تستخدم أميركا سلاح العقوبات الاقتصادية كأداة من أدوات السياسـة الخارجية ، هدفها إخضاع الدولة المستهدفة وكسر إرادتها. وحتى تاريخه فإن الامثلة كثيرة والنتائج مختلطة.
العقوبات الاقتصادية فرضت على إيران كبديل لشن حرب عليها لتدمير مشروعها النووي، فهل حققت أهدافها؟ اقتصادياً نعم ، سياسياً لا؟.
في إيران انخفض سعر صرف الريال بنسبة 40% خلال أسبوعين ، وارتفع التضخم (الغلاء) بنسبة 70% ، وأصبح الطعام والدواء ندرة ، وتحركت الجماهير في مظاهرات شعبية في قلب طهران ظن البعض أنها بداية ربيع فارسي سوف يعصف بالنظام القائم. لكن النظام الإيراني صمد ، ومشروعه النووي يمضي قدماً بسرعة أكبر ، ومعظم الإيرانيين يلومون أميركا ويحملونها المسؤولية عن الضائقة الاقتصادية.
كوبا كانت وما زالت ترزح تحت أقسى نظام للحصار والعقوبات الاقتصادية لمدة خمسين عاماً مما أدى إلى إفقار المواطنين ، وتخفيض مستوى معيشتهم ، ولكن نظام كاسترو ما زال قائماً حتى بعد أن انقطعت عنه منذ أكثر من عشرين عاماً كل المساعدات السوفيتية التي كانت تصل إلى مليارين من الدولارات سنوياً.
ما لا يستطيع أحد إنكاره أن العقوبات تخلق صعوبات شديدة في حياة الناس العاديين الذين لا يستطيعون الحصول على الغذاء والدواء ، ولكن تأثير هذه العقوبات تقتصر على المحكومين من أبناء الشعب المغلوبين على أمرهم ، أما الحكام فهم يتمتعون بكل شيء ويدخن بعضهم السيجار الكوبي ويأكلون الشوكولاته البلجيكية!.
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لا يريد إيران قوة نووية أخرى ، فهو يريد أن تظل إسرائيل تحتكر السلاح النووي في المنطقة ، ولكنه في الوقت نفسه لا يريد أن تتحمل إسرائيل وحدها عبء الحرب على إيران ، كما أنه يعرف محدودية إمكاناته ويريد جر أميركا إلى المعركة عن طريق رسم خط أحمر لضرب إيران عسكرياً إذا تجاوزته ، ولكن أميركا تعبت من الحروب العبثية في العراق وأفغانستان والقاعدة في باكستان ولا تريد التورط في حرب آخرى مع دولة إسلامية ثالثة أو رابعة.
الحرب على إيران ليست مستبعدة بشكل نهائي وخاصة بعد الانتخابات الرئاسية في أميركا ، ليس فقط من أجل ضرب مشروعها النووي ، فهناك حسابات أخرى تتطلب التصفية ، مثل دور إيران في سوريا ولبنان ، وتهديد الاستقرار في المنطقة ، والقدرة على حرق البترول العربي والتلويح بإغلاق مضيق هرمز.