يمكن اعطاء هذه المرحلة القائمة في ظل الأزمة السياسية والفراغ الحكومي، والتباين حول قانون الانتخابات، لقب مرحلة التراجع الشمولي بامتياز؛ من وضع المالية العامة إلى الخدمات، لا سيما الكهرباء، كذلك التراجع في المؤشرات الاقتصادية بشكل متسارع وقياسي لم يسبق أن حصل في السنوات القليلة الماضية نتيجة الجمود التجاري، وتقلص نمو الصادرات اللبنانية، مع الجمود الذي يصيب القدرة الشرائية لمداخيل الأسرة واستمرار موجة التضخم ولو بنسب أقل. أما الخلافات المقبلة ومصير «سلسلة الرتب والرواتب» للقطاع العام وقدرة المالية العامة على تأمين التمويل لما تبقى من العام 2013، فقد بات الأمر أكثر غموضاً على اعتبار أن «السلسلة» التي تعتبرها «الهيئات الاقتصادية» مرهقة للخزينة والموازنة، ما زالت رهينة صعوبة ترجمة مصادر التمويل بمشاريع قوانين، على الرغم من ان وزارة المال أنجزت المطلوب منها وفقاً لقرار مجلس الوزراء، ووضعت مشاريع قوانين للقضايا الواضحة بموجب القرار. أكثر من ذلك، فإن هذا الأمر يواجه صعوبة التضارب بين مصادر تمويل الموازنة وما هو مطلوب لتمويل «سلسلة الرواتب» للقطاع العام التي تنذر بعجز كبير ما لم تؤمن الإيرادات اللازمة.
إغفال وزارة العمل لـ«المنح المدرسية»
ويتعلق الموضوع الأهم بإغفال وزارة العمل لموضوع المنح المدرسية للقطاع الخاص التي كان يفترض دفعها لحوالي 600 ألف أجير وعامل في القطاع الخاص منذ أيلول الماضي نتيجة عدم اصدار المرسوم الموقت من قبل مجلس الوزراء مع زيادة غلاء المعيشة التي أعطيت منذ 1-2-2013 عن مؤشر غلاء العام 2012. وتم إغفال هذا الأمر بحجة غير مفهومة من قبل وزارة العمل، لا سيما أن هذه المنحة كانت تدفع سنوياً وبشكل دائم. لكن تعقيدات التشريعات عطلت دفع المنح، وسمحت للمدارس زيادة الأقساط التي أكلت أكثر من قيمة المنحة.
وهنا لابد من الأسئلة في ظل تزايد الضغط الاجتماعي مع تزايد الفراغ الذي يساهم بارتفاع منسوب الهدر و«التنفيعات» على حساب المال العام في التلزيمات التي يعرفها أكثر المسؤولين في غالبية وزارات الخدمات. فلماذا تعطل عملية إقرار المنح المدرسية ودفعها لثلثي الطبقة العاملة اللبنانية في ظل الضائقة الاقتصادية والاجتماعية؟
تنوع فصول أزمة التغذية بالتيار
شهدت المناطق اللبنانية خلال الأسبوع الماضي، وتشهد خلال الأيام المقبلة أسوأ مرحلة في تغذية الكهرباء منذ العاصفة التي فصلت المجوعات في معمل دير عمار، وحتى توقف معمل الزهراني الذي تعمل مجموعة واحدة فيه من أصل أكثر من 3 مجموعات نتيجة أعمال الصيانة الإلزامية. يضاف إلى ذلك معضلة أعطال الباخرة التركية «فاطمة غول» التي لم يستفد منها المشتركون منذ وصولها إلى لبنان، على أمل أن تعود إلى الإنتاج أوائل الشهر المقبل، في حال وصل «الفيول» في موعده المحدد.
في التفصيل الذي عاشته المناطق من بيروت إلى الضواحي الجنوبية والشمالية امتداداً إلى الجنوب وإقليم الخروب، والشمال والجبل، وبعض مناطق البقاع، على الرغم من محاولات الإفادة من عودة استجرار الكهرباء من سوريا التي لم تتضح مفاعيلها حتى اليوم.
في النتيجة، ان ساعات التغذية تدنت إلى أدنى مستوياتها خلال هذه الفترة من السنة لمجموعة عوامل منها:
1- ما هو بسبب العوامل الطبيعية.
2- ما هو غير الطبيعي، ويدخل في خانة التقصير والاستخفاف بمصالح الناس والمشتركين الذين يدفعون الفواتير مضاعفة نتيجة رفع أسعار اشتراكات المولدات الخاصة التي تخضع لبورصة تزايد التقنين، فتزيد معه لتأكل نصف الحد الأدنى للأجور في ظل الحد الأدنى من التغذية الرسمية.
