نظم حديثة وذات كفاءة لحماية اكثر الشرائح السكانية احتياجا. واود التأكيد على ضرورة ان يسبق الاصلاحات شرح واضح لان وفورات الدعم سوف تنفق على استثمارات عالية لقيمة وان الفقراء ستتحقق لهم الحماية.