هذا مع العلم أن عجز «مؤسسة كهرباء لبنان» الاسمي هو حوالي 2900 مليار ليرة حوالي ملياري دولار) والفعلي هو أكبر من ذلك نتيجة طريقة التلزيمات وتأخر المشاريع من جهة، واعتماد 85 دولاراً لسعر برميل النفط وهو تخطى 105 دولارات في معظم فترات السنة، مما يرفع العجز إلى أكثر من المقدر في موازنة الكهرباء. أما الحديث عن طريقة إدارة المشاريع والفراغ وتضارب الصلاحيات، فله مداخلات ووسائل أخرى لتناولها.
توزع الإنتاج الحالي بعد تراكم الأعطال
في المعلومات ان تراكم الأعطال بسبب الصيانة، وتوقف الباخرة، والأضرار الطبيعية، خفضت القدرة الإنتاجية لمعامل الإنتاج إلى ما دون الألف ميغاوات للمرة الأولى منذ سنوات، حيث خسرت طاقة المعامل بعد التوقف شبه الكلي لمعملي البداوي والزهراني أكثر من 450 ميغاوات على اعتبار أنهما المعملان الأساسيان في الإنتاج. وحسب المعلومات الأولية فقد توزع انتاج المعامل على الشكل الآتي:
- معمل دير عمار في طرابس: تدنى انتاجه من حوالي 443 ميغاوات، إلى حوالي 140 ميغاوات وهو يتحسن تدريجياً.
- معمل الزهراني: تدنت طاقته إلى حوالي 130 ميغاوات (بعدما كانت حوالي 230 ميغاوات، وهو يعمل اليوم على مجموعة واحدة)ز
- معمل صور: ينتج حالياً حوالي 30 ميغاوات.
- معمل بعلبك: ينتج حالياً حوالي 30 ميغاوات.
- معمل الذوق: تدنت قدرته إلى ما دون 150 ميغاوات، وهي كانت قبل «فاطمة غول» حوالي 172 ميغاوات.
- معمل الجية: ينتج حوالي 91 ميغاوات كما كان قبل الأزمة.
- معمل الحريشة: ينتج حوالي 33 ميغاوات (من دون تغيير عن الفترة السابقة للأزمة).
- معامل الإنتاج المائي: تنتج حوالي 198 ميغاوات.
- الباخرة التركية متوقفة، وكان يفترض أن تنتج حوالي 184 ميغاوات.
وهكذا يكون مجموع الطاقة الموضوعة على الشبكة حوالي 1000 ميغاوات، (في حال انجاز تصليح الأعطال) فيما الطلب يتجاوز 2500 ميغاوات في اليوم، ما رفع التقنين إلى أكثر من 18 ساعة يومياً في العديد من المناطق اللبنانية.
البورصة: تراجع قياسي في العدد والقيمة
تراجعت تداولات بورصة بيروت خلال الثلث الأول من العام 2013 مقارنة مع الثلث الأول من العام 2012، حوالي 21 في المئة من حيث العدد، حيث بلغت عدد الأسهم المتداولة حوالي 13 مليوناً و636 ألف سهم، مقابل حوالي 17 مليوناً و256 ألف سهم للفترة ذاتها من العام 2012. أما من حيث القيمة، فقد تراجعت التداولات من حوالي 126,1 مليون دولار إلى حوالي 88,5 مليون دولار بما قيمته حوالي 37,6 مليون دولار وبما نسبته 29,85 في المئة. هذا التراجع مرده إلى الظروف السياسية غير المستقرة.
بمعنى آخر أن المتوسط اليومي لتداولات البورصة تراجع من حوالي 1,5 مليون دولار إلى أقل من مليون دولار يومياً في العام 2013.
أما الرسملة السوقية للبورصة، فقد ارتفعت خلال الثلث الأول من العام 2013 إلى حوالي 11,5 مليار دولار مقابل حوالي 10,5 مليارات دولار في نهاية الثلث الأول من العام الماضي. هذا التحسن جاء نتيجة بعض الارتفاعات الطفيفة لأسعار الأسهم، وأبرزها أسهم بنك عودة المدرجة (ارتفع حوالي 11,3 في المئة) كذلك الأسهم التفضيلية وشهادات الإيداع، كذلك شهادات إيداع بلوم، وإدراج أسهم تفضيلية جديدة لبنك بيروت. لكن هذا الانخفاض في التداولات كان الأدنى مستوى خلال السنوات العشر الماضية، وفي حال تحسّن التطورات السياسية على الساحة اللبنانية، يمكن أن تكون سوق السندات اللبنانية أكثر جذباً لاهتمام المستثمرين الأجانب والعرب وحتى اللبنانيين من المتعاملين في السوق المالية.